واقعة الطف
🖊️اعداد الدكتور علي حزام الهديس كاتب سياسي يمني مقيم في نيورك
واقعة الطف، هي ملحمة وقعت سنة 61 للهجرة في كربل اء بين الجيش الأموي والحسين بن علي، سبط الرسول (ص) مع ثلة من مناصريه، وذلك بعد رفضه لبيعة يزيد بن معاوية.
ففي العام الذي استولى يزيد على الحكم بعد موت أبيه في الـ15 من رجب سنة 60 للهجرة، تمّ الضغط علي الحسين (ع) للقبول بالخلافة وهو في المدينة فغادرها في الـ28 من رجب متوجهاً إلى مكّة.
أقام الحسين (ع) أربعة أشهر (من 3 شعبان حتى 8 ذي الحجة) في مكة وفي هذه الفترة وصل خبر رفضه لخلافة يزيد، إلى شيعة الكوفة، فأرسلوا له رسائل تدعوه بالقدوم إليهم. فبعث مسلم بن عقيل سفيراً له إلى الكوفة يستطلع آراء الشيعة هناك. فلمّا دخل مسلم الكوفة ورأى إقبال الناس عليه يتعهّدون للحسين (ع)، بعث رسالة يدعو الحسين إلى القدوم نحو الكوفة. فأقبل (ع) نحو الكوفة مغادراً مكّة في الثامن من شهر ذي الحجة. كما أوردت بعض التقارير التاريخية بأن الإمام كان على علم بمؤامرة تحاك له في مكّة، فلأجل الحفاظ على حرمة البيت غادرها قاصداً الكوفة.
حینما علم ابن زياد بأن الحسين (ع) يتجه إلى الكوفة، أرسل له جيشاً، فاعترضه الحرّ بن يزيد في منطقة ذو حُسَم، فاضطر الإمام أن یمیل عن طريقه صوب نينوى. وبحسب أغلب المصادر التاريخية دخل الحسين (ع) أرض كربلاء في الثاني من المحرم سنة 61 للهجرة. وفي اليوم التالي أوفد ابن زياد، عمر بن سعد مع جيش آخر إلى كربلاء. وبحسب التقارير الواردة جرت عدة محادثات بين الحسين (ع) وعمر بن سعد، لكن ابن زياد لم يرضَ إلاّ بأخذ البيعة عنوة من الحسين (ع) مهما كلفه الأمر.
وفي عصر التاسع من المحرم استعدّت الجيوش التي أرسلها ابن زياد إلى كربلاء بقيادة عمر بن سعد لبدأ المواجهة العسكرية مع الحسين (ع) ومن بقي معه، إلاّ أن الحسين (ع) طلب مهلة ليلة يتفرغ فيها لمناجاة الرّب. فقام ليلة عاشوراء مخاطباً أصحابه مبرءاً ذممهم عن بيعته وآذناً لهم بالرّحيل وتركِه ليواجه قدره، لكنهم التزاموا بعهدهم ومناصرته حتى الموت.
بدأت الحرب في صباح اليوم العاشر من المحرم وسقط الكثير من أصحاب الحسين (ع) صرعى حتى ظهيرة ذلك اليوم. ثم التحق الحر بن يزيد إلى معسكر الحسين (ع) معلناً توبته للحسين (ع). وبعد ما قتل الأصحاب في منازلاتهم، تقدّم ذووا الإمام (ع) يتصدرهم نجله علي الأكبر وبعد أن لقوا مصرعهم جميعاً، نزل الحسين (ع) إلى المعركة وظل يقاتل إلى أن استشهد في عصر ذلك اليوم، وقطع شمر بن ذي الجوشن -أو على رواية سنان بن أنس- رأسه من جسده، ثم أُرسل إلى عبيد الله بن زياد في نفس ذلك اليوم، أمر ابن سعد بوطء جثمان الحسين (ع) تحت حوافر الخيل.
بعد أن حطت الحرب أوزارها، سيق النساء والأطفال سبايا إلى الكوفة ومنها إلى الشام، ومعهم علي بن الحسين (ع) -الذي كان مريضاً يومها ولا يقوى على القتال- ترافقه زينب بنت علي (ع)، وتتقدمهم رؤوس الشهداء على الرماح.
وبعد أن سيق السبايا إلى مجلِسَي عبيد الله ويزيد خطبت زينب (ع) فيهما وأبلغت أهداف النهضة الحسينية، وفضحت خلالها دسائس بني أمية، كما ألقى السجاد (ع) خطبا عرّف فيها نفسه بأنه من أهل بيت الرسول (ص) وصدَع بحقانية رسالة أبيه الحسين (ع).
وجه التسمية
 مقالة مفصلة: الطف
الطفّ اسم من أسماء كربلاء والتي تطلّ على شاطئ الفرات, قال الحموي: سمّي الطّف لأنّه مشرف على العراق من أطفّ على الشيء بمعنى أطلّ، [1] وقد اشتهرت أرض الطف بكربلاء بعد أن استشهد فيها ابن بنت رسول الله الإمام الحسين مع ثلّة من أصحابه وأهل بيته.
التسلسل الزمني لواقعة الطفسنة 60 للهجرة
15 رجبموت معاوية28 رجبخروج الإمام الحسين (ع) من المدينة3 شعبانوصول الإمام (ع) إلى مكة10 رمضانوصول أول رسائل أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (ع)12 رمضانوصول 150 رسالة من أهل الكوفة إلى الإمام (ع) على يد قيس بن مسهر، وعبد الرحمن الأرحبي وعُمارَة السَلُولي14 رمضانوصول رسائل رؤساء أهل الكوفة إلى الإمام (ع) وذلك على يد سعيد بن عبد الله الحنفي وهاني بن هاني السبيعي15 رمضانخروج مسلم بن عقيل نحو الكوفة5 شوالوصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة8 ذي الحجةخروج الإمام الحسين (ع) من مكة إلى العراق8 ذي الحجةقيام مسلم بن عقيل في الكوفة9 ذي الحجةاستشهاد مسلم بن عقيل في الكوفةسنة 61 للهجرة
1 محرماستنصار الإمام لعبيد الله بن الحر الجعفي وعمرو بن قيس في قصر بني مقاتل2 محرموصول الإمام الحسين (ع) إلى كربلاء3 محرموصول عمر بن سعد إلى كربلاء، يقود جيشاً بأربعة آلاف رجل6 محرماستنصار حبيب بن مظاهر من بني أسد لنصرة للإمام الحسين (ع)7 محرممنع الماء عن الإمام الحسين (ع) وأنصاره7 محرمالتحاق مسلم بن عوسجة بالإمام الحسين (ع) وأنصاره9 محرموصول شمر بن ذي الجوشن إلى كربلاء9 محرموصول رسالة أمان لأبناء أم البنين من قبل شمر بن ذي الجوشن9 محرمإعلان الحرب من قبل جيش عمر بن سعد على الإمام (ع)، ومطالبته (ع) لتأخير الحرب10 محرمواقعة الطف واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه11 محرمأخذ أهل بيت الإمام الحسين (ع) نحو الكوفة سبايا11 محرمدفن شهداء كربلاء على يد بني أسد (أهالي الغاضرية)12 محرمدفن شهداء كربلاء (على رواية)12 محرموصول قافلة سبايا كربلاء إلى الكوفة19 محرمحركة قافلة السبايا من الكوفة نحو الشام1 صفردخول السبايا مع رؤوس الشهداء إلى الشام20 صفرأربعينية الإمام الحسين (ع)20 صفررجوع أهل بيت الإمام الحسين عليه السلام إلي كربلاء20 صفررجوع أهل بيت الإمام (ع) من الشام إلى المدينة (على رواية)
وكانت كربلاء قبل الإسلام اتخذت نواويس ومعابد ومدافن للأمم الغابرة، كما تشير إليه خطبة الإمام الحسين (ع)، حيث قال: «كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين (النواويس) وكربلاء».[2]
أخذ البيعة ليزيد
 مقالة مفصلة: يزيد بن معاوية
بعد أن تصدى يزيد للحكم خَلفاً لأبيه معاوية بن أبي سفيان في الشام، صبّ جلّ اهتمامه على أخذ البيعة من الجماعة التي رفضت مبايعته في حياة أبيه.[3]
فأرسل إلى والي المدينة – الوليد بن عتبة بن أبي سفيان – كتاباً يُخبره بموت أبيه ويطالبه بأخذ البيعة عنوةً ممّن لم يبايعه أخذا شديدا، وهم الإمام الحسين، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير،[4] ثم أرسل كتابا آخر يأمر بأن يرسل له مع جواب كتابه رأس الحسين بن علي.[5]
فأرسل الوليد باستشارة من مروان بن الحكم إلى الإمام الحسين وابن الزبير [6] يدعوهم إلى دار الإمارة فجاء الإمام ومعه ثلاثين[7] من مواليه والهاشميين،[8] فلما حضر الإمام جعله یقرأ كتاب يزيد ونعى معاوية إليه ودعاه إلى البيعة.[9]
فقال الإمام: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما ما سألتني من البيعة فإن مثلي لا يعطي بيعته سراً ولا أراك تکتفي بها مني سراً دون أن نظهرها للناس علانية، فأيده الوليد، ثم قال: فإذا خرجتَ یوم غد لدعوة الناس إلى بیعة يزيد تدعونا مع الناس أیضاً،[10] فكفّ وليد عنه تلك الليلة ولم يصرّ عليه.[11]
حوار الحسين (ع) مع مروان يبيّن رفضه للبيعة
فأقام الحسين(ع) في منزله تلك الليلة، وهي ليلة السبت لثلاث أيام قبل اكتمال رجب سنة 60 هـ، فلما أصبح خرج من منزله، فلقيه مروان في الطريق ينصحه ببيعة يزيد، فاسترجع الحسين(ع)، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة براع مثل يزيد، ثم قال: يا مروان أترشدني إلى بيعة يزيد، ويزيد رجل فاسق.[12]
ووبّخه توبیخاً شديداً وذكّره بأنه من أهل بيت رسول اللّه والحقّ ينطق على ألسنتهم وأنه من أهل بيت الطهارة وتلا عليه الآية: ﴿إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾،[13] وقال له: إنّي سمعت جدّي رسول اللّه (صلى الله عليه و آله و سلم) يقول: «الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء و أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه»، ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول اللّه فلم يفعلوا به ما أمروا، فابتلاهم بابنه يزيد.[14]
فتطاول مروان على الحسين(ع) بكلام غير لائق، وقال له الحسين (ع): أبشر يا بن الزرقاء بكل ما تكره من رسول اللّه يوم تقدم على ربك فيسألك جدّي عن حقي وحق يزيد، فغضب مروان من كلام الحسين وذهب إلى وليد بن عتبة ليخبره ما قاله الحسين(ع).[15]
وذهب الحسين(ع) إلى قبر رسول الله(ص) جدّه فصلى ودعا هناك حتى نام الصباح، فرأى جدّه في المنام يخبره ما سيُصيبه في القريب العاجل، ولحوقه إليه، فخرج من المدينة في ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين للهجرة متجهاً إلى مكّة،[16] وهو يتلو الآية: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.[17] [18]
مغادرة الحسين المدينة
بعد أن قرر الإمام الخروج من المدينة توجه نحو قبر أمّه وأخيه،[19] وكتب بعض المؤرخين أنّه بقي ليلتين إلى جانب قبر جدّه الرسول الأكرم.[20]
ولمّا علم أخوه محمد بن الحنفية بعزم الإمام على الخروج من المدينة أسرع إليه يستعلم الحال، فكتب إليه الإمام وصيته التي جاء فيها: وأنّي لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا مفسداً، ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي محمد
Discussion about this post