*في ضيافة المطر*
أنا القبطان؛ بل أنا ياغبي، إنك لاتجيد فن تشكيل السفن الورقية، أيضا لاتحسن القيادة حتى، سبق وأن غرقت سفينتنا في إحدى الحفر بسببك؛ حسنًا، ماذا إن عَتت العاصفة، وهاج الموج ياذكي؟! لاشأن لك، كل ماعليك فعله هو مداعبة أنواء المطر؛ كي يستمر، ومراقبة عتبة نافذتنا الغربية؛ لك أن تتخيل لو رأتني أمِّي وأنا تحت بهذه الهيئة المبتلة، ولاحظت حمرة أنفي؟! تالله ستكون العاقبة وخيمة، أتخاف الهراوة، ياجبان..؟! لا. بل أخشى أن تمتعض أمي لذلك، وترغمني للعودة إلى جانب المدفأة مجددا؛ كي لاأُصاب بأمراض الشتاء، ههههه حمدًا لله فأمي لاتلحظ غيابي من الأساس.
استدام حال الطفلان الشقيان هكذا إلى أن …إلى أن ماذا؟! إلا أن عاد الجو لنصابه، توقف المطر، وبدأت ألوان الطيف تتراقص طربا مع هذين الطفلين، بسرور يتدحرجان من على ظهره، يتسابقان من يصعد أولا، نسيا كم الوقت، هاما في رحاب الخيال دون خيفة، ليغدو صوت الأم المتهدج أشبه بكمنجة تعزف لهما لحن الوهم الجميل؛ كل ماسبق ذكره رأيته من خلال نافذتي..نافذتي التي أعبر منها إلى كل العوالم بضغطة تخيل، والذهاب بعقل حافي من الادراك.
تذكرت حينها حال طفولتي العصي، إذ لايمر يوم غيوم دون أن أستظل تحت أفيائه؛ أنتظر بشوق وشغف مزار حبات المطر أرض قريتي، وحين يهطل المطر أُصاب بنوبة الجنون، فلا ميزاب جار إلا ونزلت به، ولاحفر ممتلئة بالماء إلا وقفزت إلى صدرها، كنتُ لاأعول بمغبة ماينتظرني في المنزل، مايهمني وقتها أني حزتُ على بعض سعادة.
اليوم أجدني أحنُ إلى ماكنت عليه، أصبو إلى أيام الطفولة بلهفةٍ تكاد تخنُقني، ثمة تساؤلات حميمة قديمة تشعرني بالعجز، فاليوم حين أمطرت لم استطع الخروج، ليس رهبة من أمي، وإنما صحتي العليلة، ومناعتي الهشة، سيقحمانني في معضلات جديدة، وبإثرها سيحتضنني فراشي الوثير لأيام طويلة، إنني اليوم أحاول جاهدة مواساة نفسي، واستعادة شيء من طفولتي، واللجوء لعالم الخيال كما فعل الطفلان قبيل لحظة.
“رويدااااااا… قفلي الطاقة وبطلي تأمل وهبالة…كما بيقولوا جننت البنت ..بسرعة ولا بقفلها عليك للأبد يبسنا برد
..شوية وأذن مغرب ”
كان صوت أمِّي…فليحفظها الله.
#رويدا_البعداني.
#خربشات_شغف.
٢٦/نيسان/٢٠٢١م.
Discussion about this post