اقتحام المسجد الأقصى من قبل مجموعات استيطانية لإقامة شعائر توراتية داخل باحاته, في ذات التوقيت الذي يؤدي فيه أكثر من 60 ألف فلسطيني صلاة عيد الأضحى, ورغم قرار من رئيس الشرطة الصهيوني منع المستوطنين من دخول باحات المسجد الأقصى في فترة عيد الأضحى خوفاً من اندلاع مواجهات عنيفة بين المصليين وبين المستوطنين, إلا أن قراره لم يصمد أمام اعتراض زعماء حزب اليمين الجديد “سيموتريتش” و”آييلت شاكيد” اللذان ادعيا أن القرار سياسي صادر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو, الأمر الذي قد يزعزع قيادته لليمين الإستيطاني في إسرائيل, مما جعل رئيس الشرطة يتراجع عن قراره ويسمح لأكثر من ألفين مستوطن باقتحام المسجد الأقصى.
ترافق مشهد اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى في عيد الأضحى, بمشهد اعتقال فلسطينيين تتهم إسرائيل بتنفيذ عملية مقتل الجندي المستوطن بالقرب من قرية بيت فجار, حيث حاولت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالتعاون مع الإعلام الإسرائيلي التأكيد في سياق تحرير الخبر على جملة (انتزاع المنفذين من سرائرهم, دون مقاومة), بالإضافة لصور مشاهد الجنود والآليات العسكرية المنتشرة بكل أريحية داخل القرى الفلسطينية في منطقة الخليل.
وبعيداً عن المكاسب الانتخابية التي يسعى اليمين الاستيطاني من تحصيلها من وراء هذين المشهدين, اليمين الاستيطاني في إسرائيل لا يكرس فقط داخل الوعي الإسرائيلي إمكانية ضم الضفة الغربية, وعدم القلق من التبعات السياسية والأمنية من وراء الضم, بل ويتعدى ذلك للعقل الفلسطيني والعربي أن لا أحد يمكن أن يثني إسرائيل عن قرارها بضم الضفة الغربية, حتى اتفاقيات أوسلو التي أنتجت سلطة فلسطينية لديها سيادة على بعض المناطق من الضفة الغربية لن تقف عائقا أمام إجراءات الضم الاستيطانية.
المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذات وجهة النظر الأمنية البراغماتية, ورافعة شعار “الاستيطان الأمني” الذي يمنحها القدرة على حماية أراضي الكيان, لها مصلحة بتصدير هذين المشهدين, لتحسين علاقتها المتوترة مع قادة الاستيطان في الضفة الغربية على ضوء اتهاماتهم المتكررة للجيش بعدم قدرته على حفظ أمن المستوطنين, ومعارضة بعض قياداته العاملة في الضفة الغربية لمشروع الاستيطاني الأيدلوجي.
لكن هناك مشهد ثالث أمني وعسكري مغاير لمشاهد اليد الطولى في الضفة الغربية, تسعى كل من المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي الحاكم في إسرائيل بزعامة نتنياهو التغطية عليه، يكشف عجزهما في التعامل معه, يحدث على حدود غزة منذ أكثر من سنتين, تجلى في الآونة الأخيرة بأسلوب العمليات “العسكرية الفردية” على الحدود, وبالمقارنة بين آلية معالجة نتنياهو للأحداث الحالية وبين طريقة تعاطيه لعملية خطف وقتل المستوطنين الثلاث في الخليل عام 2014, الذي في وقتها سارع بتحويل نيران جيشه تجاه غزة لتثبيت حكمه لليمين في إسرائيل, ندرك أنه حتى الآن الاستيطان في الضفة والقدس هي الاستراتيجية الأساسية لنتنياهو لكسب أصوات اليمين الإسرائيلي للوصول لرئاسة الحكومة في الانتخابات القادمة, وليس الحرب على غزة.
بقلم:حسن لافي
Discussion about this post