اقتصادنا بين الترقيع والتطويع
لعل الدخول في المسألة الاقتصادية في الوقت الحالي هو من اصعب المجالات واكثرها تعقيدا لان الحياة الاقتصادية التي يعيشها المواطن هي مايعكس مدى نجاح الحكومات والانظمة والقيادات في امساكها بزمام القرار
والواقع المزري في لبنان وليبيا وسوريا واليمن وكثير من الدول يؤكد تخبط الحكوميين في سلوك منهج اقتصادي تخصصي ومنطقي متكامل الرؤية ومضمون النتائج
طبعا الجمل الثلاث الاكثر تكرارا بين عامة افراد وطبقات الشعب تصب ضد الحكومات (اذا كان المسؤول عاجزا فلينسحب ، المواطن غير مسؤول عن عجز الحكومة مهما كانت مبرراتها ، للشعب كامل الحق بحياة كريمة تحفظ كرامته واستقراره المعيشي في الحد الادنى)
وهذه الجمل الثلاث تفرض على الحكومات وقفة مطولة مع الذات ومقارنه الواقع مع ماقبله واستشراق نظرة للمستقبل في ظل استمرار السياسات الاقتصادية المتبعة
بالنسبة للواقع السوري :
اصبحت قضية العقوبات وقانون قيصر شماعة لتغطية كل التقصير الحكومي سواء المتعمد من قبل بعض التجار والمتنفذين او غير المتعمد الناتج عن تخبط او تسرع في اتخاذ قرارات غير مستوفية حقها من الدراسة لذلك تأت معظم القرارات ترقيعية عجولة تهدف لحل مشكلة معينة تواجهها الخزينة لكن هذه القرارات الترقيعية تفتح ابوابا جديدة للفساد الادراي والاجتماعي المتجذر اصلا في المجتمع من جهة وتخلق مشاكل جديدة تحمل نتائج سلبية اكبر من المشكلة الاولى وللاسف غالبا يكون الحل لديهم بقرارات ترقيعية جديدة تكرس المشكلات وتزيد من حدة تأثيرها على حياة المواطن
نعم نحن في حصار
نعم نحن نخضع لقانون قيصر
لكن السؤال هل فعلا ما وصل اليه الواقع هو بتأثير الحصار فقط وهل قراراتنا حكيمة بالحد الذي يكفي لتجاوز تأثيرات الحصار؟؟
اليوم نحن لانحتاج الى حكومة ترقيعية وقرارات ترقيعية ومبررات ترقيعية لان الثقوب اصبحت اكثر من ان يسدها الترقيع وبالتالي هذا يزيد احتمالية الانفجار
المطلوب حكومة وقرارات وسياسات تطويعية
تطويعية من جهة استثمار الواقع بشكل سليم
تطويعية من حيث استثمار المعطيات المتوفرة والمصادر المتاحة
تطويعية من حيث الانطلاق من الضرورات المواطناتية بعيدا عن الشعارات والمواقف المتشنجة
تطويعية من حيث اختيار السياسة الاقتصادية الواضحة التي توازن بين الامكانات المتوفرة ومتطلبات الواقع
اكبر مشكلة يعاني منها الفكر الاقتصادي السياسي الحكومي انه مازال يعتمد خطط وشعارات واهداف مراحل سابقة
هذه الادوات ادوات ذكية يجب على الحكومة ان تكون ذكية ومرنة بالحد الكافي للخروج من تحت عباءة شعارات مراحل لم تعد مقومات الواقع تناسب العمل بها
تشجيع الانتاج المحلي ضرورة ملحة وخاصة الانتاج الزراعي
— وربما تحويل مساحات من الحدائق العامة ومشاتل الدولة وجزء من اراضي املاك الدولة سهلة السقاية من الانهار والبحيرات الحلوة الى مشاريع تشاركية مع موظفي هذه الحدائق او سكان هذه المناطق بشكل قانوني مبسط وشروط ميسرة كفيلا برفد الاسواق المحلية في كل المدن بعشرات المنتجات الزراعية باسعار تنافسية
— فتح باب الاستيراد للمواد الغذائية امام التجار مع وضع ضوابط منطقية واخذ الضريبة عينية من جنس المادة المستوردة سينشط التنافسية السعرية ويقوي موقع القطاع التجاري الحكومي كمنافس فعال للتجار كونه سيمتلك نسبة عينية من كل مايطرح بالاسواق ويساهم ايضا في تقوية دور مؤؤسات الدولة في السوق
— فتح حوار جاد بنية صادقة مع اصحاب الكفاءات والعلوم والخبرات حتى لو من خلال مواقع ومنصات التواصل الرقمية سيوفر افكارا ذات سمة تعددية وتنوع
— توقيف الضرائب او تخفيضها للحد الادنى على كافة الصناعيين والمنتجين والحرفيين والمشاريع الانتاجية الصغيرة سيحقق نشاطا تجاريا وصناعيا وخدميا كبيرا وسيحقق عائدية مالية اكبر من الضرائب والرسوم لخزينة الدولة من حيث النتيجة وخاصة للقادرين على التصدير
—واهم من ذلك كله يستلزم التطويع تطويع المسؤول لنفسه وفق ضرورات المرحلة وضرورات الوطن
نزع الطقم الرسمي والبروتوكولات والتصوير التلفزيوني وارتداء بدلة عمل والنزول الى الشارع كشريك نجاح وليس كمنظر او مراقب الى جانب توقيف منابع الهدر الحكومي من وقود وآليات وتعويضات ومكافآت واذونات سفر سيحقق انعكاسا كبيرا ماليا واقتصاديا ووطنيا
— توقيف رواتب اعضاء مجلس الشعب والمجالس المحلية لثلاث اشهر وربط عضوياتهم بالخطة الزمنية المواكبة لتطبيق برامجهم الانتخابية سيمنح الوطنيين منهم دافعا مهما للعمل وسيفرز الغث من الطيب مع تحويل كتلة هذه المبالغ لصندوق يدعم المبادرات الخلاقة والمشاريع الفردية الفريدة ذات المردود المجتمعي العالي
لست خبيرا اقتصاديا
لكنني مواطن اشعر بالضيق الذي وصل له كل الوطن وكل المواطنين
واحاول من موقعي تقديم ما استطيع تقديمه بخبرتي ومعلوماتي المتواصعة لاستطيع النوم مرتاح الضمير انني قدمت مابوسعي تقديمه
د.دحام الطه
Discussion about this post