.
✍️ عيسى محمد المساوى
صنعاء التي اذهلت العالم في صناعة الصمود الأسطوري في وجه أشرس عدوان شهدته المنطقة، ما تزال رغم جراحاتها النازفة تجترح قصصا للنجاح لها مذاقها المتميز وأثرها العميق لأنها تلامس هموم الناس وتجسد الاستجابة العملية لأكثر شرائح المجتمع حاجة.
هذا ما صنعته الهيئة العامة للزكاة حين أدت الأمانة التي حملتها واستهدفت المعنيين بمصارف الزكاة فوصلت خدماتها الى عامة الناس في كل مديرية وكل عزلة تقع تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى فكانت بهذا الأداء المشرف قد ترجمت المعنى الحقيقي للشرعية وعكست المدى الشعبي والجغرافي لسلطة السياسي الأعلى وليس كما تفعله بعض الجهات حين تصور لنا بأدائها الفاشل أن سلطة السياسي الأعلى لا تتعدى نطاق أمانة العاصمة!!
هناك قضية بالغة الأهمية نجحت هيئة الزكاة في تأكيدها وهي أنها أثبتت للقابعين قرب شماعة العدوان لتعليق فشلهم وفسادهم أنهم فاشلين حقا وفاسدين لا يشق لهم غبار، كما أثبتت أن صناعة النجاح أمر متاح حتى في ظل العدوان والحصار وكل ما يحتاج اليه لا يزيد عن استشعار المسؤولية.
هذا الأداء المشرف الذي لامس مباشرة احتياجات عشرات الآلاف من الأسر اليمنية هو سر الألم الكبير الذي تعيشه حكومة المنفى فكان لابد من محاربة هذا الأداء المشرف الذي جسد أكبر عملية تشنيع وتعرية لحكومة المنفى التي تسيطر على معظم الموارد وتستحوذ على كل ايرادات النفط والغاز وتدير البنك المركزي وتلتهم معظم الدعم والمساعدات الخارجية وتبتلع كل موارد الزكاة ورغم كل هذا الاستحواذ لا تنفق مليار واحد على الأسر المعوزة التي تعيش تحت سلطتها لكنها توزع هبات بملايين الدولارات على هوامير الفساد بدءا من محسن والعرادة وانتهاء بأصغر موظف في بلاط أباطرة الفساد.
المؤسف والمحزن حد الانكسار أن وزارة الاعلام في صنعاء فشلت فشلا ذريعا في الانتصار لهيئة الزكاة في وجه الحملة الاعلامية التي نالت من صفحتها البيضاء بل المثير للدهشة أن الأداء الاعلامي الركيك ساهم في اطالة أمد الحملة وعجز عن صناعة الأحداث القادرة على تحويل انظار الرأي العام الى قضايا بالغة الأهمية أثيرت في نفس التوقيت، ليبقى السؤال الذي يحز في نفوسنا نيابة عن وزارة الاعلام: لماذا كل هذا الفشل الملازم لاعلامنا؟! ما إن انتهينا من الفشل أمام إبرة الرحمة حتى اخفقنا كل هذا الاخفاق في الدفاع عن الأداء المشرف لهيئة الزكاة، ونحن على ضفاف هذا الفشل الكبير نخفق مرة ثالثة ورابعة في استثمار تلك الصورة الصارخة في نهب موارد النفط، على الأقل في تحويل انظار الرأي العام باتجاه الصورة الأبشع لأباطرة الفساد وهي تنهب ملايين الدولارات دون ان تحتاج الى مسوغ قانوني او تأصيل فقهي او استدعاء لاجتهادات عصور غابرة!!
انتصارا للحقيقة المجردة، فقد كانت رئاسة هيئة الزكاة والشرفاء في هذه المؤسسة هم أصحاب الفضل في صناعة هذا النجاح المشرف ولم يكن لأحد شرف المشاركة في صناعة هذا النجاح الكبير والممتد على امتداد جغرافيا السياسي الأعلى، وفي المقابل كان رؤساء السلطة المحلية ومن معهم من قيادات صناديق النظافة والتحسين هم أرباب الفساد الأسطوري الذي يلتهم سنويا عشرات المليارات في زمن حكومة العجزة المتحدين بفسادهم في مواجهة العدوان، ولم نتخلص بعد من مظاهر القمامة المتكدسة في كل شارع وحارة داخل أمانة العاصمة أما خارج هذه المساحة فالفضيحة أعظم، ولك أن تتخيل حجم الانتصارات التي يحرزها العدوان بفضل حكومة العجزة الفاسدين التي يستحيل أن تتعرض للاستهداف من قبل الآلة الاعلامية التابعة للعدوان!!
هيئة الزكاة والسلطات المحلية نموذجان يقفان على طرفي نقيض الأول يجسد شرف المسؤولية التي تعيش هموم وتطلعات شعب أنهكه العدوان والحصار، والثاني يعبر بجلاء عن فساد المسؤولية حين تشارك في مفاقمة معاناة هذا الشعب الصامد مثلها مثل قادة العدوان والحصار بل وأسوء منهم بكثير، ليظل ذهولنا مستمرا من هذه القدرة العجيبة لصنعاء على صناعة الشيء ونقيضة، فمتى يا صنعاء تشفي من هذه العلة المتاح علاجها دون الحاجة الى بحوث مستفيضة لاكتشاف العلاج؟!
*نشر في صحيفة المراسل اليوم 14 يونيو 2020م
Discussion about this post