ثلاثون عاما على رحيل الخميني.. فهل أفل نجمه؟
عبدالرحمن أبوسنينة
صحفي فلسطيني مقيم في ايران
وفقت بالأمس في طهران للمشاركة باحياء الذكرى الثلاثين لرحيل الامام الخميني وسط مشاركة عشرات آلاف الايرانيين، هذه المراسم التي اختتممت بخطاب لمرشد الجمهورية السيد الخامنئي، وسنحت لي الفرصة عن قرب للاستماع اليه مباشرة بالفارسية، متلمسا الأجواء الخاصة للتجمعات الشعبية في ايران التي يتحدث فيها قائد الثورة مباشرة للشعب الايراني.
اطلالات (الولي الفقيه) وسط الجموع الشعبية تتميز بلحظات خاصة من الحماسة ومفعمة بالترقب، فبمجرد خروجه وتحيته للحاضرين تلفتك حالة الخشوع التي تنتاب المشاركين من محبيه، بل عشاقه بدون مبالغة، لدرجة أن الكثيرين منهم لا يتمالكون أنفسهم مجهشين بالبكاء، ولو راقبتم على شاشات التلفزة لرأيتم أجفان كثير من الحاضرين غرقة بالدمع، في مشهدية يقل نظيرها في عالم اليوم نسبة الى العلاقة بين السياسيين وأنصارهم.
ولافادة القارىء أقدم فهمي لخلاصة الخطاب الهام للسيد الخامنئي في هذه الذكرى المتزامنة مع تصاعد الأزمة بين الايرانيين والامريكيين.
رسائل وجهها الرجل الى الداخل والخارج، فمحورية عمل النظام في ايران، تستند الى إرث صاحب الذكرى مؤسس ايران الاسلامية الحديثة الامام الخميني، هو العنيد بالحق اذن الذي لم ينثني لتهديدات العدو، وهي لم تستطع التأثير في قرارته وحساباته، وقد اختار طريق المقاومة عن وعي وبصيرة، مقاومة امتدت أدبياتها واسلوبها الى البلاد الأخرى خاصة في وجه المستكبرين كأمريكا واسرائيل، وهو المقصود من تصدير الثورة، وليس كما يروج خصوم ايران أن المقصود هو تحويل الناس الى المذهب الشيعي.
وهنا يؤكد السيد الخامنئي إلى أن اعتماد هذا الطريق لا بد فيه من دفع الضريبة في المدى المنظور، لكن مهما كانت فانها أقل بكثير من كلفة الاستسلام، مستدلا بأن اقتدار الجمهورية الاسلامية وتطورها هو ثمرة للصمود في وجه القوى الكبرى، التي لا تهدف الا لنهب الشعوب، بينما حلفاء امريكا والذين هم طوع أمرها في المنطقة، لا يحصدون الا الاهانات والدفع المتواصل من ثروات شعوبهم لصالح الامريكيين.
لمؤ يتهرب المرشد الايراني من واقع الأزمة الاقتصادية في البلاد، لكنه ينوه أن في جعبة البلاد ما يجعلها تنتصر على العقبات، فالشعب الايراني لم يصل الى طريق مسدود في المواجهة العاقلة مع الأعداء، فضلا عن تمتع الشعب الايراني بروح المبادرة، وكمثال صغير على صدقية هذه الروح ما شاهدته من الايرانيين عقب انتهاء المراسم، الذين سارعوا للتبرع في الصناديق المخصصة، وعندما سألت أحدهم ما الذي يدفعك أن تتبرع للجنة امداد تتبع الحكومة، أجابني أنني كأحد أفراد الشعب اريد ان أساعد وأقرض بلدي قرضا حسنا دون مقابل، عوض ان نلجأ الى مرابي العالم، وصندوق النقد الدولي.
لم تغب فلسطين في كلمات الخطاب، فهي أم القضايا الاسلامية تدور معها ايران حيث تدور، لافتا وشاكرا للذين أحيوا يوم القدس العالمي آخر جمعة من رمضان، في أكثر من 100 بلد، حضور اعتبره مؤلما للعدو، فالمسلمون لن ينسوا اعتداء الصهاينة عليهم وعلى مقدساتهم، وسينتقموا من الظالمين، ويزيلوا الغدة السرطانية الصهيونية من مطقتنا، وهو كما يبدو استلهام من احياء أتباع مدرسة أهل البيت السنوي لاستشهاد الحسين بن علي حفيد الرسول الاكرم (ص)على يد يزيد بن معاوية الخليفة الأموي الذي كان على علاقة بمستشارين من اليهود كما يروي التاريخ، احياء أبقى لوعة المأساة حاضرة من ناحية العاطفة، وجذوة النهضة مشتعلة على الصعيد الفكري والعملي.
ويخلص الخطاب إلى أن الخط المقاوم الذي أسسه الامام الراحل الخميني، لا يزال متوهجا، بل اقوى من أي وقت مضى، في حين أن انتخاب ترامب رئيسا لأمريكا دليل على تراجعها وأفولها فمصير 300 مليون شخص بيد رئيس متصهين متهتك، يحمل الصفات التي بات يعرفها الجميع، وتمثل الأفول الاخلاقي والسياسي لزعيم الشر الامريكي .
Discussion about this post