بقلم د. | أحمد صالح النهمي
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كما يعود طائر الفينيق من بين الرماد ليحلق مجددا، عاد رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين الأستاذ عبدالله علي صبري ليحلق مجددا في فضاء الكلمة العابرة للحصار، المعبرة عن مظلومية الشعب اليمني وانتصاراته، معلنا بصوت الحق المتدفق عزيمة وإصرارا وشجاعة وإيمانا وتحديا “سنواصل…أقوى وأمضى”.
في معركة زمانها الساعات الأولى من ضحى الحادي عشر من شهر الله الفضيل، ومكانها حي الرقاص بالعاصمة صنعاء، قرر تحالف الطغيان الإماراتي السعودي الجائر إبادة إعلامي مدني أعزل إلا من ضميره الشجاع، وفكره المستنير، وقلمه الساطع بالحق، فأرسل طائرات الإف بصواريخها المدمرة لتقترف جريمة راح ضحيتها عشرات المدنيين أغلبهم نساء وأطفال في سابقة ستظل بشاعتها أبد الآبدين تلاحق بالخزي والعار والشنار القتلة المجرمين.
أرادوا قتل الصحفي عبدالله علي صبري، والانتقام من أسرته وجيرانه بهذا الشكل الداعشي الغادر، ليخرسوا القلم الذي استطاع أن يقارع ترسانتهم الإعلامية وينشر فضائحهم في العالمين، ويصنعوا من بشاعة التنكيل الذي لحق به وبأسرته وجيرانه فصلا تراجيديا في كتاب عدوانهم على اليمن يصل مداه إلى كل الأقلام التي تسير على ذات الطريق، بأن المصير نفسه بانتظار من سيواصل منهم، وعليهم أن يتوقفوا عن الكتابة المناهضة للعدوان، وقد أعذر من أنذر.
وأراد ربك أن تصعد في معراج الشهادة الأم المجاهدة من محراب سجودها لتلقى الله شهيدة مظلومة، وهي صائمة تصلي الضحى، فأي حسن خاتمة أفضل من هذا؟ ويصطفي ولديه الشابين (حسن ولؤي) شهيدين عظيمين مظلومين، ليصنع هذا الصحفي اليمني الشجاع بجراحه النازفة ودماء الشهداء المظلومين من أهله وجيرانه ملحمة جديدة تذكر بملاحم الخلود التي سطرها الأنبياء والشهداء والصالحون في وجوه الطواغيت والفراعنة والمستكبرين، ومدرسة شاهقة من مدارس العزة والكرامة والصدق والثبات يجترح من دروسها المسكونون بحب أوطانهم أنبل القيم الإنسانية وأصدقها تعبيرا عن عدالة القضية وشرف الموقف.
عرفت الصديق العزيز عبد الله علي صبري أواخر تسعينيات القرن الماضي وجمعنا سويا سنوات من العمل في صفوف حزب اتحاد القوى الشعبية، والكتابة في صحف “الشورى، وصوت الشورى”، ولست مبالغا إذا قلت أن الصديق عبدالله صبري من القلائل الذين ترى سلوكهم العملي منسجما مع تنظيرهم الفكري، وتجد أفعالهم تجسيدا عمليا لأقوالهم، فكأنك أمام كتاب من القيم الإنسانية والخلق الرفيع تمشي على الأرض في هيئة إنسان يمني يدعى “عبدالله علي صبري”.
كتابات عبدالله على صبري ومشاركاته الفكرية على المستويين المحلي والدولي، تكاد تمتاز عن كثير من الكتاب والصحفيين بأنها تنحو في الغالب نحوا تنويريا يمتاز باستيعاب الموروث الديني والفكري والحضاري الإسلامي، والاطلاع الواسع على أفكار المجددين المعاصرين من المفكرين الإسلاميين والمثقفين العرب، لا سيما المفكر الإسلامي الكبير إبراهيم بن علي الوزير وتقديم الرؤى والأفكار التي يستنتجها من قراءاته بأسلوب علمي موضوعي بعيد عن الضجيج والإثارة….أما مواقفه السياسية فينطلق فيها من مقتضى التأمل الفلسفي المبني على القيم، لا على مقتضى التكهن السياسي المبني على المصالح الضيقة والمكاسب الشخصية.
في معركة العدوان الغاشم على اليمن ، اختار كثير من المثقفين والحداثيين الذين أهرمونا ضجيجا عن مناهضتهم للرجعية العربية الوقوف في صفوف الرجعية العربية ومناصرة الغزاة المعتدين، واختار عبدالله صبري الوقوف إلى جانب أبناء شعبه مدافعا عن كرامة وطنه وحريته…وعلى الطريق تساقط إعلاميون وصحفيون ومثقفون كانوا في صف الوطن، ثم سال لعابهم حين لوحوا لهم بفتات من “رزم البترودولار” لقاء تبريرهم مجازر قتل اليمنيين، والسكوت عنها، فالتحقوا بركبه، وظل “عبدالله صبري” عصيا على التطويع وشراء الموقف أو حتى الحياد، مشكلا بكتاباته الموضوعية وتقاريره الصادقة وتحليلاته العميقة نموذجا للإعلامي والسياسي اليمني الذي لا يملك أحرار العالم إلا أن يقفوا له إجلالا واحتراما وتقديرا، ولهذا قرر تحالف الإرهاب تصفيته والتخلص منه، فلم يجن إلا الخيبة والخسران المبين.
يا طائر الفينيق حسبك إنهم
قطع يحرك سيرها الأرباب
.
كلماتهم عربية وقلوبهم
عبرية، وطقوسهم إرهاب
.
فتألقي فوق الجراح كبيرة
صنعاء، فالسرب الكبير سراب.
Discussion about this post