يمن محمد
في عالم طغت فيه قوى الظلم وتسلطت عليه الأنظمة المتجبرة، حيث انحصرت السلطة بين أيدي الظالمين، وأصبحت الأصوات المقهورة تواجه تحديات وصعوبات في إيصال صوتها والتعبير عن حالها ومطالبها وآمالها. وسط هذا الواقع المظلم، وفي عصر يتسارع فيه التطور التكنولوجي وتتعدد فيه المنصات الإعلامية، برز دور الإعلام المجتمعي ليكون بمثابة شعلة الأمل، متجاوزًا قيود الرقابة والقمع، موضحًا قوة الكلمة في مواجهة الظلم.
ويعد الإعلام المجتمعي اليمني مثالاً واضحًا على كيفية إيصال صوت المواطن المظلوم والمحاصر إلى جميع أرجاء العالم، بفضل جهود عدد من الشرفاء في هذا الوطن الذين نجحوا في التفاعل مع قضايا الوطن وتوصيل مظلومية اليمن عبر جميع منابر الإعلام المجتمعي المقروء والمسموع، متخطين الحدود على الرغم من الهجمات المتعددة التي تعرضت لها اليمن ومؤسساتها الإعلامية الوطنية. إلا أنه وبفضل حنكة هذه القيادات الوطنية تمكن الإعلام المجتمعي اليمني من تصدر المشهد الدولي، وصولًا إلى أروقة مجلس الأمن، ليعرض أمام شعوب العالم وقادته قصصًا واقعية عن المعاناة والمقاومة، ليس في اليمن فحسب، بل شمل أيضًا فلسطين ولبنان ودول محور المقاومة.
لقد تم تأسيس عدد من المنتديات السياسية اليمنية في إطار الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي، مثل ملتقى كتاب العرب والأحرار، واتحاد كاتبات اليمن، وملتقى كاتبات وإعلاميات المسيرة، بالإضافة إلى المنتديات السياسية من دول المحور. كما لعبت المواقع الإلكترونية والوكالات الدولية دورًا فعالًا في نشر مقالات الكتاب والكاتبات والنخب السياسية والإعلامية، مما أسهم في تعزيز الصوت اليمني. كما كانت المؤسسات الإعلامية الصوتية أيضًا جزءًا من هذه الجهود، مثل إذاعة الاقتصادية FM، التي اختصت في نقل الأنشطة والفعاليات الخاصة بالحملة الدولية، والتي كان العميد حميد عبدالقادر عنتر هو من بذر البذور الأولى في تكوين هذه الحملة والتي نمت لتصبح مؤسسة قوية تجمع الكتاب والمفكرين والإعلاميين من عدد من الدول. كذلك أقيمت العديد من المؤتمرات الصحفية والندوات العالمية ليتحدث للعالم عن مظلومية هذا الشعب.
ولا يمكننا تجاهل دور عدد من وسائل الإعلام المهتمة بالقضايا الوطنية والقومية، التي تسهم بشكل كبير في توعية المواطنين بواجباتهم تجاه ما يجري للوطن والأمة من اعتداءات صهيونية، فبفضل هذه الوسائل الإعلامية، تُنشأ أجيال من القادة العظماء المؤمنين، والذين سيكون لهم دور كبير في المستقبل في تطهير الأمة من رجس الصهاينة والمنافقين.
ومن خلال الإعلام المجتمعي، برز عدد من المناضلين الوطنيين الذين واجهوا جميع الحروب والهجمات ليس بدافع سياسي أو مكسب ذاتي، بل تعزيزًا لانتمائهم الديني والوطني واتباعًا لمبادئهم الإيمانية ، وكان العميد عنتر رمزًا وقائدًا لهؤلاء بشهادة كبار الكتاب والمفكرين من النخب العربية.
ولهذا نقول، يتعين على مسؤولي الدولة احتضان هؤلاء المناضلين واستثمار أفكارهم لتعزيز جهود التنمية الوطنية، وكذا فإن دعم الإعلام المجتمعي وتوسيع رقعته يُعدّ أمرًا ضروريًا لتحقيق الأهداف الوطنية والقومية، إذ يمكن أن يبقى صوت العدالة والمقاومة مسموعًا في كل مكان وكل زمان. فيجب على الجميع، من أفراد ومؤسسات، أن يتضافروا لإنجاح هذا العمل العظيم.
إن نجاح الإعلام المجتمعي يتطلب اليوم اهتمامًا أكبر من الدولة، فهذه المنصة ليست مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل هي قوة حقيقية يمكن استغلالها في تعزيز الصمود والبناء الوطني. لذا فإننا نوصي الدولة باستثمار إمكانيات وأفكار هؤلاء المبدعين، الذين يمتلكون القدرة على تقديم رؤى جديدة ومبتكرة تساهم في نهضة الوطن، فمن خلال دعم وتشجيع هؤلاء الأفراد، يمكن أن يبزغ قادة وطنيون بشكل أكبر من أوساط المجتمع اليمني المهمش مما يسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتقديم نموذج يُحتذى به في البطولة والصمود. وسيكون لهؤلاء القادة الناشئين دور عظيم في نهضة اليمن وتعزيز صموده أمام هجمات أعدائه الصهاينة والمنافقين.
فلنجعل من الإعلام المجتمعي أداة للتغيير، ومنبرًا لصوت الشعوب المقهورة
Discussion about this post