دكتورة :يسرى المصري
ليس المقصود أن نقلل من الجهود المبذولة لتجميل الواقع الثقافي الذي نعيشه بعد أن شوهت الحرب والأزمات كل ما هو جميل في حياتنا..لكن هي للتنبيه من غزو الثقافات الاستهلاكية والسطحية وانتشار ثقافة «الصرعات» والماركات التي تغزو عقول الشباب وتضم أبشع وأقبح محتوى وتعتمد على التدفق من اتجاه واحد بسبب غياب الثقافات البديلة ولاشك في أن تقييم الفعاليات الثقافية يتم من خلال دراسة مدى التفاعل معها وتشجيع المواهب وابتكار أساليب جديدة لتوجيه جزء من اهتمام الأطفال والشباب خاصة نحو الثقافة..
صحيح أن الضغوط التي نعانيها لا تساعد على وضع الثقافة بالمكانة التي تستحقها، لكن ما يحدث يحتاج إلى حدقة كبيرة وواسعة ترى الحاضر ونتائجه في المستقبل فخلال السنوات العشر الأخيرة باتت وسائل التواصل هي مصدر الثقافة وبات طلابنا وأبناؤنا يعتمدون بصورة كبيرة على مصادر المعرفة الخارجية، ما يعني أن ثقافة الجيل الجديد هي نتاج «الصرعات» الأمريكية والغربية وماتروجه مواقع التواصل عن الممثلين والفنانين والأفلام والكتب الرائجة..
وهذا يعني أن الثقافات الاستهلاكية أو المادية أو مايحلو لكم تسميتها قد أزاحت بكل بساطة التراث والثقافات المحلية والقومية لمصلحتها ولاسيما في حالات ضعف ووهن هذه الثقافات مستفيدة من ظروف عدم المقدرة على المنافسة عبر التقنيات الجديدة ومراكز البحث.
ومن هنا، فإن الدفع بتراثنا وثقافتنا نحو الجيل الجديد هو الحد الفاصل في هذه المعارك الثقافية التي تطبخ على نار هادئة.. وبالطبع أمام الثقافة العالمية التي تتشكل لا يمكن لـ«صيحات» الشجب والإنكار أن توقفها وتوقف زحفها مادامت لا توجد ثقافة بديلة غير ثقافة الوعظ والنصح التي لم نعد نتقن غيرها.. ومازلنا لانستوعب أن الجيل الجديد ليس فقط لايسمع أصواتنا بل لايريد أن يسمع ويصم أذنيه عن سابق إصرار بعد أن أخذته ثقافة العولمة.
وأمام الصراعات الثقافية الخفية لايجوز أن نخفي رؤوسنا في الرمال بل لابد من حدقات واسعة تشعل الحياة بتراثنا الغني والمملوء بالحكايات والفنون والكنوز.. فعلى سبيل المثال فإن المدارس والجامعات والمعاهد هي ساحتنا لإظهار جمال تراثنا وكنوزه ولاشك في أن إعلان المسابقات والمعارض وإقامة المهرجانات هي خير طريق لاكتشاف المواهب الجديدة.
Discussion about this post