(الإنتقائية المرحلية في إتباع الحق)
عندما شرع الله الهدى للإنسان عبر كتبه وآخرها وأشملها والمهيمنه على الأخريات “القرآن الكريم” هو فرض على الإنسان ليتحرك عليه منذ أولى تحركاته وحياته وجميع جوانبها وشئونها (فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى) أي لا يتشتت في حركته وحياته ٫ غير ان الكثير من البشر وعلى رأسهم قيادات الشعوب طالما كانت تبعيتهم للحق حسب المصلحة الخاصة بهم منتقيين الإتباع وفقا لتغيرات الزمن وأحداث المنطقة والحاجة لذا ولذلك , لذا شاهدنا رؤوسا عرب رفعوا المصاحف في الوقت الضائع في وقت أنه كانوا ملزمين في رفعه في أوقات سابقة لمآزقهم ومشاكلهم فجاءت النتائج عليهم بالدمار والشتات حتى وان كانوا صادقين في الرجوع فرجوعهم كان لمأزق وقعوا فيه وليس كان أستجابة لله وللرسول اذ دعاهم من قبل لما يحييهم ٫ وهنا يتضح لنا ان الهدى ليس “سند طارئ” تستند اليه في وقت الحاجة ثم ترميه وراء ظهرك في اطار ما يمكن تسميته “التوبة الإضطرارية” او المستعجلة أو اللحظية أو الآنية او المسببة كما وضح الله تلك النفسيات بقوله ( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْـمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ٫٫٫ فَلَـمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )فيجعل الله وهداه آخر إهتماماته رغم يقينه انه هو المساروالصراط السوي والسليم والحقيقي غير ان ابتعاده عنه لأنه يعارض شهواته وتوجهاته وأهدافه ، غير ان هناك فئة من القيادات جعلوا الهدى والقرآن مسارهم وصراطهم منذ اولى تحركاتهم فحماهم القرآن وحمى مشروعهم وسنذكر أمثلة سريعة على الأمرين كالتالي :-
المثال السلبي يمكن ان نراه تجسد في صدام حسين وعلي عفاش والذين كانا في عقود حكمهم الذي امتد لاكثر من ثلاثين سنة في حالة تيهان عن الحق وبعيدين عن هدى القرآن ووصلوا في تيهانهم أنهم ظنوا ألا قادر احد على هز عروشهم خاصة بعد ان ثبتوا حكمهم ببيت العنكبوت الأمريكي فجاءت النتيجة كما يعرفها الجميع فسارع بعد ذلك صدام الى التفتيش والبحث في القرآن الكريم عن آيات الجهاد والتحرك ضد أمريكا ظنا منه أن ذلك قد يعيد إليه ما تلاشى من يديه بسبب سوء حكمه وحياته وإدارتها ثم اعلن الجهاد ضد اسرائيل فلم يفيده ذلك في شيء لانه في الأساس قاتل اعداء اسرائيل وامريكا وبذل في سبيل الباطل كل شيء لعشر سنين عوضا عن الجرائم البشعة التي إرتكبها بحق شعبه ايضا عدم التزامه بالهدى والتوجيه القرٱني في احترام حقوق الجيران فلجأ استجابة لداعي أمريكا لإحتلال الكويت وحصلت تلك الكارثة فلما شعر بالنهاية قال الآن تبت ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْـمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ) لذا لم يبق منه الا تلك الصورة الشنيعة وهو ذليل منكسر يحمل المصحف لتبقى صورة نمطية كعجل بني اسرائيل لتغربل من بقى في ضلاله يعمه ٫ أما عفاش فلم يحمل المصحف منذ ولادته الا في ثورة ٢٠١١م فأعطاه الله فرصه عل وعسى يعود الى وعيه غير أنه رماه مرة أخرى وراء ظهره ليواصل مسيرة الشر والضلال والعمالة والإرتزاق لذا لم ينفعه تلك الصرخات الباكية الإسترجائية للمجاهدين في منطقة الجحشي بسنحان في صباح ٤ديسمبر٢٠١٧م خلال فتنته الخبيثة التي أشعلها فكانت تلك النهاية المخزية والمذلة ليبقى ايضا كصورة نمطية لا تقل خطورتها عن خطورة العجل الخاص ببني اسرائيل ليغربل الله به الباطل يوما بعد يوم وهكذا , فلم يشفع لهما ولائهما وتبعيتهما المطلقة لأمريكا ولإسرائيل على الإطلاق لأنهما أهش من بيت العنكبوت .
أما الأمثلة الإيجابية لتلك التي اتبعت القرآن منذ أول لحظات حياتهم فأوصلهم لقيادة الشعوب وأستمروا به فيتمثل في الإمام الخميني والسيد عبدالملك الحوثي سلام الله عليهم فهما تحركا بالقرآن من أول لحظاتهم والذي يلزمهما أن يعاديا أمريكا واسرائيل وبالفعل كان شعارهما ومازال مرتكز على هذا الأمر فجعلا القرآن أساس حركتهما في كل الجوانب والجزئيات لذا لم يجدا صعوبة في مواجهة التحديات التي واجهتهما خاصة العدوانين الأولى على ايران والثاني على اليمن فكان النصر هو الخاتمة الاكيدة لهما لانهما لم يلجئا الى الحق والقرآن وقت الشدة واللاطريق اخر مفتوح بل لجئا منذ اول لحظات تحركهما سواء كان شدة أو رخاء لذا تجسد فيهما توجيه الرسول الاعظم عليه وعلى آله لعبدالله بن عباس عندما قال له (تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) وهانحن اليوم نرى ايران في تماسكها وقوتها ومناصرتها للمظلومين ومناوئتها للباطل وكذلك اليمن بقوتها وانتصارها ومستقبلها القادم ان شاء الله لذا على العراقيين وبقية الدول ان تعيد ترتيب أوراقها مع الله وليس مع أمريكا لتنتصر .
المقاييس البشرية دائما تنظر الى شهواتها وذاتها لذا تهتم بجزئيات وتتناسى جزئيات أهم وأرقى وارفع فهي تنظر الى التطور العلمي والامني والمعيشي وتتناسى العلاقة بالقران وهي الأهم والاوسع فقريش كانت تنعم بالأمن والثروة (الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ولكن المقاييس الاهم من العزة والكرامة وغيرها كانت مفقودة تماما لذا جاء الرسول وجاء القران.
#د_يوسف_الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
Abo_raghad20112@hotmail.com
Discussion about this post