✍ الكاتب حسام خلف
ربما كان للشعر من الجمالية مالا يحظى به غيره من القول؛ فالشعر هو النمط الثقافي الأقدر على إثارة العواطف وتحريك النفوس ، لكنّ كاتب هذه السطور يفضل تجنبه شكّا بقدرته على تحريك العقول أو مواجهة القضايا الاستراتيجية أو رسم رؤى للمستقبل ونحن في حاجة ماسة لمواجهة أسألة المستقبل .
لقد انتصرت الثورة الإسلامية وحققت مالم يكن متوقعا وحولت المستحيل ممكنا والممكن ضروريا ( واقعا ) وهذا مما لامراء فيه !!!
إلا أن الركون إلى ماتم إنجازه دون الالتفات إلى الأزمات أو إلى المشكلات القائمة التي قد تتطور إلى أزمات أو إلى علامات لمشكلات جديدة قد تظهر إلى العلن ربما يؤدي بنا إلى الغبن ولا أظن الله يحب المغبونين !!
من المهم أن ندرك حينما نتسائل عن المستقبل أننا نفكر استراتيجيا وهذا يضعنا أمام العقل مباشرة لتفحص قدرته على التفكير الاستراتيجي الذي يتطلب الانعتاق من الصناديق الفكرية الضيقة وتحرير الأطر الذهنية أو تبديلها حسب حاجات الواقع ومتطلبات التفكير إذ أن هذه الأطر قد تشكل حجابا أمام زوايا فكرية قد يكون من الضروري المرور بها .
من المهم ثانيا أن نفكر تفكيرا ربطيا بين عناصر الموضوع المفكر به أي في مقابل التفكير المجزأ الذي ينظر إلى كل عنصر ككيان يتحرك في الفراغ .
وبعد الإدراك إلى أننا نحاول توقع المستقبل في سبيل التموقع الجيد فيه لزم أن نسأل كيف يشتغل النظام العالمي وكيف يمكن التعامل الفاعل معه؟
لقد أدركت إيران منذ البداية أن العالم يحترم القوي ولأن (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) في الثقافة الإسلامية اعتمدت إيران استراتيجية العين بالعين والجروح قصاص وقد أعدت لهم مااستطاعت من قوة ومن رباط الصواريخ البالستية والطاقة النووية وتقنية النانو مايكفي لاحترامها كدولة مقتدرة بالإضافة إلى الاستثمار الكبير للموقع الجغرافيي مستفيدة في الجانب التعبوي من مفاهيم الثقافة الإسلامية التي يتمسك بها معظم الشعب الإيراني .
إن هذه الإنجازات لاتمنع المتبصر من ملاحظة التحديات الكامنة في العولمة الثقافية والاقتصادية والتي غيرت وتغير المفاهيم الاجتماعية والسياسية لدى شريحة لايستهان بها من الشباب الإيراني خصوصا وشباب الدول المنخرطة في محور المقاومة .
إذا يكمن التحدي الداخلي الأهم في التأكد من استمرارية الفاعلية لدى الآيديولوجية الثورية _على حالها _خصوصا مع الصعوبات التي تعانيها الدول في تجسيد المثل العليا على أرض الواقع وطبيعة الإنسان العجولة والحسية (المادية ).
ويشتد التحدي في العصر الحالي الموسوم بسرعة التغيرات الحادة تقنيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .
والتحدي الخارجي يكمن في القدرة على إقناع العالم بإمكانية بناء علاقات اقتصادية وسياسية راسخة مع الجمهورية الإسلامية فلم تعد الدول المعزولة قادرة على الحياة أو التطور في ظل الطبيعة العولمية للعلاقات الدولية .
والتحدي الآخر يكمن في مدى قدرة الدول والكيانات المتحالفة معها على الاستمرار والتطور ومواجهة التحديات ودور إيران في ذلك .
لكن رغم التحيدات الكبيرة إلا أن الفرص المتاحةكبيرة أيضا ؛ فلازالت المشاريع الإسلامية الإنسانية تحتاج من ينهض بها عالميا ..فالرحمة العالمية التي جعلها القرآن هدفا حصريا للرسالة (( وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين )) لم تجد من ينهض بها وإن حققت بعض الدول شيئا من الرحمة الداخلية المتحيزة .
ومشروع العدل الإنساني الذي مثل هدفا مشتركا لجميع الرسالات السماوية (( ليقوم الناس بالقسط )) بالإضافة إلى مشروع الكرامة الإنسانية (ولقد كرمنا بني آدم ) ، ومشروع قتل الفقر الذي أطلقه علي ابن أبي طالب ع :(لوكان الفقر رجلا لقتلته )، كلها تنتظر من يبدأ خطواتها العملية الأولى .
وحمل إيران لمشاريع عالمية بهذا المستوى بالتعاون والتنسيق مع (( الذين يدعون إلى القسط من الناس ))في جميع أنحاء العالم سيجعل منها أكثر إقناعا على صعيد السياسة الدولية ، وأكثر جاذبية حضارية وهي حين ذاك ستمثل الدولة الداعية بحق إلى الرسالة الإسلامية في قيمها الأصيلة المقاصدية بعيدا عن الآدلجة والتحزب وهي أهل لذلك .
إلا أن هذا المشروع ضخم تواجهه تحديات كبيرة ربما احتاج إلى ثورة إصلاح ثقافية لاتكتفي بالنشر الثقافي إنما توطن نفسها على مواجهة الحقيقة والتراث بعقل نقدي موضوعي لاسلطة فيه إلا للبرهان تطبيقا للمبدأ الإسلامي (( قل هاتو برهانكم إن كنتم صادقين )) وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
Discussion about this post