ترجمه: كاتبة يحيى السني / كندا
تاريخ اليمن الحديث
بول دريش
جامعة أكسفورد
الجزء الثاني
في اليمن السفلى ، اختار الأتراك الأقطاب المحلية بنجاح وفرضو سيطرتهم من خلال فرض نظام اللامساواة على أرض الواقع عن طريق منح الاعيان ألقاب للتبجيل مثل لقب باشا وغيره من الالقاب التركية.
بينما في اليمن العليا كان الاستغلال التركي اقل وفي النقابل كانت مشايخ من بعض القبائل المشهورة من حاشد وبكيل هي من تتحكم في الاراضي والاملاك استغل الاتراك شيوخ القبائل من اجل تثبيت وجودهم في اليمن السلفى وكانو يستدعوهم عند الحاجة او عند وجود تهديد لهم في المقابل تم منحهم صلاحيات الاستيلاء على الجبال الغربية ومساحات واسعة من الشرق
في عام 1906 ارسل الاتراك وفد من مكة الى الامام يحيى من اجل التوسط بين الامام والتراك وقد رد عليهم الامام برد مقتبس من الدين الاسلامي بان حق الامام في حكم اليمن لايمكن التفاوض حوله وامر غير قابل للنقاش وان لقب الخليفة لايمكن ان يكون لغير الامام الحاكم الشرعي لليمن فيما يمكن ان يكون لقب السلطان للاتراك
قال لهم كانت أرض اليمن بين يدي أسلافنا العائلة الهاشمية النبيلة (أي أقرباء النبي ) من القرن الثالث للإسلام إلى الوقت الحاضر ، ولم يكن هناك من يطالب بهذا الحق ، سواء حكم اليمن كله أو جزء منه ، كما هو معروف من سجلات اليمن. كانت هناك معارك مستمرة بين أسلافنا وأولئك الذين عارضوهم ، وبالتالي عارضوا رغبة شعب اليمن في أن يحكمهم أمراءهم وأبناء نبيهم ، رضي الله عنهم واخبرهم ان هذه المحاولات لازاحة ال النبي من حكم اليمن استمرت قرون وستستمر قرون بهدي ولكن الحكم في النهاية لله الواحد القهار ولن يصح غير الصحيح واليمن سيقوده ابناؤه اليوم وغدا.
الرد لم يعجب الاتراك خصوصا انهم تعودو على الخضوع والخنوع من معظم شيوخ القبائل والوجهاء وقد فاجئهم هذا الرد من الامام
كان الامام يحيى ملتزم بما يطلق عليه في الاسلام الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وخصوصا مع الاتراك ولم يكن يهتم لقوتهم ونفوذهم في البلاد ويعتبره التزام خالد منذ حكم آل البيت في القرن الثالث الى الوقت الحاضر وهذا الالتزام كان يختص به والده ايضا
بدأ المد القومي في اليمن ضد الوجود التركي منذ عام 1906 واستمر بالتصاعد وشهد عام 1911 ارتفاع عالي في المد القومي من ابناء اليمن ضد المستعمرين الاتراك وقد رد الاتراك بقوة ضد هذا المد
وافق الإمام والعثمانيون ، وكلاهما يدرك أن خطر إيطاليا التي كانت تغزو ليبيا في ذلك الوقت قد يقترب من اليمن وعليه بعد ذلك اتفقو على الهدنة ، التي كانت شروطها إلى حد كبير هي تلك التي اقترحها الامام يحيى وفرض شروطا على الاتراك ارغمو على قبولها .
طالب الإمام بالحق في تعيين قضاة من المدرسه الزيدية و ان يجمع الوقف والزكاة مباشرة أو من خلال القادة المحليين وبالمقابل يتعهد بتقديم العشر للحكومة التركية التعهد بامتناع أي من الطرفين بمهاجمة حدود الآخر.وكانت هذه نقطة ذكية من الامام لم يلتفت لها الاتراك وادركها البريطانيين لاحقا ان ما يعنيه كلمة “الحدود” غير واضح، فقد وجد البريطانيون قريبًا أن تأثير الإمام يمتد إلى مناطق خارج نطاق المناطق الزيدية وهذه الحدود تشمل اغلبية اليمن اذا لم تكن كلها
اصبحت مناطق مثل تعز والحجرية وصنعاء مزدهرة تملؤها الحياة وكانت بها مباني على الطراز الحديث واصبحت مدن حضرية متمدنه وكانت اموال الوقف التي سحبها الامام من فم الاتراك واستغل الفزع التركي من الغزو الايطالي سببا في ازدهار معظم مناطق اليمن
عين الامام يحيى وكلاء له في كل اليمن وكذلك عين قضاة زيدية في كل المدن اليمنية ومنها صنعاء حيث اختار القاضي حسين ال عمار ليكون كبير قضاة صنعاء وقد اعترفت الحكومة التركية بصلاحيات هذا القاضي
ببساطة كانت ادارة الدولة اليمنية تتشكل وتاخذ القالب العام لها وكل هذا يحدث والاتراك عاجزين عن قعل شيء
سقط الإيطاليون على أرض طرابلس الغربية ( ليبيا) . قتل الكثير من ابناء طرابلس ولكن فشلوا في احتلالها .
طلب الإيطاليون من الإدريسي المساعدة وكان مواليا للايطاليين في تلك الفترة وكانو من شيوخ عسير والادريسين مهاجرين اصلهم من فاس من المغرب حيث ينتسبون إلى إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر الحسني، الذي أسس دولة الأدارسة في المغرب.
كان الادريسي من اشد خصوم الامام يحيى وقد قال الامام عن موقف الادريسي في مساندة الايطاليين ضد شعب طرابلس الاعزل : ما الذي يستحق الشجب أكثر من مساعدة الكفار ضد المسلمين والإسلام؟
إن التنبؤات كانت تفيد بأن بريطانيا ستحل محل تركيا قد انتشرت في أماكن مختلفة مثل الجوف والحجرية ، والبريطانيون في عدن كانوا محبوبين من قبل عدة فصائل.
لم يقدم الامام يحيى من ناحية أخرى أي مساهمة في القوة التطوعية من اليمن التي كان قوامها( 6000 مقاتل) من الشافعية من اليمن السفلى الذين رافقوا الأتراك في مسيرتهم ضد القاعدة البريطانية.
ومع ذلك ، بقي معظم اليمن هادئًا تم توحيد الشعب خلف الإمام. انهارت الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى ، مع تداعيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، وعندما انسحب الأتراك من اليمن في 19 –1918 ، وسع الامام يحيى نفوذه جنوبًا كما أن أسلافه كأئمة ، وليس أقلهم قاسم في القرن السابع عشر ، قد توسع أيضًا جنوبًا. لكن الامام يحيى فعل ذلك في عالم مختلف سياسيا. كانت قواعد هذا النظام العالمي الجديد ، تشكيل دولة حديثة ، هي تلك الخاصة بالدول ذات النمط الأوروبي التي تحدد السلطة الشرعية مع الاستمرارية التاريخية ، وأصبح الآن جزء من اليمن ، مع زوال العثمانيين ، مكانًا في هذا. ويعرف المؤرخين الامام يحيى بانه مؤسس اليمن الحديث وهم محقين في ذلك.
في الشمال ، حدثت تغيرات هائلة ، وكانت الاحداث حبلى بالمفاجئات ، ولكن في الجنوب على مستوى السياسة الرسمية ، لم يطرأ سوى القليل من الأمل.
كانت شركة الهند الشرقية التي استولت على مدينة عدن 1839 قد سلمتها إلى الإمبراطورية البريطانية ، وتم توسيع النفوذ البريطاني في عدن من خلال السيطرة على آبار المياه والأراضي المطلة على الخليج. بصرف النظر عن ذلك ، كل ما فعله البريطانيون هو إبرام معاهدات مع أبرز الشخصيات. وفقًا للممارسة البريطانية الهندية ، تم منح “الحكام” (في الحقيقة قلة منهم حكام من الهنود أو بالمعنى البريطاني ؛ وكان معظمهم بارزين لأسباب أخرى)
في نهاية المطاف تم منح رتب مختلفة للشخصيات المتعاونه مع البريطانيين وبالتالي تم منحهم عدد من الاسلحة حسب الرتبة وعدد الرجال التابعين لهم
تتداخل الاتفاقات في بعض الأحيان وتتناقض مع بعضها البعض. ومع ذلك ، بالنسبة لمعظم الشخصيات البارزة كانت العلاقة الحقيقية الوحيدة مع عدن قبل الحرب العالمية الأولى هي زيارة سنوية لجمع راتب صغير وهدايا من البريطانيين تتضمن بنادق وذخيرة
ازدهرت مدينه عدن واصبحت مركزا لتجارة الفحم خصوصا مع اازدهار قناة السويس عام 1869اصبحت ميناء مهم وحيوي لكل العالم واجتذبت مدينه عدن المزيد من الهنود
على سبيل المثال في عام 1856 كانت نسبه 40% من سكان عدن هم من الهنود
بدأ المهاجرين من شمال اليمن يتوافدون على عدن حيث كانو يعملون في تجارة الفحم بحلول عام 1890 اصبح نصف سكان عدن من العرب اغلبهم من الحجرية والبيضاء والقليل من المناطق النائية البعيدة
بالقرب من عدن ، كان الناس يزرعون الخضروات والأعلاف وترسل للمدينة. ومع ذلك ، كان الميناء نفسه مرتبطًا بشكل مباشر في الإمبراطورية البحرية البريطانية بقناة السويس والهند ولندن وسنغافورة ، في حين أن العلاقات بين المدينة والمناطق الداخلية كانت إلى حد كبير بين المسؤولين وما أصبح يُعرف باسم “رؤساء المعاهدات“.
كما حال البريطانيين يعتمدون كثيرا على الاتفاقات والمعاهدات و هذا ما حصل مع الاتراك ففي عام 1873 ارسل البريطانيين تحذير الى العثمانيين من الاقتراب من مدينه عدن و تحذرهم من المساس بتسع قبائل يمنية تنضوي تحت الحماية البريطانية
في عام 1886 تم توقيع معاهدة حماية رسمية للقبائل العربية حول عدن
في عام 1902 تم رسم خط يفصل بين مناطق الامبراطوريتين البريطانية والعثمانية عام 1905 تم الاتفاق النهائي على الخط الفاصل بين الامبراطوريتين خطًا يقسم منطقتين منفصلتين وضعت القوتان الإمبراطوريتان حاكمًا على الخريطة ورسمت خطًا آخر من بالقرب من الشمال الشرقي عبر الجزيرة العربية إلى مكان قريب من قطر حاليا.
تم التصديق على الخط المركب من الساحل في باب المندب الداخلي في مارس 1914. لم يحدد هذا الخط السيادة أو الإدارة بل المجالات التي اتفقت فيها كل سلطة ، البريطانية والعثمانية ، على ألا تتعدى الدولة الأخرى: بمعنى آخر ، “مناطق النفوذ”. على المدى الطويل ،
بعد فترة طويلة من رحيل القوتين كان هذا الخط هو الذي قسم اليمن الى دولتين يمن شمالي ويمن جنوبي
لم يقبل الامام يحيى بهذا التقسيم ولم يعترف بالخط الذي وضعه المستعمرون لليمن دون ارادة ابناء اليمن وكان دائمًا يعتبر ان له الحق في حكم كل اليمن ،
والمثير للسخرية ان الموقعين على هذا الخط كانو حتى وقت قريب في حالة حرب ولكنهم اتفقو على تقسيم بلد وسلب حقوق وطن وشعب
Discussion about this post