العقل العربي إلى أين..؟!!!
كثيرة هي الأحداث والمواقف التي مرت بها الشعوب العربية وعصفت بذاكرة العربية نحو أمور خطيرة تركت آثارها وظلالها على العقل والفكر العربي.
ويبقى السؤال على النهضة العربية ممكنة وقابلة للتحقيق؟؟؟
عام 1947 رفض الشعب الفلسطيني بقيادة الحاج أمين قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يحصل فيها الفلسطينيون على 46 % من فلسطين، مع بقاء جميع المدن والقرى الفلسطينية كما هي تحت السيادة الإسرائيلية، بمعنى أنه لن تحدث أي تغيرات جوهرية على حياة السكان ولن تحدث المذابح ولا التهجير !
في مؤتمر مدريد 1991 تمت المطالبة بدولة فلسطينية في الضفة وغزة أي على ما يقارب 22 % من فلسطين التاريخية، ثم – وفي تحول دراماتيكي – قبلنا في أوسلو مناطق ” أ ” فقط والتي لا تشكل 12 % من فلسطين، فيما الان بعضنا يبكي ليحصل على إمارة في غزة وحدها على 1.3 % من فلسطين !!!
ماذا نستنتج من كل ما سبق ؟؟!
1- القيادة الفلسطينية لا تفكر إلا في الصدام والعنف وهي عاجزة عنه في الواقع، فقد انتهت ثورة 1936 بقرار تقسيم فلسطين 1947، وانتهت حرب 1967 باحتلال سيناء وغزة والضفة والجولان. انتهت حرب 1982 بخروج الثورة من لبنان، وانتهت الانتفاضة الأولى بأوسلو والثانية باغتيال أبو عمار وتدمير المطار وبناء الجدار العازل واستفحال الاستيطان.
2- لا يقتصر التفكير في الصدام والعنف على العقل الفلسطيني، فقد خاض ناصر مواجهة 1967 دون عتاد وكانت النتيجة احتلال سيناء وغزة والضفة والقدس والجولان، كما عاد صدام حسين إلى خوض مواجهة مع أمريكا 1991 وكانت النتيجة في النهاية احتلال بغداد وتقسيم العراق، ثم عاد ياسر عرفات إلى خوض مواجهة مسلحة انتهت كما تم تفصيله في البند الأول.
3- استنزف العرب قدراتهم وثرواتهم ومجتمعاتهم في حروب خاسرة دون جهوزية أو عتاد ملائم بينما لم يحظى إصلاح التعليم ومنظومة التربية بأي جهد يذكر فكانت النتائج مزيدا من الهزائم ومزيدا من النكبات والويلات.
4- كان للتمدد الإسلامي المصنوع في دوائر بريطانيا دور مؤثر في حصار العقل العربي وحرمانه من التحليق وحرية التفكير وزاد الطين بلة سيطرة العسكر على مقاليد الحكم بقبضة أمنية بوليسية جعلت من الوطن العربي بيئة طاردة للكفاءات.
5- كان الاحتلال الإسرائيلي مجرد شماعة أو مشجب لتعليق أسباب التخلف، بينما لم يمنع الاحتلال الأمريكي لكوريا الجنوبية من تقدمها وتطورها المذهل خلال 50 عاما من دولة فلاحية فقيرة إلى دولة صناعية من الثمانية الكبار.
6- لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي للضفة وغزة أن يوقف مسيرة التقدم العلمي والتكنولوجي ولا التحولات الديمقراطية في المؤسسات ولا يمكن للاحتلال أن يمنع حرية التفكير والاعتقاد وهي أهم وأخطر الحريات الإنسانية، بينما تمنع تقاليد المجتمع والموروث الأيديولوجي تلك الحريات.
7- المدارس والجامعات ومنظومة التعليم بشكل عام في العالم العربي تؤدي عكس أغراضها، فهي بدلا من أن تغير منظومات الفكر والقيم وتستنكر مظاهر الفساد تقوم بتعليم منظومة الفكر السائدة في المجتمع، وهي منظومة التخلف الحضاري وعدم احترام العلم وقواعد المنطق.
8- أي نهضة عربية يجب أن تكون مسبوقة بمرحلة من التنوير الفكري لترسيخ أهمية العلم ودور الفيزياء والعلوم الطبيعية في مسيرة التطور التاريخية منذ عصر النهضة الأوروبي وحتى يومنا هذا، مع إعادة كتابة حقيقة علماء الدولة العباسية كجهود فردية خارج النسق الثقافي السائد.
9- مرحلة التنوير يجب أن تؤدي إلى تغيير ثوري في مناهج الطلاب، بدءا من مرحلة الروضة ومرورا بالمتوسط والثانوي والجامعة، بحيث يتم تقليل الجرعة الدينية السلفية من حيث الكم واختيار نوع المعلومة.
10- الديمقراطية هي راية العصر، وحرية الصحافة وتطور نظم القضاء والمحاسبة واستقلال السلطات الثلاث هي أمور مطلوبة ومرغوبة لإصلاح الدولة الفاشلة التي نشرت الفوضى والفساد وتسببت في هزيمة حضارية أمام الأمم الأخرى.
✒️بقلم الأستاذ وسام المقيد.
Discussion about this post