كشف المكنون عن فكر أركون:
الأستاذ شريف عبدو
أركون يراسل لويس ماسينيون Louis Massignon
يقول أركون، بما أنني كنت منشغلا منذ زمن طويل بتساؤلات تخص مسار الفكر العربي الاسلامي ، وبما أن طه حسين نبهني في نقده للمؤسسات التعليمية الاسلامية كالأزهر والزيتونة، إذ خطر على بالي الاتجاه إلى أحدهما، وبما أنني نتيجة لذلك ، كنت أعتقد أن أساتذة باريس هم وحدهم القادرون على إشباع عطشي المعرفي ، خطر على بالي أن أتوجه مباشرة إلى لويس ماسينيون ، طالبا النصيحة والعون.
يواصل أركون ، لكن بما أن تجربتي مع الأساتذة الفرنسيين بالجزائر خيبت أملي بسبب تعجرفهم ونزعاتهم الاستعلائية الأكاديمية ، لم أتجرأ كطالب نكرة مجهول على الكتابة إلى أستاذ كبير في الكوليج دي فرانس الذي هو أعلى من السربون، فمن أنا حتى أتوجه بالخطاب إلى ماسينيون ؟ وهل سيرد علي أصلا ؟ ولم أتجرأ على فعل ذلك إلا بفضل تشجيع الصديق لويس غاردي ،
لم يكتف لويس ماسينيون ” الشيخ الرائع” كما يلقبه جاك بيرك ، بالرد على أركون ، وإنما راح يرفع من شأنه عن طريق مخاطبته ” زميلي العزيز” ولم يكن أركون أنذاك إلا طالبا شابا بسيطا،
كان ماسينيون من المثقفين الفرنسيين الذين حاربوا السياسة الكولونيالية ودافعوا عن استقلال الجزائر غلى شاكلة جان بول سارتر وبول ريكور وهنري مارو وأندريه ماندوز،
استقبل ماسينيون أركون ببيته الباريسي ، واقترح عليه الاشتغال في تحضير الدكتوراه حول الاسلام الاتنلوجي السوسيولوجي ، وبالفعل سجل أركون أطروحة دكتوراه دولة عام 1957 تحت إشراف جاك بيرك وكان الموضوع حول ( الممارسة الدينية في منطقة القبائل الكبرى بالجزائر ) ، لكن تعذر على أركون تحقيقها بسبب الحرب التحريرية ، فاتجه أركون إلى موضوع نظري ، كما سنرى ذلك في المحطة المقبلة،
الصورة: لويس ماسينيون أيام دراسته بالأزهر.
Discussion about this post