تـحـديد الـكـل
إبراهيم يحيى الوشلي
لا تمازح من هم أكبر منك .. هذه النصيحة الذهبية لطالما سمعناها من آبائنا وأمهاتنا في أيام الطفولة، والسبب هو خوفهم وقلقهم الطبيعي على أطفالهم، فهم لا يريدون أن تعود إلى البيت باكياً في أحد الأيام، بعد أن قام أحد أولاد الحارة بإبراحك ضرباً إزاء مزاحك الطفولي والسخيف .
ولأنني منذ الطفولة أعرف مصلحتي جيداً فقد كنت أطبق مثل هذه النصائح بدقة عالية ودون استهتار، إلا أنني لم أكن أعرف أن ذكائي وقياسي للأمور وتبعاتها لا يُقارن بغباء النظام السعودي الأحمق .
صدقوني لو رصدت لكم عدد النصائح والتحذيرات التي تلقاها أولئك الأغبياء لأصبح المقال طويلاً جداً ومملاً، وهي تشمل التصريحات الجادة عن قدراتنا العسكرية التي أطلقها قائد الثورة للسعودية والإمارات في مقابلته التلفزيونية مؤخراً وفي أغلب خطاباته، وتصريحات القيادة السياسية والعسكرية التي نسمعها بين الفينة والأخرى دون انقطاع، وأيضاً تلك العمليات النوعية السابقة التي استهدفت منشآت أرامكو ومطار الملك خالد بالرياض ومطار أبوظبي وغيرها من الأهداف الحيوية والاقتصادية .. كلها في الأخير “تحذيرات ونصائح” ولكن اختلفت أساليبها وأنواعها حتى لا يشعر الشعب اليمني بالملل .
ولأن الطفل “ابن سلمان” يعاني من مرض تأخر الإدراك دون غيره من الأطفال الطبيعيين، فهو لم يكترث لتلك النصائح القيمة وأصر على مواصلة الإثم والعدوان، ومضى مغتراً بأمواله ومتكلاً على بضعة وعود “ترامبية” لا تهش ولا تنش .
حتى جاءت عملية “التاسع من رمضان” لتشهد البشرية أكبر حادثة بكاء وعويل دولية وعابرة للقارات، فالأردن والكويت والبحرين والإمارات ومصر والكثير من الدول والأنظمة استنكرت بشدة استهداف النفط السعودي، ولو كان في القوم خير لنصحوا صديقهم وعقَّلوه قبل أن يقع الفأس في رأسه ورؤوسهم .
أما الجانب الكوميدي لهذه العملية الكبرى فهو يكمن في ردود الفعل التي ظهرت على وسائل الإعلام السعودية، على سبيل المثال قال أحد الحمقى في مقابلة هاتفية مع قناة “العربية”: إن الحوثيين لا يمتلكون قيادة سياسية واعية والدليل هو استهداف طيرانهم المسير لمضخات النفط السعودية .. هذا التافه أراد أن يستهدف الجيش اليمني مدارس الأطفال ومنازل المدنيين لتكون قيادتنا واعية ومحنكة كأسياده .. ولا أحد يدري متى تم تغيير قوانين وأخلاقيات الحرب واستبدال الأهداف الحيوية والعسكرية بالأهداف المدنية .
وهناك محلل سعودي آخر فريد من نوعه، قال إن الطائرات الحوثية ضعيفة ومصنوعة من البلاستيك ولهذا لم تستطع الرادارات التقاطها أو التصدي لها، ويبدو أنه لايزال متأثراً بحادثة “الصواريخ البلاستيكية” الشهيرة والخاصة بالسيسي، والعلماء لا زالوا حائرين كيف استطاعت “مادة البلاستيك” أن توقف حركة النفط العالمي وتجرجر الأسهم السعودية إلى الأسفل، وصولاً إلى تهديد أمن واقتصاد العالم .. ولو سألوها لقالت إنما هو من عند الله .
وفي الجانب الحزين لهذه العملية تستمر مظاهر العزاء والمواساة والطبطبة على ظهر الطفل السعودي، وهذا يجعلنا نتساءل ..
أيها الحمقى نحن لم نذرف الدموع عندما كان عدوانكم عالمياً، فلماذا أجهشتم بالبكاء عندما جاءكم منا الرد العالمي ؟
ولكن على الأقل ستدركون أن هذه العملية ليست مجرد رسالة فردية للمملكة، إنها رسالة جماعية تخص قائمة تحالف الشر دون استثناء، فالجيش اليمني قام “بتحديد الكل” قبل أن يضغط على زر الإرسال .. وافهم يا فهيم .
ملتقى الكتاب اليمنيين
Discussion about this post