كتب د. سليم الخراط
المقاومة الشعبية السورية بداية لمرحلة جديدة وخاتمة لأزمة وطنية لابد منها ، والبداية من سؤال لابد من بحثه واستقراء الرد عنه وهو ..!! هل تم ربط سياسة رجب طيب اردوغان مع بايدن ضد روسيا ..!!؟؟ بافتراض إن الجواب نعم ، فساحة النزال ستكون حتما هي الشمال السوري ، من شرقه لغربه ، وعلى منوال خريف ٢٠١٥ وأشد وبالاً ..
لنتذكر ونعيد تنشيط ذاكرتنا : بوتين هو من تفاهم مع أردوغان في منطقتي الباب وعفرين ، وسمح بتمدده في الشرق ، وهنا إن اضطرار بوتين لفك الحصار من الخارج سيعني كسر عظم جاد وحقيقي مع تركيا .
لذلك نتطلع الى محادثات أستانا بشأن سورية برعاية تركيا وروسيا وإيران فنجد أنها لن تحقق الكثير من التقدم في المستقبل ، فقد كانت تهدف في الأساس إلى مناقشة القضايا التي تجاهلتها محادثات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة ، وخاصة العمل على الأرض والقيام بإجراءات وقف إطلاق النار .
فالرئيس بايدن يعلم يقينا أنه في ورطة كبيرة متجسدة في انه لا يستطيع منع الجيش السوري من تحرير مناطقهوأراضيه من الإرهاب ويدرك في الوقت ذاته عواقب فشله في مغامرة غزو سورية ، والعواقب الوخيمة التي سترتد على قواته هناك وفي المنطقة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة ، وبالتالي سيبتلع مرغماً ما تلقاه من هزائم ، وسيتقبل الدور المقرر له والمتبقي بعد التطورات الميدانية الأخيرة في سورية .
فقد شعر الجيش الأمريكي مؤخراً بضغط كبير جراء الهجمات على قواعده شرقي الفرات ومدى تاثيراتها وانعكاساتها على جنوده وسياسته وسياسييه وتاثيراتها في الحزبين الحاكمين الجمهوري والديمقراطي ، لذلك فقد مد يده إلى خزانه الاحتياطي من الإرهابيين والمرتزقة وزج بمسلحي داعش لمهاجمة مواقع تابعة للجيش السوري في بادية حماة والرقة وحمص الشرقية ، بهدف إحداث خرق على هذه الجبهات والانتقام لما لحق بالجيش الأمريكي من هزيمة معنوية كبيرة ، جراء الضربات القوية لقواعده اللاشرعية .
لذلك فنحن نجد في استمرار عمليات الاستهداف العسكري للوجود الأمريكي في سورية ، مع احتمال تطويرها وتزخيمها ، ما يضع شرق الفرات أمام سيناريوهين محتملين : انسحاب أمريكي تدريجي من المنطقة .. أو استقدام أعداد إضافية من الجنود مع تعزيزات عسكرية جديدة ، لمواجهة التهديد المتنامي هناك .. ووفق المؤشرات وفي ذات الوقت ، فإن واشنطن اليوم لا ترى وحتى الآن في الملف السوري أولوية لها تبعا لسياساتها الجديدة في المنطقة لحساب مصالحها وتموضع هذا المصالح .
لذلك كان مفهوم عدم تبني دمشق أو حلفائها للهجمات الأخيرة تكتيكا وسياسة هادئة لدمشق في محاولتها حرمان واشنطن من أي ذرائع للرد ، وللقول إن ما يجري وإن كان ينفذ من أراض خاضعة لسيطرة الحكومة ، إلا أنه يتم عبر مجموعات مقاومة شعبية هي من نتاج واقع الاحتلال الأميركي وسياساته القذرة في هذه المناطق ، مع ذلك ، تملك دمشق تبريراً منطقياً لتلك العمليات المحدودة انطلاقاً من كونها تعبيراً عن رفض شعبي للاحتلال الأمريكي وللضغوطات الاقتصادية على سورية .
وبالتالي فإن عدم رد واشنطن على الهجمات يؤكد إدراكها أن أي هجوم جديد على الجيش السوري وحلفائه ، سيلقى رداً حتمياً ويدفع نحو تصعيد ميداني خطير ، في وقت ام ما سيحصل سيمهد لتحولات سياسية وميدانية صاعقة واحتمالاتها متعددة سيشهدها الملف السوري تنفيذاً لاتفاقات روسية أمريكية ، علماً أن نجاح التنسيق بينهما في ملف المعابر هو البوابة الاساسية التي ستمهد لإنجاز تفاهمات جديدة على الأرض ، تراعي الواقع الميداني الجديد .
إنه من الواضح اليوم أن الهجمات التي اتسع نطاقها على القاعدة الأمريكية تحديدا في حقل العمر النفطي السوري تأتي في إطار استراتيجية جديدة تهدف إلى إجبار الولايات المتحدة على تفكيك جميع هذه القواعد لاحقا وعاجلا ، وتؤكد ضرورة ومصلحة الأمن القومي الأميركي من سحب جميع قواته من العراق وسورية تحديدا ، وبالأخص سورية وبسرعة كبيرة تتناسب وحجم التفاهمات المعتمدة مع الروس مباشرة ، ليمون الانسحاب على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان في الأسابيع الماضية ، لكن من غير المستبعد اليوم انه قد فهم الجميع أن هذه الهجمات هي ليست إلا بداية حرب شعبية ترتقي لمستوى استراتيجية حرب العصابات ..!! ..
Discussion about this post