الغدير، عيد الله الأكبر
أميرة السلطان عيد
عندما خلق الله سبحانه وتعالى هذه الأرض، خلقها بنظام دقيق وبتدبير عجيب يدل على أنه الحكيم، فكان لابد لهذه الدنيا من خليفة يقوم بأعمال ومهام تشهد على عظمة الخالق عزوجل .
فكان الاصطفاء والاختيار من الله سبحانه وتعالى لمن يكون مناسبا لتحمل مسؤولية جسيمة تخلت عنها السموات والأرض والجبال.
وتسلسل الاصطفاء والاختيار قد ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة فاطر بشكل عجيب بحيث يجيب على جميع التساؤولات التي قد تخطر في بال البشر
فقال تعالى { الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فكان الاصطفاء من الملائكة على حسب تفاوت المسؤولية لديهم على الرغم من كون الملائكة مخلوقات صالحة ومستقيمة ثم تذكر نفس الآية أن الله تعالى اصطفى حتى من النبات والجبال، ماهو مختلف ألوانه بحسب الحاجة إليه فقال تعالى “{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}
فتأتي نهاية السورة المباركة لتمهد لمسألة الولاية والاصطفاء والاختيار الإلهي لمن يكون قائدا ومعلما ومزكيا وموجها للأمة فقال تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} فسورة فاطر توحي لنا وبشكل كبير أن الله سبحانه وتعالى هو من يختار وهو من يصطفي وليس للناس الخيرة من أمرهم إذا قضى الله ورسوله أمرا .
*ماهي الولاية وكيف تكون الولاية لله وللرسول وللإمام علي عليه السلام؟*
الولاية: هي عملية اصطفاء واختيار إلهي فولاية الأمر ليست كالانتخابات يختار فيها الناس من يريدون وبحسب أهوائهم، الولاية لله هي ولاية هداية ونصر وعزة ورعاية شاملة إدارة كاملة لكل واقع حياتنا من منطلق رحمته وحكمته ولطفه وقوته وعزته.
ولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي من منطلق كونه القائد والقدوة المعلم والمرشد والهادي الذي يزكي النفس ويسمو بالروح يبني هذه الأمة لتكون أمة راقية متقدمة عزيزة كريمة.
وولاية الإمام علي عليه السلام هي امتداد لولاية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قائدا من بعده للأمة، يواصل مشوار الرسول في بناء هذه الأمة وهدايتها وفي إدارة شؤونها والسير بها إلى شاطئ الآمان كونه القائد لسفينة النجاة من بعد رسول الله.
*لماذا نحيي يوم الغدير؟*
إن إحياء المسلمون لهذا اليوم كان له عدة أسباب منها:
1- استجابته لأمر الله وهو القائل في محكم كتابه الكريم (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)
فهو يوم أتم الله فيه النعمة وأكمل فيه الدين.
2- إحياء هذه المناسبة بوعي وبفهم لمدلولها فنجعل منها منطلقا أساسيا لترسيخ وتثبيت مبدأ الولاية مبدأ الحق.
3- إحياء يوم الغدير هو دليل واضح على رفضنا لولاية الأمر التي تختارها أمريكا .
4- يوم الولاية هو يوم نحافظ فيه على ذلك البلاغ الذي بلغه النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ليبقى جيلا بعد جيل فيكون هذا اليوم شهادة للنبي بالبلاغ وإكمال الحجة وإتماما لها على الناس.
*لماذا الإمام علي؟ !*
لاختيار الإمام علي عليه السلام وليا للأمة من بعد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم العديد من الأسباب نذكر منها على سبيل المثل لا الحصر:
أول هذه الأسباب أن اختيار الإمام علي عليه السلام لم يوكل حتى للنبي محمد فهذا الاختيار كان اصطفاء إلهيا فالله سبحانه وتعالى هو من حدد بقوله ( إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
وهو سبحانه وتعالى من أمر النبي بتبليغ هذا الأمر للأمة دون تأخير في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}
ثانيا : إن ولاية أمر الأمة كانت تحتاج لشخص يحمل مواصفات ربانية وإيمانية ولم يكن يتمتع بهذه المؤهلات إلا الإمام علي لما وصل به الأمر من عظيم إيمان وعلم وتفهم للرسالة الخاتمة فقال النبي في حقه ” أنا مدينة العلم وعلي بابها) وقوله ( علي مع القرآن والقرآن مع علي)
ثالثا: منزلة الإمام علي عليه السلام من النبي محمد صلوات الله عليه وآله عندما قال ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى الإ أنه لا نبي بعدي)
رابعا: كان الإمام علي عليه السلام يتمتع بمستوى عال من المسؤولية واهتمام كبير بأمر الأمة وأكبر مثال على ذلك هو تصدقه بخاتمة وهو راكع فمن استشعارة الكبير للمسؤولية لم يطق أن يكمل الصلاة ثم يتصدق بذلك الخاتم خوفا منه أن يخرج ذلك الشخص من المسجد ولا يجده فكان حريصا كل الحرص على أن يلبي لذلك المسكين حاجته .
أما الموقف الثاني فهو عندما تصدق بأقراص الشعير إحساس بمن طرق بابه يتلمس حاجته عنده وعلى الرغم من أنه كان صائما هو ومن معه إلا أنه تصدق بكل ما يملك من طعام.
خامسا: إن الإمام علي عليه السلام لم يكن يرى في توليه أمر المسلمين مغنما بكل كانت مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقه ويتضح لنا ذلك جليا في الكثير من المواقف منها ما رواه عبد الله ابن العباس فقال : دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار وهو يخصف نعله، فقال لي : (ما قيمة هذا النعل ) فقلت : لا قيمة لها. فقال عليه السلام : ( والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً).
وهناك الكثير من الأسباب التي جعلت من النبي يرفع يد الإمام علي عليه السلام دون غيره في يوم الغدير.
*ماذا حصل للأمة عندما تخلت عن مبدأ الولاية؟*
إن ما تعانية الأمة اليوم هو نتيجة سلبية لعدم الفهم الصحيح لولاية الأمر وأهميتها وصلتها بواقع حياة الناس وبدينهم ودنياهم.
فأصبح من يقرر ولاية أمر الأمة الإسلامية هي أمريكا وبمعاييرأمريكا والتي تكفل وتضمن قيام حكومات انتهازية وعلى مستوى فضيع من الانحطاط والظلم والانتهازية والاجرام.
أما على مستوى الأنظمة القائمة فهي عبارة عن أنظمة تتعامل مع ولاية الأمر على أنها مغنم مادي كبير وموقع للتسلط على رقاب المسلمين.
*لماذا يعد أمر الولاية أمر مهم؟*
إن ارتباط التولي الحقيقي لله وللرسول وللإمام علي هو مبدأ مرتبط ارتباطا كبيرا بمسألة الغلبة والعزة والنصر والتمكين في الأرض لقوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فإن حزب الله هم الغالبون)
فلا نصر ولا عزة ولا قوة ولا تمكين إلا بالعودة الصحيحة والتمسك الصحيح بمبدأ الولاية كما ارد الله وكما أراد لنا رسول الله.
فالأمة اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما إما طريق العزة والقوة المؤيدة من الله والمسددة من الله أو طريق الذل والهوان والقهر والاستذلال، الطريقان واضحان إما الولاء لأعداء الإسلام الذي نتيجته الخسران وإما طريق التولي الحقيقي لله وللرسول وللإمام علي عليه السلام.
#اتحاد_ كاتبات_ اليمن.
Discussion about this post