أشواق مهدي دومان
عالم أطلقوا عليه مواقع التّواصل الاجتماعي ، و نعم فيه تواصل روحي و تواصل الأرواح هو أعمّ من تسميته بالاجتماعي فهو تواصل سياسي ، فكري ، فنّي ، اقتصادي ، عاطفي ، عقائدي ، و كلّ ما للإنسان أن يعمل به و يؤمن به ؛ فالمتواصلون عبره من كلّ الفئات العمريّة و الدينيّة و…الخ .
مواقع التّواصل هذه بها سياسيّون و اجتماعيّون و فنانون و صناعيّون و أدباء و تربويّون و …الخ ؛
إذن فتسميته و عنونته بالاجتماعي هي قاصرة ، و لنا أن نمثّل بما يحدث معنا حين نتصل بهذا العالم فقد نجتمع مع و بأقرب النّاس لنا عائلات و أسر و حتّى إخوة و أخوات ، و لكنّنا حين نبدأ بما يسمّى : الأنترة فهذا الاجتماع لم يعد حقيقيّا و إنّما هو شكلي بينما ( المفسبك ) و ( الموتسب) منعزل عمّن يجلس بينهم، و متوحّد مع و بمن يتواصل بهم عبر هذا العالم الأثيري المسمّى بشبكات الانترنت أو الشّبكات العنكبوتية ، وكم هي المرّات التي نسمع فيها صوت المتوجّع عبر شاشة اللابتوب و الهاتف الجوّال و لا نسمع من ينادينا عن قرب ، و كم مرة نضحك من نكتة يلقيها أحد أصدقاء الفيس بينما لم يقل من نجلس معه كلاما يدعو للضّحك ، و كم مرّة نشعر أنّنا نتأثّر بما يحصل في مجتمع الفيس و ننسلخ عن زياراتنا الاجتماعية ، و حينها لا ندري هل ما تسمّى لنا ، و ردّدناه من أنّ التّواصل عبر الأثير هو فعلا اجتماعي أم اغترابي ،
نعم : غربة نكتبها بأناملنا عمّن لهم الحق فينا ، و لنا الحق فيهم موثّقين بذلك صِلاتنا مع أرواح لم نعرفها كيانات لكلّ منها روح و جسد ، بل عرفناهم أرواحا و صورا ، و كثيرا دون صور ،،
إذن : عالم الفيس و شقيقاته عالم فوضوي ( واقعا ) يفصلنا عن أقرب النّاس لنا ، و قد يقربنا من أبعد النّاس عنّا أكثر لو أدمنّاه ، و يبدو أنّ من عرفه يصعب عليه الانفصال عنه ، و لهذا يخسر و سيخسر علاقاته الحقيقيّة من يفرط و لم يميز أو ينظّم علاقته بمواقع التّواصل هذه كعالم افتراضي فيه الشّيئ الكثير من الواقع ، و لكن الافتراض فيه قد يكون لتميّزه بخطاب الأرواح قبل الأشكال ، و هذا أخطر فالأرواح جنود ، و لنا أن نتخيّل عندما تتداعى جنود للخير إن كان في أرواح المفسبكين خير ، و كم من الأرواح من تجنّدوا للشّرّ حين كان شّرّ في الأرواح المتداعية في هذا العالم ، و لنا أن نحاول استيعاب كيف ينجذب كل صنف إلى سربه المنسجم معه المتآلف رؤى و أهدافا و قيما و مبادئا ،،
عالم الرّوح خطير و عميق و واسع ، و أحيانا يرسم لنا أشخاصا في غير حقيقتهم فكم كنّا نعدّ الكثير ملائكة ( في مواقع التّواصل ) ، و حين عرفناهم وجها لوجه إذا بهم وحوش ،،
هذا هو الافتراض : توقّع ، تصوّر ، خيال ، رسم في الرّوح و أحيانا ينصدم هذا الخيال و يصدم في وجه الواقع .
Discussion about this post