كتبت / *دينا الرميمة*
مخطئ من يظن أن التأريخ قد يموت وأنه بإمكانه تزييف الحقائق والأحداث حسب مبتغاه أوحسب مايطلب منه المنتفعون من ذلك، فيجسد تأريخاً مزيفاً يمجّد فيه أشخاصاً ويصنع منهم العظماء وينسب لهم مالم يكن منهم من الأقوال والأفعال، مقابل تغييب العظماء الحقيقيين ودثر تأريخهم الحافل بكل الأحداث الحية سواءً الدينية أو السياسية، أو حتى على المستوى الإجتماعي …
ومهما حاول المؤرخون تغيير تلك الحقائق فسيأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقائق المخبأة، ويتجلى عنها كل زيف .
فمن يراجع المناهج الدراسية التي ظلت وزارة التربية والتعليم في اليمن تدرّسها لأجيال، سيلحظ كيف لم يكن القائمون عليها منصفين، وتحملوا من الوزر الكثير لما ظلت هذه المناهج تغرس في العقول تظليلاً وتدليساً لمجريات الأحداث الدينية والتأريخية، لما كانت تحويه من الثقافات المغلوطة التي شُحنت بها العقول وقصت سِيَر مغلفة بتمجيد وتعظيم لشخصيات كانت أكبر خطراً على الإسلام، وجعلونا نبجلهم ونترضى عنهم ونعتبرهم في قائمة الشخصيات الدينية والتأريخية، ونشأنا نحمل الكثير من العرفان للدولة الأموية وساستها، الذين صوروهم لنا من الفاتحين والناشرين لدين الله، وأصحاب البطولات… مع أن الواقع يحكي أن دولتهم كانت قائمة على البذخ والفجور وشرب الخمر وانتهاك الحقوق ومحاربة الدين وأئمة الدين وأعلامه الحقيقيين، كأئمة آل البيت النبوي -عليهم السلام- وقتلهم،،
وربما هي من أضاعت الدين الإسلامي الصحيح وجعلت الكثيرين يرتدون عنه لما كان يعانيه الناس القابعون تحت حكم تلك الدول من ظلم وإذلال، وأيضاً تغيير لمعالم الإسلام .
ولأن التأريخ لا يموت فقد تناقل الناس الحقائق كما هي وأرّخها من كان يحمل الفكر السليم والعقيدة الصحيحة ..
حتى جاء زمن الصحوة بفعل المسيرة القرآنية المباركة، وجعلتنا نقلب في الكتب القديمة، وعرفنا الكثير من تلك الحقائق والوقائع الغائبة،،
ولعل أبرزها وأهمها : كانت حادثة كربلاء حيث لايعرف الأغلبية عنها إلا روؤس أقلام،
وتعرفنا إلى أئمة آل البيت وأعلام الهدى…
وأذكر هنا “الإمام الهادي” -عليه السلام-،، الذي يُصادف هذه الأيام ذكرى قدومه إلى اليمن.
الإمام الهادي (يحي أبن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي عليه السلام) الذي بشّر به النبي المصطفى -عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام- بأن الله (سيحي به الدين) ..
وفعلاً جاء -سلام الله عليه- إلى اليمن في وقت كانت الخلافات والنزاعات هي السائدة بين فئات الشعب، وكاد الإيمان أن يضيع في قلوب الكثير منهم، فعَمِد أولاً إلى إصلاح ذات البين، وحل الخلافات، ونشر السلام والاخاء بينهم، وفتح المدارس الدينية، وبدأ يُعيد للقلوب الروح الإيمانية…
ومن بعدها انطلق إلى الجهاد ضد أعداء الله مُسطراً أروع البطولات ومجسداً روح الجهاد، وإحياء معالمه في قلوب أهل اليمن الذين كانوا له خير سند ولقى فيهم القبول والعون والإستجابة، وظلّوا على عهدهم له برغم المحاولة المستميتة من تغييب سيرته، إلا أننا اليوم أصبحنا نتطلع بشغف كبير إلى القراءة عنه، ومعرفة الكثير عنه، وأصبح الناس يبحثون عن مؤلفاته وعلومه التي تُمثل إحياءً لدين الله وسنة جده المصطفى، وسنتناقلها جيلاً بعد جيل…
ولن يستطيع أحد أن يُغيّب أمثال هؤلاء العظماء، والذي أنا شخصياً أعترف أني حتى وقت قريب لم أكن أعرف عنه إلا «إسم» ينسب إليه «مسجده» في مدينة صعدة التي كانت مستقراً له،
ومن هنا نستنتج أن الحقيقة التي لابد أن ندركها :
أنه مهما حاولوا وقدموا وأخروا وغيّروا وبدّلوا فلن يستطيعون أن يظللوا ويزيفوا التأريخ و شخصياته،، فلكل زمن أعلام هدى من آل البيت -عليهم السلام-، يحيون في الأمم سير الصادقين وحقيقة الأولين، ويعيدون للإسلام مجده، ويقدمون دين اللَّه كما ينبغي أن يكون، في زمن أصبح المتآمرون عليه كُثُر والمتمسّكون فيه قلة… ولكن.. (يأبى الله إلا أن يُتم نوره ولو كره الكافرون).
Discussion about this post