مجلة العصر
قاسم سليماني بقلم صحفي فلسطيني
عبد الرحمن أبوسنينة / العالم
الأحد ٠٦ يناير ٢٠١٩ 0
في عام 2012 زرت قطاع غزة ضمن قافلة لكسر الحصار بصفتي الصحفية، ووفقت لانجاز تقرير من مواقع المرابطين المقاومين. كان هاجسي أن أسألهم على اختلاف انتماءاتهم الفصائلية سؤالا محددا: من هو صديقنا؟ من هو ظهر المقاومة الداعم بلا منة، الا شرط مقاومة الاحتلال بطبيعة الحال؟.
ورغم أجواء ما سمي بالربيع العربي يومها، لكن الجواب ملأ سمعي، وان كان مغمغما من جانب تيار حركة حماس خلافا للآخرين، ومن حدثوني، كانوا بدرجة لا يمكن أن يجتمعوا فيها على الكذب. كان الجميع يشير الى خط سياسي بعينه، ومحور اقليمي يمثل جبهة العداء غير المترددة لبني صهيون، كما أن قائد حماس في غزة يحيى السنوار ظهر لمرات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وتحدث بلا مواربة عن دعم الجمهورية الاسلامية غير المشروط للمقاومة الفلسطينية، وأشاد بموقف الحاج قاسم سليماني المحب الصادق لفلسطين. وقد التقيت ببعض ممن جمعته الصلات بالحاج سليماني، يخبرك عن دعائه الدائم الممزوج بالعبرة، بأن يكون شهيدا على ثرى القدس، هذا الرجل الذي ظل الاعلام الصهيوني والسعودي يصورانه كشخصية ارهابية لا ترحم حتى الأطفال! ويضرب المثل هنا في ايران برقته، ورحمة قلبه.
فبركات الأعداء
للتو أنهيت مطالعة كتيب ترجم للعربية حديثا حول بعض من ذكريات سليماني، وفي المقلب الآخر شاهدت فبركة صورية انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي للحاج سليماني يهاجم في فيديو العراقيين. هذه المحاولة الرخيصة من أدوات آل سعود دفعتني للكتابة منافحا عن الزعيم الأممي، خادم المستضعفين كما يحب أن يصف نفسه.
الفيديو المفبرك الأخير هدفه كما هو واضح دق اسفين الفتنة بين الشعبين الايراني والعراقي، وأقولها لأصدقائي، وللشباب العربي، الاعلام الغربي والصهيوني والممول سعوديا حاول ومنذ العقود الثلاثة الماضية ابراز الرجل العازف عن كل مغريات الدنيا، كدموي متسلط متعطش للسلطة والنفوذ! لكن تنبهوا، لا يكفي أن نعرف قامة بحجم سليماني من الاعلام عموما، فكيف بالخصم والمرتزق منه، لن نعرفه الا من أهل المقاومة في الميدان، وغرف العمليات ضد الصهاينة والأمريكيين وأدواتهم، من حديثه عن الشهداء ولا أحد الا الشهداء، عن زهده، وعشقه لله، عن راتبه البسيط جدا كأي موظف في الجمهورية الاسلامية، عن حسابه الخالي في البنك، عن عائلته البسيطة المضحية، وأبنائه الذين يعيشون كأبسط الطلبة، ومن دون اية امتيازات، لا أنمّق الكلمات هنا، وما أسجله هو استقصائي ومشاهداتي.
النشأة المثلى
نشأ سليماني منذ بواكير عمره في النوادي الرياضية الايرانية القديمة (زور خانه). لم تصقل قوة بدنه فقط، بل روحه كذلك، فهناك يتجمع ايضا الوجهاء، ويرتادها أحيانا علماء الدين، فيتعلم المشتركون فيها قيم النبل والمروءة والعفو عند المقدرة. وخلال جلسات التدريب البدني تروى سيرة الأبطال من أهل الشهامة، وعلى رأسهم الامام علي بن أبي طالب، من هذه البيئة المميزة انطلق (الشهيد الحي) كما سماه قائد الثورة السيد الخامنائي، ومَن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة.
واحد من الشعب
خلاصة ما قاله لي طلبة مدارس، وجامعيون، وروحانيون في الحوزة العلمية حول انطباعاتهم عن قائد فيلق القدس حتى من غير أبناء خطه السياسي: هو المضحي، نظيف اليد الذي يوصي: لا ورثة مالية لدي. عاش تحت سقف واحد مع شهداء ملائكيين صنعوا مجد ايران قبل أن يرحلوا، وبجهادهم منعوا السقوط الكامل لايران عقب الحرب الأمريكية المفروضة التي شنها صدام التكريتي بتمويل خليجي على الجمهورية الوليدة.
الأممي الوحدوي
في الحرب آنفة الذكر، أصيب بجراح خلال العمليات التي مهدت لتحرير مدينة خرمشهر، لكنه استطاع تحقيق انتصارات مذهلة، وتحرير مزيد من الأراضي الايرانية المغتصبة، وطرد العصابات الصدامية، رغم ما كان يتبجح به صدام من أنه سيسلم مفاتيح بغداد لـ (الامام) الخميني “ره” إن حرر الايرانيون خرمشهر. في تلك المعارك، وبفضل ادارة الشاب سليماني للمعركة تمكن حرس الثورة الاسلامية من أسر 3000 جندي عراقي خلال أيام، ومع قسوة الحرب، وروح الانتقام الضعيفة في الانسان، الا أن الحاج أصر على أن يعاد تأهيل الأسرى، وتعليمهم في مواقع الأسر، ثم أطلق سراح بعضهم بناء على طلبه لاجئا في الجمهورية الاسلامية.
برأي سليماني كما أخبرني من سمع ذلك منه، “..فان الحرب الصدامية الأمريكية على إيران الخارجة للتو من الثورة على النظام الشاهنشاهي المتصهين، كانت مفيدة رغم مآسيها، فقد تحولت المحنة الى منحة، وتمخضت بفضل تصدي الشعب الايراني ومقاومته عن قوات متمرسة، وجيش عرمرم منظم مدرب، وانطلاق تصنيع عسكري أوصل البلاد حاليا الى حالة من الاكتفاء الذاتي..”. فمثلا كُشف قبل أيام عن منظومة دفاع جوي تضاهي امكانات اس 300 الروسية.
بعد انتهاء الحرب المفروضة على الشعب الايراني، تطور خطاب سليماني، فصار في وعي محبيه الاسلامي الأممي الوحدوي، أركان مهمة في












Discussion about this post