*كتبت /عفاف محمد*
وعن الشهداء يحلو الحديث …
من تنساق أرواحنا لتتلمس عظمتهم وتستضيء من بريقهم وتشتم من عبيرهم ..من كرّمهم الله وأهداهم وسام شرف آلهي عظيم .
وفي ذكرى إستشهاد الشهيد ابو صلاح القوبري لي معكم بعض الحديث ..
كان هذا الشهيد قد أصغى لصوت خفي بداخله ..ولباه ..كانت نفسه تحثه على الإكتشاف لما يخشع له قلبه وهو غافلاً عنه ..
في حياته العلمية والعملية أعطى وأعطى وما وهن ..
ترجم حب الوطن وهو يلبس بزته العسكرية وارتسمت ملامح شخصيته الصاخبة وهو في الكلية البحرية ..التي اختارها مع رفاقه من سنحان. منهم الشهيد البطل ابو حرب الملصي ومنهم الشهيد محمد الحمزي ..
خاضوا عباب البحر وقلوبهم ممتلئة ولاءاً للوطن ومفعمة بالحيوية والنشاط وحب البذل والعطاء في سبيل الوطن..
جمعتهم الأقدار في خط سيرهم واكتسبوا من الحياة الدروس تلو الدروس ..كانت الشهامة والمرؤة والشجاعة بعض خصالهم ..
وكانوا بزيهم العسكري وحقيبتهم في نهاية الفترة الدراسية للكلية كأسود كاسرة تطل بهيبتها وكان كل من في قراهم يوقرون تلك الهيئة العسكرية الصارمة التي لوحتها حرارة المناطق الساحلية ..
وللحكاية فصول …
الشهيد ابو صلاح القوبري هو شهيد خط حكايته بالدم ..
عرف طريق الحق واهتدى لسيره ..لم يكن قط ممن يضعون للولاءات السابقة حيزاً من الإهتمام او الأولوية؛ لأنه صادف في طريقه ماهو أعظم وأهم،وما هو أصدق. لم يظل على عماه يمجد تلك الهيئات والهيبات والسلطات التي انغمس فيها يوماً ما ..!!
لم يواصل عماه عن الحق والصواب .
بالرغم من إنخراطه في ذاك السلك العسكري لسنوات طوال..
هو و الشهيد العظيم أبو حرب الملصي سطرا معاً حكايات المجد كسابق عهدهم و لكن..!
بلون جديد ..هو لون الهداية ..!
نعم كان عطائهم الجم متواتراً ومتواصلاً منذ أيام خدمتهم الوطنية الأولى. كان تعاملهم مع من حولهم تعاملاً إنسانياً فيه من القيم والشيم والرجولة الحقيقية التي هي مغروسة في أنفسهم الطاهرة كان تعاملهم العفوي والصادق جواز سفر لدخول قلب كل من عرفهم .
كذلك تربيا في البيئة السنحانية على البساطة والتواضع والتلقائية .
كانت روحيهما المتقية الخفيفة المرحة وانفاسهم المعطرة بذكر الله تضع أجنحتها في كل محطة يحطون فيها الرحال .
عندما يكون الحديث عن الشهيد القوبري الذي حانت ذكرى إستشهاده. فمعظم الحديث يقترن برفيق دربه الشهيد الملصي وذلك لتلازمهما في محطات عديدة ..وهي التي صنعت منهم رجالاً أشداء يستحقوا المكان اللائق بهم ..حيث وقد ترسب نور المسيرة القرآنية الشريفة لدواخلهم وانسجما مع مفاهيم الثقافة القرآنية .
كانت محطة الهداية من اأهم وأجل محطات حياتهما وفيها تعددت الفصول …
كان النقاء الذي بعمقهما يبحث عن رديف له كان يلتمس على الدوام حلقة مفقودة ..
تشبعت رئتيهما وعقولهما بحب الوطن وخاضا العمل العسكري بكل تفانٍ وإخلاص، وكانت نفسيهما مهيأة لإستقبال نور الهداية وفي البداية كان ثمة حواجز حالت دون وصول هذا النور الذي ذواتهم المتعطشة إليه كالمحيط الذي يعيشونه والتركيبة السياسية التي نشأوا في عمقها .
لم تكن المناصب كل همهما، كان يستفزهما اي فعل مشين لأن داخلهما طاهر نظيف ..داخلهما رحيم. داخلهما منصاع لحب الله وعبادته. فطرا على أخلاق عالية وشيم سامية ..عرفا حق المعرفة أصول القبيلة.
ومع بداية العدوان ..أستفزت نخوتهما وغيرتهما فعال جارة السوء المعيبة والمخالفة للأعراف والتقاليد السماوية والإنسانية والأعراف القبلية..
ولم يفكرا حينها بالولاء لفلان او علّان. كان حدسهما الذي لا يخطئ قد فسر شن التحالف غاراته بالظلم والعدوان والجور ..على عكس ما فسره غيرهما بأنه إنقاذ من الحوثيين ..
لم يكن الحوثيون يعنون للبطلين المغوارين اي شيء وكانت نظرتهما للحرب أعم وأشمل ..
وتحركا من منطلق الإحساس بالمسئولية. فأخذا السلاح الذي رافقهما لأعوام وأعوام وعرفوه حق قدره واستوعبا كيف لا يسيئا إستخدامه ..
اتجها لجبهات الشرف من أجل الوطن …
فوجدا هناك ما هو أعظم
كما قالها الملصي سلام الله عليه ..
ذهبنا من أجل الوطن لقيانا الله
وغزا افئدتهم ذاك النور الأزلي ..وانسكب على انفسهما كأنه السلسبيل البارد ..
ومن يومها جاهدا الله حق جهاده ويصعب الحديث في وصف تلك العظمة ..لكن عليكم ان تسألوا تلك الخبوت والفيافي وتلك الجبال التي كانت تتهز لصوت ابو حرب وتذعن لحديث ابو صلاح ..
اسألوا كل مجاهد تعلم في مدرسة الشهيد ابو حرب سيحكي لكم الكثير والكثير والكثير ..
ومهما فاضت كلماتي لن اصل بحديثي للمستوى المطلوب ..
لكن قد قال عنهم خير قائل ماهو أجل واعظم
قال جل شأنه: *{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ۖ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (الحديد-19)*
Discussion about this post