(( نفسية الشهيد “الذي وفى” وانعكاساتها على الصهاينة))
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.con
طالما وضع الله سبحانه وتعالى مقياسا واحدا لكي يثبت كل مدعي الحب لله أنه يحبه بالفعل وهذا المقياس هو “عدم الخوف من الموت في سبيل الله” فتساقطت أقنعة ونفوس كثيرة وعلى رأسها اليهود الذين يزعمون بألسنتهم انهم أولياء لله من دون الناس ، غير أن أبناء اليمن في هذه الفترة يسطرون أعظم وأروع الآيات التي قد يراها العالم انها ضربا من الإعجاز ويراها اليماني أنها ضربا من يومياته الأعتياده بعد أن باع نفسه لله لذا تكررت مثل هذه الأحداث رغم ان ما تلتقطه الكاميرات الا الشيء اليسير ، وتأتي آية الشهيد الذي وفى أبو فاضل على قائمة هذه الآيات .
كانت المعركة في احدى جبهات الجوف على أشدها تستعر لظى فوقع عدد من المجاهدين في التضييق والحصار لمرتزقة العدوان الصهيوني الأمريكي من ثلاث جهات فسقط منهم جرحى وقلت عندهم المؤنة فأصبح الجميع على وقع الانتظار للشهادة غير أن المجاهد أبة فاضل طومر والذي كان مع بعض المجاهدين في منطقة مقابلة لمسرح الأحداث تسيطر عليها اللجان والجيش اليمني وغير محاصرة عاش نفسية التحرك بإيمان وثقة بالله حاملا في قلبه (أن الله أشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم …… يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) فقرر التحرك بثقة موسى عليه السلام الذي قال لقومه المتذبذبين الخائفين من بني اسرائيل (كلا ان معي ربي سيهدين) .
عندما تحرك المجاهد أبو فاضل طومر بالمدرعة لتنفيذ عملية اجلاء جرحى وايصال مدد لزملاءه المحاصرين كان يدرك وبنسبة 100% انه سيتعرض لوابل من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة غير ان ذلك لم يثنيه عن تنفيذها فوصل الى زملاءه المحاصرين فأجلى الجرحى وأوصل المدد ثم عاد معرضا نفسه لنفس ما عرضها عند ذهابه ولكن كان الله معه وهداه وخاب كيد المرتزقة المنافقين، فيا ترى كيف كانت مشاعره التي حملها عند تكراره للعملية ولكن هذه المره ليس فوق مدرعة بل فوق سيارة عادية وما يطلق عليه في اليمن (الطقم او الشاص) حيث جاء اعطاب المدرعة لكي يعطينا الله درسا للثقة به أن المدرعة لم تكن السبب في حماية المجاهد فهاهو الله حماه في سيارة تخترقها رصاص أي كلاشنكوف فقط الثقة بالله هي الحصن والدرع لينجح وينتصر للمره الثانية ولكنه لم يكتف من تلقين المنافقين دروسا في الارتباط بالله والذين لم يعتبروا وهم يشاهدون كيف حفظ الله هذا المجاهد من أسلحتهم فيكفيهم آية ودلائل ليعودوا لجادة الحق حاملين نفسية فرعون واليهود الذين كانت تأتيهم آيات الله فلا يزيدهم ذلك الا كفرا ونفورا.
لم يكتف المجاهد بما قام به فلربما كان قد تلذذ بنور الله وتأييده فأبى الا أن يستمر في التقلب في هذا النور العظيم الرباني فتحرك بثقة بالله أمتلكها وللمره الثالثة وبطريقة تدل على أنه لم تهتز له شعره خوفا من العدو او تزداد نبضات قلبه وتتسارع ويتعرق وكأن غدده التي تفرز هرمون الإدرنالين كان قد خلعه في البيت عندما قرر التحرك مع الله ، وبالفعل هذا ما عكسته لحظة استشهاده عندما أراد الله ان يكافئه بعد كل هذه الآيات وبعد ان علم الله أنه ولي من أولياءه وأنه ممن يسعى للآخرة سعيها وهو محسن فأستطاع العدو اعطاب سيارته فلم يثنيه ذلك على ان يتكوم فيها منتظرا مثلا ان يتم انقاذه من زملاءه او يستشهد وهو متكوم فيها فأمثال هؤلاء لا يسقطون بل يقتلون وهم واقفون متحركون هاماتهم تعانق السماء واقدامهم ثابتة في الأرض (وثبت أقدامنا) فخرج من السيارة مترجلا ومتحركا صوب العدو بكل بأس وعزة وأنفه حتى تكالبت على جسده الطاهر عشرات بل مئات الرصاص من ثلاث جهات فأثبت أنه مؤمن باليوم الآخر حق الإيمان.
مهما حاولنا التوصيف والتدقيق والشرح والتحليل فلن نستطيع أن نصل الى 1% من حقيقة المشاعر الروحانية الايمانية الإلهية التي كانت تجتاحه ولكننا نستطيع ان نصفه بأولياء الله وبأن له الدار الآخرة لتحقيقه شروط هذه الأحقيات والمحددة في قوله تعالى (قل ان كانت لكم الدار الاخرة خالصة من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين ) و (قل يا أيها الذين هادوا ان زعمتم أنكم اولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت ان كنتم صادقين) والشهيد كان أصل الصدق ومنبع الإيمان .
من عظمة الحدث هذا أنه ارتبط بضعف وهوان اليهود من بني اسرائيل فالله عندما فضح زيفهم وكذبهم في ادعاءهم انهم اولياء لله من دون الناس بوضع مقياس (فتمنوا الموت) وبأن لهم الدار الآخرة خالصة من دون الناس وبنفس المقياس (فتمنوا الموت) واضعا هذه النفسية كجهاز كشف الصدق من الكذب (فتمنوا الموت ان كنتم صادقين) ليواصل الله فضحهم بقوله (ولن يتمنوه ابدا بما قدمت ايديهم والله عليم بالظالمين) في كلتا السورتين (البقرة والجمعة) ولنفس المقياس ، غير ان الانسان اليماني الذي لا يخاف الموت بل يجده الأحب الى قلبه مادام في سبيل الله فالرسالة هنا موجهه وبكل قوة من الشهيد أبو فاضل الى الصهاينة اليهود ومنهم الى أذنابهم من المنافقين في الانظمة المرتهنة العميلة وعلى رأسها السعودي والإماراتي ، وهي رسالة تعليمية وتأهيلية لمن مازالت نفسيته واقعه في (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة) لتزكى نفوسهم وترتقي ولتعلم ان وعد الله حق فتثق بالحق كل الثقة كما وثق به شهيدنا الذي وفى .
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post