*أنيس النقاش في ندوة اقامتها جبهة العمل الإسلامي: تحرير فلسطين أعده اليوم بالشهور وليس بالسنين*
نظمت جبهة العمل الاسلامي في لبنان ندوة افتراضية على منصة الزووم بعنوان: التهديدات الأمريكية المستجدة ومصير المنطقة، والتي حاضر فيها منسق شبكة امان للبحوث والدراسات الاستراتيجية الاستاذ انيس النقّاش، بحضور ومشاركة عدد من الشخصيات، وأدارها الإعلامي ربيع غصن.
بعد الاخبار المتداولة حول نيّة الرئيس الامريكي التي تنتهي ولايته بعد اسابيع دونالد ترامب بتوجيه ضربة عسكرية على الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحور المقاومة، ونيته شن الحرب قبل تسليمه الرئاسة، اجاب النقاش على هذه التساؤلات، بأن هذه الاخبار خاطئة، بسبب سياسة ترامب قبل اربع سنوات التي اعتبرت الحروب أمراً غبياً كلفت الولايات المتحدة تريليونات الدولارات وأضعفت موقعها الاقتصادي والعسكري والسياسي في العالم ، مما جعلها تنتهج سياسةً عكسية، فانسحب من كل الاتفاقات الدولية، وضغط على الحلفاء من اجل الدعم المالي في حلف الاطلسي لانه لم يكن يريد القتال عنهم مما يعني ان سياسته الانسحاب وليست الانخراط في الحروب.
لكن المسؤولية تنقضي بأن نتخذ جميع التدابير والاحتمالات، وأن نعي خطورة الوضع بحيث اننا لا نعلم ما إذا سيكون التهديد عسكري، ام مزيد من الضغوطات الاقتصادية والتطبيع العربي الصهيوني، لأن بنظرهم الضغط الاقتصادي يضعف محور المقاومة ولا يخوّله ممارسة سياسته كما يجب ويحد من تحركاته. واضاف النقاش ان هذه الممارسات هي اكثر خطورة من الحروب العسكرية لانها تعني المزيد من الصراعات العربية والاسلامية والاقليمية.
وقال النقاش ان الدول العربية تسعى لإقامة حلف مع العدو الصهيوني، يمتد من الثقافة والاقتصاد حيث تسعى لإقامة خطوط انابيب غاز ونفط بين الجزيرة العربية والاردن وحيفا، وقطارات سريعة وعشرات الرحلات الجوية، كما قامت الامارات بما لم تفعله الولايات المتحدة الامريكية وهو توقيع اتفاقية لرفع تأشيرات السفر بينها وبين العدو الصهيوني، وسيقومون بالضغط على السودان للمزيد من خطوات التطبيع.
وتحدث النقاش عن وزير الدفاع الامريكي ميلر قائلاً انه اتى من اجل استكمال ما قام به نائبه الاسبوع الماضي في زيارة للامارات والمملكة السعودية ووضع الاسس النهائية لصفقة تصل الى مئتي مليار دولار من التسليح ، ولكي يقول لهم عليكم بالاعتماد على انفسكم ونحن لسنا بوارد ان نقاتل عنكم كما أعلمكم بومبيو وكما أعلمناكم سابقاً.
وتحدث النقاش عن الوضع الامريكي الايراني، ان اميركا تعلم جيداً أن أي ضربة عسكرية توجّه للجمهورية الاسلامية سوف يتم الرد عليها وعلى الكيان الصهيوني، والعدو الاسرائيلي اليوم ليس بوارد ان يدخل اي حرب، لأنه ليس جاهزاً لتحمل وزر الحرب ولو كان كذلك لشن حرباً على حزب الله للقضاء على أكبر ترسانة صواريخ في الشرق الأوسط دون الحاجة لأي ضربة على ايران.
فالخلاصة أن “إسرائيل” اليوم لا تتحمل حرباً واسعةً ولا أي رد سيكون عليها.
وتحدث النقاش عن الانحطاط الأخلاقي والسياسي في الولايات المتحدة الامريكية والانقسام العامودي بين الشعب بين فئتين اجتماعيتين لديهم رؤى مختلفة عن امريكا، تبدأ من الأمور الاجتماعية والاقتصادية مروراً بالعنصرية، وبالتالي هناك انحطاط على كافة المستويات في الولايات المتحدة واخطرها الانهيار الاقتصادي الذي سيؤدي إلى صراعات داخلية.
وذكر النقاش ان ما حصل في العراق على عهد ترامب من اتفاق الانسحاب من العراق سيجبر بايدن على الانسحاب بحجم معين وسيترك مستشارين بمطلب من الحكومة العراقية.
اما بالنسبة لليمن، فبايدن يحتاج على الأقل إلى ثلاثة أشهر من البحث للتوصل الى اتفاقية لوقف الحرب على اليمن. أما البحرين، فستستمر بسياسة القمع لانها لا تستطيع أن تتحمل إعطاء الحريات للمعارضة، وبالتالي المعارضة يجب أن تصبر حتى تنتهي نتائج حرب اليمن.
اما عن سوريا فأشار إلى أنها ستأخذ مواقع جديدة من خلال الانسحابات التركية وسيكون موقعها أفضل بكثير خاصة بعد تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية بينها وبين روسيا وايران. وانه رغم بعض الضربات للعدو الصهيوني فإن وضع سوريا يزداد قوة يوم بعد يوم ولا تؤثر عليها هذه الضربات لذلك فإن “إسرائيل” قلقة من تنامي القدرات للمقاومة في سوريا. وأن عدم الرد على الاعتداءات الصهيونية يأتي من ضمن استراتيجية كبري للقيادة السورية ضمن استكمال كل الامكانيات اللوجستية لخوض المعركة الكبرى وليس في الدخول بحرب استنزاف طالما أن الضربات ليست إستراتيجية.
اما في لبنان فقال النقاش نحن نعيش وضع كارثي اقتصادي وسياسي، لأن سياسيو لبنان ليسوا على قدر الحمل ، لم يتقدم احد منهم بأي مشروع منطقي سياسي أو اقتصادي لحل ما نواجهه من ازمات وهنا تكمن خطورة الوضع اللبناني الذي يجب علينا جميعا التفكير بإيجاد الحلول.
وختم النقاش بأنه باي معركة عسكرية قادمة مع العدو الصهيوني فإن الانتصار الكبير هو لهذا المحور، وتحرير فلسطين هو قاب قوسين أو أدنى، وأنا أعده اليوم بالشهور وليس بالسنين، وأنا لأول مرة ألتزم بزمن معين ومتأكد من ذلك.
بعدها كانت هناك عدة مداخلات من بينها للشيخ بلال شعبان أمين عام حركة التوحيد الإسلامي وعضو قيادة جبهة العمل الإسلامي، حيث قال: انه يجب الرد على الاستهداف الصهيوني لمحور المقاومة في سوريا برد من نفس النوع يمنعها من معاودة الاعتداء ولأن عدم الرد يشكل نقطة ضعف، واعتبر ان اكبر عمل أحمق أمريكي هو استهداف الشهيد قاسم سليماني واشاد بالرد الإيراني بالصواريخ على القاعدة الأمريكية، هناك محور كبير من دول المنطقة انتقل بشكل علني للتحالف مع العدو الصهيوني ويتحضر للقتال بجانبه، وهناك صفقات تعد بمليارات الدولارات من اجل التسليح لهذه المواجهة متخوفا من تحول الحرب إلى عربية عربية وليس مع الكيان. واعتبر ان السمة الجامعة لشعوب محور المقاومة هي سياسة تجويعه من قبل الاستكبار، مؤكدا على التواصل مع بقية الشعوب لتقف معنا في معركتنا.
ثم قدم الاعلامي والأستاذ الجامعي الدكتور خضر نبها مداخلة فأشاد بهذه الندوة القيمة وبكلام الاستاذ انيس النقاش وشكر منظميها وقال في الستينات كتب احد المجاهدين الفلسطينين كتابا بعنوان: المعذبون في أرض العرب، وكان يقصد بهم الشعب الفلسطيني، ولكن بعد مضي٧٠ سنة أصبحنا نحن العرب كلنا معذبون في أرض العرب، مطالبا المفكرين والمنظرين والاستراتيجيين في محور المقاومة اجتراح أدوات تنظير جديدة، لأن العالم يسبقنا فلم نكن نتصور في يوم من الأيام ان يكون العرب مع العدو الصهيوني هكذا من التعاون والتنسيق، مؤكدا على أن فلسطين هي الاتجاه الصحيح.
ثم قدم الشيخ محمد خضر رئيس المنتدى الإسلامي للدعوة والحوار مداخلة: فأكد على ضرورة معالجة الموضوع الأكثر حساسية وخطورة على الساحة الاسلامية المتمثل بإطار الصراع السني الشيعي المصطنع في السنوات الاخيرة، والذي بفضل الله بعد خيانة أنظمة الخليج التطبيعية اخرجتها من لعب هذا الدور على مستوى شرائح واسعة من الشعوب العربية والإسلامية لأنها أصبحت في نظر جماهير هذه الشعوب أنظمة خاضعة وعميلة وخائنة. واعتبر الشيخ خضر انه تبقى العلاقة مع تركيا وخصوصاً بين دولتين تتزعمان في هذه الفترة: السنة إلى حد كبير وتلعب دورا فاعلا ومؤثرا في أكثر من ساحة في هذه المنطقة وهي تركيا، والجمهوررية الاسلامية التي تقود محور المقاومة، معتبراً ان تتطور العلاقة بشكل إيجابي بين هاتين الدولتين هو من مصلحة الأمة جمعاء ويرسم نتائج إيجابية لمصلحتنا في الصراع القائم في المنطقة.
ثم كانت عدة مداخلات واسئلة لبعض الأخوة والاخوات المشاركين رد عليها الأستاذ النقاش.
واختتم الندوة المنسق العام لجبهة العمل الاسلامي الشيخ الدكتور زهير الجعيد، فتوجه بالشكر لجميع المشاركين في الندوة من شخصيات وجمهور، والشكر الخاص للاستاذ انيس النقاش المعروف بتاريخه النضالي منذ ريعان شبابه وحبه للمقاومة ولفلسطين، فكان فدائياً بامتياز لم يخاف من كل التحديات وشارك في أخطر العمليات الفدائية مع المقاومة الفلسطينية وهو ابن بيروت صاحبة الريادة في التاريخ المقاوم والعروبي والإسلامي.
وقال الجعيد اننا ننظم هذه الندوات لخطاب بيئتنا السنية اولًا التي للاسف استطاع المشروع الصهيو امريكي العمل عليها ليس فقط في لبنان بل في كل العالم العربي والاسلامي، هناك تغيير كبير لمفاهيم هذه البيئة التي هي بالاصل بيئة المقاومة والامة التي كانت تتبنى كل الخيارات المجاهدة. واليوم نحن نشهد تغييب للحضور العروبي والسني والاسلامي التاريخي، لذلك كانت هذه الندوة لنبرز اصالة هذه البيئة واصالة خياراتها، لان فلسطين هي القضية التي ناضل من اجلها ابن بيروت وابن عرسال والبقاع وابن طرابلس وابن عكار وابن صيدا واقليم الخروب والعرقوب. ونحن يجب علينا ان نعيد تصويب بيئتنا نحو هذا التاريخ المشرف لكل العرب والمسلمين والاحرار.
واشاد الجعيد بفكرة ان تحرير فلسطين هي مسألة اشهر وليست سنين التي اكدها الأستاذ أنيس النقاش مما يعطي معلومات عن قوة وتحضيرات وعزم هذا المحور، ويطمئن المشككين والخائفين من التهويلات الامريكية، وانه يجب ان يثق الجميع بقوة المقاومة وانتصارها الحاسم لأنه وعد الله، ودورنا يقتضي بتعزيز الوحدة الاسلامية والعربية. مع أهمية توسيع هذا المحور ليشمل كل الأحرار والمظلومين في هذا العالم من كل الطوائف والاديان والقوميات وبوادر ذلك بدأت في سقوط المشروع الأمريكي في دول أمريكا اللاتينية.
ووجه الجعيد التحية لشيخ الازهر الشريف الإمام الشيخ أحمد الطيب الذي قال: “إذا كان قد كُتب علينا فى عصرنا هذا أن يعيش بيننا عدو دخيل لا يفهم إلا لغة القوة، فمن العار أن نخاطبه بلغة اخرى لا يفهمها ولا يحترمها أو أن نبقى حوله ضعفاء مستكينين متخاذلين وفي أيدينا لو شئنا كل عوامل القوة ومصادرها المادية والبشرية”. ما يؤكد على أصالة الأزهر وشيخه وعلمائه ورفضهم القاطع للكيان الصهيوني والتطبيع معه.
Discussion about this post