كيف تستفيد غرف الأخبار الحديثة من الذكاء الصناعي؟
,Curated Content
ماريا تيريزا روندروس
لقد أوكل العديد من غرف الأخبار ووكالات الأنباء، منذ وقتٍ مضى، الأخبار الرياضية، والأحوال الجوية، وحركة الأسواق المالية، وكذلك مواضيع أداء الشركات إلى أجهزة الكمبيوتر. وقد نتفاجأ لأن باستطاعة الآلات تقديم أخبارٍ أبلغ وأكثر شمولية ممّا يقدمه بعض المراسلين.
فعلى عكس العديد من الصحافيين الذين غالباً ما ينسبون قصتهم إلى مصدرٍ واحد، فإن البرامج الرقمية قادرة على استيراد البيانات من مصادر عدة، والتعرّف على النزعات والنماذج، واستخدام تقنية معالجة اللغة الطبيعية، ووضع تلك النزعات ضمن إطارٍ سياقيّ، وتركيب جمل منمّقة تضمّ نعوتاً، وصوراً مجازية، وتشابيهاً. كما أصبح بإمكان الأجهزة الآلية الآن تحرير تقارير صحافية عن عواطف الجمهور في مباراة كرة قدم متقاربة النتيجة.
أدّى جميع هذه التطوّرات بالعديد من العاملين في الصحافة إلى التخوّف من أن يعطّلهم الذكاء الاصطناعي عن العمل. ولكن لو عانق الصحافيون الذكاء الاصطناعي عوضاً عن خشيته، لجعلوا منه “المخلّص” الذي يصبو إليه القطاع؛ مما قد يمكّن الصحافيين من تغطية الأخبار العالمية التي تتزايد تعقيداً، وعولمةً، ومعلوماتٍ بشكلٍ أفضل.
بإمكان الآلات الذكية أن تزيد من زخم تقارير الصحافيين، وإبداعهم، وقدرتهم على استرعاء انتباه الجماهير. من خلال اتّباع نماذج البيانات، وبرمجته “لتعلّم” المتغيّرات فيها مع الوقت، يصبح بإمكان الخوارزميات مساعدة الصحافيين على ترتيب النصوص، وفرزها، وصياغتها بسرعةٍ لم يتصوّرها عقل من قبل. فهي قادرة على تنظيم البيانات من أجل العثور على الحلقة الضائعة في أيّ تحقيق صحافي. كما إن بإمكانها التعرّف على النزعات، ورصد النشاز من بين ملايين نقاط البيانات التي قد تشكّل بدايةً لسُبُقٍ صحافيٍّ عظيم. فاليوم، مثلاً، أصبح بإمكان وسائل الإعلام تلقيم بيانات المشتريات العامة للخوارزمي، والقادر بدوره على مراجعة البيانات ومقارنتها بالشركات الكائنة على العنوان نفسه. وقد يمنح تحسين هذا النظام المراسلين الصحافيين العديد من التلميحات التي قد تقودهم إلى عقر الفساد في بلدٍ معيّن.
ولا يقتصر عمل أجهزة الكمبيوتر الذكية على تحليل كميات هائلة من البيانات للمساعدة على إنهاء التحقيقات بسرعة؛ بل إنها أيضاً تساعد على إيجاد المصادر، والتحقق من وقائع القصص من الجمهور لمعرفة ما إذا كانت المساهمات محط ثقة. وفقاً لتقرير صدر في عام 2017 عن Tow Centre، يستخدم العديد من وسائل الإعلام في الولايات الأميركية الذكاء الاصطناعي حالياً للتحقق من الوقائع. فوكالة رويترز، مثلاً، تستخدم News Tracer لتعقّب الأخبار العاجلة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحقق من نزاهة ما يُنشر على Twitter. من جهة ثانية، تستخدم مجموعة Serenata de Amor البرازيلية، والتي تضم عدداً من الصحافيين وعشاق التقنية، لتعقّب كل عملية ردّ أموال يزعمها مجلس الشعب في البلاد، ولإلقاء الضوء على بعضٍ من النفقات العامة المُشتبه فيها.
بإمكان الخوارزميات مساعدة الصحافيين على ترتيب النصوص، وفرزها، وصياغتها بسرعةٍ لم يتصوّرها عقل من قبل. فهي قادرة على تنظيم البيانات من أجل العثور على الحلقة الضائعة في أيّ تحقيق صحافي. كما إن بإمكانها التعرّف على النزعات، ورصد النشاز من بين ملايين نقاط البيانات التي قد تشكّل بدايةً لسُبُقٍ صحافيٍّ عظيم
هناك العديد من الطرق الأخرى التي تسمح للخوارزميات بمساعدة الصحافيين: بدايةً من إعداد مقاطع الفيديو الخام، وصولاً إلى التعرّف على النماذج الصوتية والكشف عن هوية الوجوه ضمن جماعة من الأشخاص. بالإمكان برمجتها للدردشة مع القرّاء (روبوتات الدردشة) والردّ على الاستفسارات. أما الجزء الأصعب، فيكمن في كون هذه العملية مستحيلة بدون وجود صحافي بشري يطرح الأسئلة عن البيانات، واضعاً هدفاً معيناً نصب عينيه. يجب على المراسلين والمحررين أن يتعلّموا بسرعة طريقة تشغيل هذه الأنظمة، والطريقة التي تسمح لهم باستعمالها لتحسين عملهم الصحافي.
لا يتمتع معظم الصحافيين في العالم بوصول إلى فريقٍ من المبرمجين وعلماء البيانات لمساعدتهم على تصميم مشاريعهم وبنائها. التعاون هو الحل. بإمكان غرف الأخبار الصغيرة والصحافيين المستقلين التعويض عن النقص في الموارد من خلال التعاون مع مُطوِّري البرامج الرقمية، للمساعدة على بناء أواصر علاقة تعاون مستمرة. كما قد تزداد بصيرتهم في رصد أدوات البحث والتحليل مفتوحة المصدر العديدة المتوفرة.
الصورة: R M Media Ltd تحت رخصة المشاع الإبداعي
ظهرت هذه المقالة في البداية في الرسالة الإخبارية لشهر أكتوبر 2018، لبرنامج مؤسسة المجتمع المفتوح للصحافة المستقلة، وتمت إعادة نشرها من شبكة الصحافة الاستقصائية الدولية.
Discussion about this post