كتب إسماعيل النجار،،
مصير الشيعة في لبنان إذا سلّموا سلاحهم بين فكي الجولاني والمارونية السياسية وليس فقط إسرائيل،
“الجزء الأوَّل” يُتبَع غداً جزء ثاني.
لم يكُن يوماً الشيعه في لبنان خارجين عن القانون، ولم يكونوا يوماً عبئ على الدولة بكل مؤسساتها إنما هم قيمة ماسية لها موقعها وتضحياتها لكن للأسف في محيط أقله أستطيع وصفه بالعنصري والحاقد.لذلك أصبح سلاح “حزب الله” اليوم موضع جدل داخلي وخارجي، بين من يراه ضمانة لردع العدو الإسرائيلي وحماية للطائفة الشيعية، وبين من يعتبره عبئًا على الدولة اللبنانية وخطراً على الطوائف الأخرى يطالبون بتسليمه خدمةً لإسرائيل!.
لكن السؤال الجوهري اليوم لم يعد فقط عن سلاح الحزب، بل عن مصير الشيعة في لبنان، في حال سلّموا هذا السلاح دون ضمانات واضحة، وفي ظل تحوّلات إقليمية تنذر بإعادة رسم الخرائط والموازين الطائفية والسياسية.
*الشيعة تاريخياً عانوا في لبنان من التهميش، وكانوا يُوصَفون بـ”الطائفة المحرومة”. تغيّر هذا الواقع تدريجيًا مع مجيء السيد موسى الصدر وصعود نجم حركة “أمل”، ومن ثم بروز “حزب الله” كقوة مقاومة بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وخصوصًا بعد التحرير عام 2000. هذا السلاح الذي وُلد لمقاومة الاحتلال، أصبح لاحقًا أحد أعمدة القوة الشيعية في لبنان، ليس فقط لحماية الحدود، بل أيضًا لردع المشاريع التي قد تعيد الطائفة إلى الهامش السياسي والاجتماعي القديم لذلك المطالبه بتسليم خذا السلاح بالنسبة لهم يعني…
إذا تخيّلنا سيناريو تسليم حزب الله سلاحه للدولة، فإن تداعيات ذلك تتعدّى مجرّد إعادة هيكلة القوة العسكرية في لبنان. التسليم، وفق ما هو مطروح، لا يجري في سياق تسوية شاملة، ولا في ظل دولة قوية عادلة، بل في بيئة داخلية وخارجية معادية، ما يُشعِر الشيعة بأنهم يُطلب منهم تفكيك حصانتهم الذاتية بيدهم في ظِل تهديدات خارجية وداخلية مؤكدة وليست محتملة تشمل..
المارونية السياسية التي تطمح إلى استعادة دورها التاريخي عبر تقليص نفوذ الشيعة، وقد لا تتوانى عن استخدام أدوات الدولة للضغط والتهميش أو حتى الاستئصال السياسي ،والخطر التكفيري الذي لم يُهزَم عقائديًا، رغم هزيمته الجغرافية، ولا تزال بيئته حاضنة في بعض المناطق اللبنانية والمجاورة، أمثال أبو محمد الجولاني وأشباهه الذين يرون في الشيعة “روافض” يستحقون القتل، وقد أثبتت التجارب في سوريا والعراق أن الفراغ الأمني يُملأ دائمًا بالدم الشيعي حصراً، الذبح للشيعه سيكون على طريقين السياسي والرمزي، فحين يُقال إن تسليم السلاح سيؤدي إلى “ذبح” الشيعة، فهذا لا يعني فقط القتل الجسدي، بل يشير إلى الذبح السياسي وعزل الشيعة من مفاصل القرار، والتضييق عليهم في الحكومة والإدارات والمؤسسات، والذبح الاقتصادي عن طريق محاصرة مناطقهم وخنق بيئتهم عبر العقوبات والحصار والحرمان من المشاريع والخدمات كما هو جاري وساري منذ ٧٥ عام !. أما الذبح الأمني هو نزع سلاحهم في وقت لا توجد فيه دولة قادرة على حمايتهم مما يجعلهم عرضة لأي خطر تكفيري أو حتى فتنة داخلية،
*التجربة العراقية والسورية لقنت الشيعه دروس قاسية في الأمن والحياة؟ في العراق بعد سقوط الدولة وتسريح الجيش، كان الشيعة أول من دفع الثمن في بغداد والأنبار وسامراء. وفي سوريا لولا تدخل حزب الله في القصير والقلمون، لكانت الجماعات التكفيرية اجتاحت الضاحية الجنوبية نفسها. وهذه التجارب تُعلّم أن الطائفة حين تفرّط بعناصر قوتها من دون ضمانات كاملة، فإنها تتحول إلى صيد سهل.
أيضاً هناك رأي ديني وفقهي في قضية نزع السلاح الذي تعتبر حمايته واجب شرعي لا ترف سياسي،ففي الفقه الشيعي، الدفاع عن النفس والمقدسات واجب شرعي لا يُناط بالدولة فقط، بل يقع على عاتق كل مؤمن، حسب ما أُنزِلَ في كتاب الله في “الآية الكريمة” “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين” هذه الآية تؤسّس لمبدأ الجهاد الدفاعي في وجه العدوان والظلم.
وفق فكر ولاية الفقيه، لا يجوز تسليم السلاح إلا إذا وُجدت دولة عادلة تحمي المواطنين على قدم المساواة، لا دولة طائفية مخترقة سياسيًا، تارة بالغرب وتارة بالخليج. السيد الخامنئي وغيرُه من الفقهاء يؤكدون أن السلاح ليس أداة سلطة بل أداة بقاء وكرامة. فلو ذهبنا بإتجاه العقيدة المقاوماتية التي تُعتَبَر أكثر من بندقية،؟ لأن المقاومة ليست مجرد سلاح، بل عقيدة وهوية وثقافة حماية للمجتمع. وهي التي أخرجت إسرائيل من الجنوب، وهي التي وقفت بوجه الإرهاب، وهي التي منعت تقسيم لبنان فعليًا.وتخلي الشيعة عنها اليوم يعني التنازل عن الإنجازات التي أحرزتها خلال ٤٥ عام وفقدان أدوات الحماية الذاتية، وتعريض بيئتهم لكل أنواع الابتزاز والهيمنة.
في الختام إن تسليم السلاح في لبنان ليس مجرد خطوة تقنية، بل قرار وجودي. في غياب دولة حقيقية وضمانات فعلية، فإن تفكيك القوة الشيعية في هذا التوقيت بالذات، هو دعوة مفتوحة لذبحها رمزيًا وأمنيًا وسياسيًا.والشيعة لا يطلبون الهيمنة، بل الكرامة والأمان. وإذا كانت الدولة عاجزة عن تأمينهما، فإن السلاح، بكل معانيه، يبقى الضمانة الوحيدة لمنع تكرار التاريخ الأسود من كربلاء إلى صبرا وشاتيلا، ومن الموصل إلى القصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Discussion about this post