تقرير || أمين النهمي
خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها الشهيد الرئيس صالح علي الصماد رئاسة المجلس السياسي الأعلى كان الهم والمحنة الاقتصادية التي فرضت على اليمن، ليس منذ بدء العدوان الغاشم فحسب بل منذ سنين، كانت تتصدر أولويات اهتمامات الرجل وتوجهاته..مدركا وواعيا لخطورة الهيمنة الاقتصادية وأهمية الاعتماد على قدرات اليمن وإمكانياته الاقتصادية والبشرية والطبيعية التي سعى ويسعى المعتدون والغزاة القدامى الجدد ومرتزقتهم إلى الاستحواذ والسيطرة عليها.
وقد أدرك الشهيد الرئيس الصماد-سلام الله عليه- أن المعركة الاقتصادية التي يشنها العدوان أكثر خطورة حتى من العدوان العسكري ..وأكد أكثر من مرة أن أرزاق اليمنيين يجب أن تتحرر وأن لا تظل تحت سيطرة أيادي السعوديين والإماراتيين ..ومن خلفهم قوى الاستعمار ودول الهيمنة الاقتصادية الاستعمارية الكبرى.
أولوية الاهتمامات
ويؤكد الشهيد الرئيس الصماد -سلام الله عليه- في أكثر خطاباته ولقاءاته على أهمية النهوض الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي وبناء يمن حر ومستقل القرار والسيادة، ومعالجة كافة الاختلالات السابقة في كافة المجالات.
في كلمته أثناء حفل العيد الثالث لثورة الـ 21 من سبتمبر2017, تحدث الشهيد الرئيس قائلاً ” أننا في المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني نؤكد مضينا في الإصلاحات الإدارية والاقتصادية ومعالجة الاختلالات بما يضمن الوصول إلى تلبية الحد الأدنى في الوضع الراهن من مطالب واحتياجات الشعب وتقديم الحد المتاح من الخدمات والرواتب والعمل على جعل أولوية الاهتمامات لتعزيز الصمود في الجبهات والاستقرار الأمني ووضع المعالجات الاقتصادية لمختلف الاختلالات.”
آثار العدوان الاقتصادية
وفي كلمته التي ألقاها في الذكرى الثالثة للعدوان، أكد الشهيد الرئيس على الضائقة الاقتصادية التي خلفها العدوان والحصار وخطوة نقل البنك المركزي قائلا: “العدوان البربري ترافق معه حصار بحري وبري وجوي منع أبسط مقومات الحياة من الدخول إلى الشعب، كما استخدمت فيه كل الوسائل والأساليب القذرة التي فاق النظام السعودي فيها الشياطين، كان أخطرها نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن وما ترتب عليها من معاناة وصلت إلى كل بيت بانقطاع الرواتب لما يقارب العامين، ومع هذه الخطوة قاموا بطبع مئات المليارات دون غطاء أدت إلى ارتفاع أسعار الدولار وانخفاض سعر الريال اليمني؛ مما انعكس على أسعار السلع الأساسية فتضاعفت قيمتها الشرائية بالتزامن مع انقطاع الرواتب”.
محطة نضالية مهمة
وأكد الشهيد الرئيس قائلا: “في هذه الذكرى الجوهرية وفي هذه المحطة المهمة من تاريخ نضال شعبنا اليمني في سبيل الانعتاق من الوصاية والهيمنة الأمريكية التي اتخذت من منافقي العصر في المنطقة وهم النظام السعودي والإماراتي مطية لفرضها على شعبنا اليمني وفي هذه الذكرى نحتاج لاستذكار الماضي لنفهم واقعنا الحالي لنستشرف منه المستقبل.
تجريف هوية الشعب اليمني
ويشير الشهيد الرئيس إلى الدور السعودي خلال العقود السابقة في التحكم بالقرار اليمني والهيمنة عليه، قائلا: ” فكما يعلم الجميع أن السعودية حاولت ومنذ عقود مضت إحكام سيطرتها على القرار اليمني وهيمنتها عليه، وسعت لطمس هوية الشعب اليمني وتجريفها في كل مختلف المجالات، واستطاع النظام السعودي من خلال بعض القوى والنخب السياسية التي تتلقى التمويل منة استطاع من خلالها ترسيخ ثقافة العجز والضعف والوهن والاحتقار والإحباط واليأس لدى الشعب اليمني وأنه شعب فقير وضعيف وعاجز عن الإبداع والرقي والتقدم، وأنه لا يستطيع أن يعيش ويبني مستقبله، وإنما عليه أن يقتات من الفتات الذي سمح به النظام السعودي للقائمين على الشعب باستخدامه، وفعلاً وللأسف ترسخت هذه النظرة عند الكثير من الساسة والمثقفين ورسخوها لدى الكثير من الشعب، فضاعت عشرات السنين والشعب غارق في صراعاته وتبايناته أبعدته عن الالتفات إلى مستقبله وبنائه وترسيخ مداميك دولة المؤسسات، وحرص النظام السعودي على إسقاط الدولة ككيان وثقافة”.
اليمن غني بثرواته المادية والبشرية
ويؤكد الشهيد الرئيس، أن الواقع يثبت عكس ذلك، قائلا: “ورغم كل تلك المحاولات لترسيخ ثقافة العجز والضعف واليأس والاستسلام، فإن الواقع هو العكس، فاليمن غني بثرواته البشرية والمادية، غني بقيمه وأخلاقه، غني بموقعه الاستراتيجي وسيطرته على أهم المنافذ البحرية العالمية، وامتداد سواحله على مساحة طويلة على أهم البحار في العالم، في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وفي باطن أرضه ثروات هائلة وفي ظاهرها كذلك، اليمن غني برجاله ونسائه وما يتمتعون به من القوة والعزم والإرادة والحكمة والإبداع، وهو ما أثبته رجالنا خلال ثلاث سنوات من العدوان والحصار برزت فيه قوة وصلابة هذا الشعب اليمني العظيم أنتجت صموداً قل نظيره في هذا العالم، فكيف لو استغلت هذه الخصائص في سنين الرخاء والاستقرار؟ لكان وضع اليمن لا يضاهى في المنطقة”.
ترسيخ العمل المؤسسي
كما يؤكد الشهيد الرئيس على أهمية ترسيخ مبدأ العمل المؤسسي، قائلا: “الدولة ليست مجرد مبانٍ عليها لوحات ومجاميع من الموظفين، الدولة هي العمل المؤسسي الذي تحكمه القوانين واللوائح المنظمة التي تمنع الارتجال ولا تسمح بالتوجيهات المفروضة، من هنا فإن الخطوة الأولى وحجر الأساس في بناء الدولة هي: إرساء مبدأ العمل المؤسسي الذي يضمن إدارة الدولة إدارةً وطنيةً تحافظ على مصالح الشعب، وتحافظ على مبدأ السيادة والاستقلال، ولا يمكن أن يمر نفوذ خارجي في ظل العمل المؤسسي المحكوم بالقوانين الذي سيشكل سداً منيعاً أمام أي تدخل خارجي أو مصالح لقوى النفوذ أو لأي أطراف أخرى”.
معركة الحماية والبناء
وخاطب الشهيد الرئيس الشعب قائلاً: “ومن هنا أيها الشعب ندرك أن معركتنا اليوم، معركتنا في الدفاع عن اليمن واستعادة استقلاله وبناء دولته تعتمد على ركيزتين أساسيتين، الركيزة الأولى هي الدفاع عن الأرض والعرض، وصد المعتدين والغزاة في مختلف الجبهات وحماية كل ذرة من تراب اليمن ومياهه، والركيزة الثانية معركة بناء دولة حقيقية في ظل نظام مؤسسي منضبط بالقوانين الوطنية التي تمثل إرادة الشعب”.
مشروع بناء الدولة
وأعلن الشهيد الرئيس في ذلك الخطاب خطته ورؤيته الإستراتيجية في بناء اليمن الجديد معلنا مشروع بناء الدولة قائلا: “وفي ختام العام الثالث للعدوان وبداية العام الرابع للصمود نعلن عن إطلاق مشروع بناء الدولة، وإرساء مبدأ العمل المؤسسي، بالتوازي مع معركة التصدي للعدوان في مختلف الجبهات، مشروع تسنده الجبهات ويسند الجبهات عنوانه وشعاره (يد تحمي ويد تبني) ونحن ننطلق في هذا المشروع نعرف أن الطريق طويل ومحفوف بالتحديات وخاصة في ظل العدوان والحصار ولكن كما كنا بقدر التحدي في جبهات القتال وصمدنا وحطمنا أحلام الغزاة والمحتلين فسنكون بإذن الله بمستوى التحدي على طريق بناء الدولة”.
خطوات وإجراءات
ويشير الشهيد الرئيس إلى أن “مشروع بناء الدولة، وإرساء مبدأ العمل المؤسسي، ومحاربة الفساد، يحتاج الكثير من الخطوات والإجراءات, ونحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الصمود بعد ثلاثة أعوام من العدوان والحصار تحمّل فيها شعبنا أصناف المعاناة في كل المجالات، وفي مقدمتها الوضع الاقتصادي الصعب، فإننا نؤكد أن هذه المعاناة لم ولن يتحملها شعب من شعوب الأرض وقاساها وتحملها شعبنا اليمني بكل صبر وتحدٍ، مدركاً أن الكرامة والعزة لن تأتي بالتمني، بل بتحمل أصناف المعاناة في سبيل تحقيقها، وهذه المعاناة لا تغيب عن أولوياتنا لبذل أقصى الجهود لرفعها عن شعبنا، سواء من خلال تحسين أداء المؤسسات لتوفير المتاح والممكن من الرواتب أو تقديم المتاح من الخدمات وإصلاح الأوعية الإيرادية، أو من خلال تعاطينا الإيجابي مع أي فرص للسلام”.
وينوه الشهيد الرئيس إلى أهم الخطوات والإجراءات التي لابد منها في تحقيق النهوض الاقتصادي والاكتفاء الذاتي، بالقول: “وفي سبيل ذلك أمامنا الكثير من الخطوات على كل الأصعدة منها، تفعيل مؤسسات الدولة بكل طاقاتها، وتجاوز الروتين المعتاد لمواكبة التحديات، وتعزيز الصمود والعمل على ترسيخ الوعي الاقتصادي، وتشجيع الجانب الزراعي للاستفادة من أرض اليمن الطيبة في توفير القدر الأدنى من الاكتفاء الذاتي، وعلى الحكومة العمل بوتيرة عالية في هذا المجال”.
مواكبة التحديات
ويشدد الشهيد الرئيس الصماد، على ضرورة تفاعل القطاعات الحكومية والخاصة لتجاوز الصعوبات، قائلا: “كما نهيب بالإخوة في حكومة الإنقاذ بتجاوز كل الآثار وتقييم الأداء والارتقاء بالأداء والعمل بأقصى الطاقات لمواكبة التحديات وتوفير المتاح من الراتب والخدمات الأساسية خاصة قبل شهر رمضان مع إدراكنا لحجم الصعوبات والتحديات الواقعية التي فرضها العدوان, ولكن إذا امتلكنا الإرادة والعزم والتصميم مستعينين بالله وعشنا حرارة الأحداث فسنحقق الكثير من الإنجازات ونتجاوز الكثير من الصعوبات بإذن الله تعالى”.
ويتابع القول:”وكذلك الدور الذي ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص في سبيل تعزيز الوضع الاقتصادي والخدمي، بالتعاون مع الدولة في مختلف القطاعات، وكذلك تعزيز سلطة القضاء والأجهزة الرقابية لنشر العدل ومحاربة الفساد”.
Discussion about this post