"نحو حداثة أصيلة "
إن فكرة الحداثة ،كانت التأكيد على أن الإنسان هو مايصنعه (آلان تورين )1
وهذا ماأكده علي ابن أبي طالب ،ع،بقوله :(المرء حيث يضع نفسه )،ويمكن سحبه على المجتمع أو الأمة من خلال قوله تعالى :(إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ).
فمفهوم الحداثة- المعروض -(يوجد توافقا وثيقا بين الإنتاج وتنظيم المجتمع والحياة الشخصية ) 2
فمجموع الأثر الذي يكونه الأفراد ،يصنع الأثر الحضاري للأمة ،وتنظيم الأفراد بشكل ما يؤثر حتما في مايصدر عن هذا المجتمع ،الذي يعمل على تشكيل نمطه الخاص في الزمن الحاضر وإطلاق نهضته .
(وهذا مايؤكده الدكتور طيب تيزيني ،الذي يرى أنه قد تشكلت منظومات معرفية وأيديولوجية ،أسست للتحولات الغربية التاريخية )3
فصناعة التحولات الكبرى وافتتاح العصور ،كانت ارتدادا لتحولات فكرية ،وإنتاج أيديولوجيات وضعها مفكرون ،أثارتهم أوضاع مجتمعاتهم المتردية ،أو آلامتهم مرارة الركود والاستلاب القائمة في المجتمع ،فأطلقوا أفكارهم -المنبثقة من وحي بيئاتهم -لتحرك جموعا بشرية نحو أهداف رسموها ،قد لاتتحقق واقعا ،إلا أنها ستنقل الحياة وأنماط الاجتماع إلى حالة أخرى غير التي كانت سائدة فيه قد تكون أفضل أو أكثر سوءا كماحدثنا التاريخ .
(وبهذا تكون الحداثة عبارة عن نمط حياة شاملة لمدة تاريخية ترتبط بالجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية )4
إلا أن هذه التحولات لابد أن تكون اختيارية واعية ،لاقهرية ولاناتجة عن غياب الوعي بالتقليد المغفل ،تحولات تنبثق من احتياجات المجتمع وآلامه ،ومن هويته الذاتية .
أما إن كانت الحداثة قالبا مستوردا من هنا وهناك ،فقد تجعل من المجتمع كمن يسرق ثوب غيره ،فلاضمان أنه على المقاس ،وقد يزيد عيوب صاحبه وترهلاته افتضاحا.
أو كالمهرج الذي غير شكله ليغدو أضحوكة للآخرين .
من هنا ينبغي لمفكري ونخب المجتمعات العربية والإسلامية أن يبدعوا حداثة تليق بهم ،لتكون ثوبا يستر عوراتهم ،ويخفي ترهلاتهم الفكرية ،والاجتماعية ،والاقتصاد ية والسياسية ،فأثواب الآخرين مصنوعة على مقاساتهم ،وقد تزيد عوراتنا انكشافا .
حسام خلف .
– – – – – – – – – – –
1-تورين ،نقد الحداثة ،منشورات وزارة الثقافة (دمشق ) ،1998م،ج1،ص3.
2-نفس المصدر ،ص3.
3-إشكالة الحداثة /رواء حسين / ص19.
4-صالح أبوإصبع( مقدمة كتاب الحداثة ومابعد الحداثة )ص 27.
Discussion about this post