🌹حب الذات🌹
إنّ المشكلة الكبرى التي تعاني منها منازلنا هي كره الذات وتوجيه اللوم لها وإهمالها طمعًا لإرضاء الذوات الأخرى ..
في الفترة الأخيرة شكت لي عدة نساءٍ عن إهمال الزوج أو الحبيب لهنّ .. وتركهنّ لأسبابٍ واهية ..أو بأقلّ تقدير عدم التقدير ..حيث قالت إحداهنّ : أنا أحببتُ شخصًا أكثر من نفسي وروحي .. وتنازلتُ عن الكثير من الأمور إرضاءً له ..
وقالت أخرى : أعاني من قلة اهتمام زوجي بي في كثيرٍ من المواقف .. وهو يقول أنه يحبني كثيرًا إلا أن المسؤوليات الكثيرة المطلوبة منه تشكل أساسًا في حياته .. ولا بدّ أن تكون كلمته هي العليا .. ويجب تنفيذ أوامره .. إنّ عمله هو الأهمّ !
وصرّحت أخرى : إن إهمال زوجي وأسلوبه القاسي .. جعلني أبحث عن الإهتمام والكلام المعسول في مكانٍ آخر .. حيث أحببتُ شخصًا آخر لأنه أطربني بكلماته الحانية .. وغزله الملفت الذي أشعرني بأنوثتي وكياني وأنني لا زلتُ بشرًا ولستُ آلةً للتنظيف وتربية الأولاد .. لكنّ ضميري يؤلمني !!
وإنْ تعددت الحالات .. فالمشكلة واحدةٌ وهي عدم حُبّ الذات وتقديرها .. بالرغم من أنها الأقرب إلينا إلا أنها الأبعد عن اهتماماتنا .. وما زاد الوضع سوءًا هو اللهجة القاسية وتوجيه اللوم الشديد لذواتنا .. وقد دعّمت الأديان هذا الواقع بحجة محاسبة النفس قبل النوم .. حتى أصبحت عدوّتنا بدل أن تكون صديقتنا الصادقة الصدوقة ..
وقد يتساءل البعض بشغف : كيف أحبّ ذاتي ؟ أليس هذا أنانية ؟؟!! ويأتي الجواب من لم يُحبّ نفسه حقًّا ، لا يمكن أن يُحبّ غيره .. فللحبّ مفاهيمُ أخرى ليست موضع بحثي الآن ..
ويأتي سؤالٌ ❔ آخر : كيف أُحبّ ذاتي ؟؟ كيف أتقرّب منها ؟ هل هي بعيدةٌ عني حقًّا ؟؟
ويكون الجواب : إنْ أشبعتَ نفسك حبًّا واهتماما وتقديرًا .. لن تبحث عن كلّ ذلك من أيّ شخصٍ آخر .. إن أردتَ أن تسلك طريق حُبّ الذات .. فعليك أولاً أن تعتذر إليها عن كمية الإهمال الذي أمطرْتَها به خلال السنوات التي مضت .. وبما أنها الأقرب إليك ستقبل اعتذارك مباشرةً .. ودون غنجٍ أو دلال ..
هل جرّبتَ يومًا أن تنظر إلى نفسك في المرآة وتخبرها كم تُحبّها ؟؟ هل جرّبتَ أن تحتضنها وترقص معها .. أو أن تبتسم لها بصدق ؟ إن كان التّبسّم في وجه أخيك صدقة .. فالتّبسّم في وجهك منجاةٌ وإشباع .. فالأغلب جائعٌ إلى مشاعر التقدير والإهتمام .. وصدِّقني أنت أمهر طاهٍ لذاتك …
أتعلم قد يبدو الأمر غريبًا ..ولكن من يُحبّ شخصًا يعامله بلطف .. فهل عاملتَ نفسك بلطف ؟؟ هل دلّلتَها ؟؟ هل مارستَ الرياضة ؟؟هل تعلّمتَ التنفس الصحيح (التنفس البطني )؟؟ هل جلستَ مع نفسك وأعطيتَها موعدًا في حديقةٍ جميلةٍ وتأمّلتَ الورود معها ؟؟
تغزّلْ بنفسك .. وأسمِعها الكلام المعسول ..(أنتِ جميلة .. أنتِ رائعة.. أنتِ الأهمّ) .. إزرع الورود .. وتنشّق العطور .. واسمع الموسيقى .. وسر في الطريق الذي يناسبك .. ويصقل شخصيتك .. إلمس جسدك بحنان .. واهتمّ به .. تناول الطعام اللذيذ .. وارتدِ الثياب المريحة .. لا تدع أيّ شيءٍ يزعجك ..
توقفّْ عن لوم نفسك .. وتحدّثْ إليها كطفلٍ صغير .. أخطأتِ هنا لا بأس يا حبيبتي .. دعينا نُصحّح الخطأ ..
سامحها وانسَ الماضي .. وافتح معها صفحةً جديدة .. فلا يمكن إحضار الماضي إلى حاضرنا .. ولكنّنا نملك الحاضر ونحن أسياده ..
لا تُخِفْ نفسك من النار والعقاب .. بل أمّلها بالجنّة واستبدل جبينك المقطّب بابتسامةٍ ساحرة ..
تقبّلْ ذاتك بسلبياتها قبل ايجابياتها .. فالسلب والايجاب شيءٌ نسبيّ .. ادعم الإيجاب ..واحتضن السلب حتى يلين ويتحول بقدرتك الخارقة إلى إيجابيات .. لا بأس إن كنتَ سمينًا أو نحيفًا قصيرًا أو طويلاً .. تقبّل القديسة كما هي .. وافخرْ بذلك !
لا تفعل الأشياء لتكون سعيدًا .. بل ابتسم لتفعل الأشياء بسعادة ..
إفرح .. أُرقص .. غنّ .. إستمعْ للموسيقى .. إقرأ الروايات التي تشحن طاقتك .. خصّصْ وقتًا لذاتك .. مارس الرياضة مهما كان نوعها .
وبعد كل ذلك .. أتحدّاك إن كنتَ ستبحث عن الحبّ في مكانٍ آخر .. فإنْ أتى كما يجب فأهلاً وسهلاً زيادة الخير خير .. وإنْ لم يأتِ فلا بأس .. لأنّ أغلى شيءٍ في الوجود يُحبّني .. وإن وصلت للنبع لا آبه للسواقي ..
أحبكِ يا ذاتي .. أُقدّسكِ يا حبيبتي ..
ليلى حيدر مظلوم
Discussion about this post