بدأ يوسف حياته بالإحسان ، فكان محسنا وهو في قصر العزيز خادما(ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين)
وعندما ظلموه ورموه في السجن رغم تلك الآية العظيمة في تبرأته (وشهد شاهد من أهلها) ايضا بقى محسنا رغم الحياة المؤلمة والمقيدة والضيقة (إنا نراك من المحسنين)
وعندما انجاه الله جعله على خزائن الأرض واصبحت رقاب كل من ظلمه تحت سلطته فلم يؤثر ذلك الحال العظيم الذي أنتقل اليه فيه بل بقى محسنا (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين)
وعندما أخضع الله له رقاب من ظلمه من اخوته لم تتغير نفسية الإحسان التي كان عليها بل بقى كذلك حتى شهد له اخوته بذلك رغم عدم معرفته به (قالوا يا أيها العزيز ان له ابا شيخا كبيرا فخذ احدنا مكانه انا نراك من المحسنين)
وعندما أنذهل إخوته بالمستوى العظيم الذي وصل إليه يوسف من ملك عظيم وأيضا التمكين الذي مكنه عليهم ونصره عليهم أعطاهم السر الكبير في كل هذه الأمور وأسبابها بقوله (الاحسان) فقال لهم (انه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) مؤكدا لسنة من سنن الله بأن الخير سيصيب كل محسن مهما طال الزمن واختلفت الأماكن وتغيرت الأوضاع .
المحسن يبقى محسنا سواء كان في قصر عالي او في سجن ضيق او في عرش حاكم ، وسواء كان محكوما او حاكما ، تابعا او متبوعا ، ضعيفا او قويا ، فقيرا او غنيا ، فلا تؤثر عليه كل حوادث الزمان ومتغيرات المكان والأحداث كالذهب يبقى محافظا على قيمته سواء كان معروضا للبيع او كان موضوعا للزينة او محفوظا في الخزنة .
هكذا يجب ان نعتبر ونستوعب العبر من قصص القرآن الكريم .
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post