(( لعله يتذكر أو يخشى ))
أمر الله سبحانه وتعالى نبياه موسى وهارون عليهما السلام أن يخاطبا الطاغي فرعون بخطاب لين لعله يتذكر أو يخشى رغم أنه قد سفك دماء أطفال بني إسرائيل في طغيان لم يشهد له التاريخ مثيل الا تاريخ محمد بن سلمان وسفكه لدماء أطفال اليمن ، فلماذا جاء هذا التوجيه والتبرير الرباني ب(لعله)؟
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com
قال تعالى موجها نبياه موسى وهارون في سورة طه ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(44) ) رغم أن فرعون سفك ومازال يسفك دماء أطفال بني اسرائيل الذين لا ذنب لهم ولا جرما أقترفوه ولا حتى تهديدا حقيقيا يشكلوه على هذا الطاغية ، فلماذا قال تعالى لهما (قولا لينا) ولماذا وضع التبرير ب(لعله يتذكر او يخشى) وهل الله تعالى كان لديه أحتمال انه قد يتذكر او يخشى حتى مثلا فجاءت النتائج غير ذلك ما يعني ان الله لم يكن لديه علم اليقين المطلق بالنتائج (والعياذ بالله جل وعلى عن هذه الأحتمالات علوا كبيرا) .
من أكبر مشاكلنا نحن البشر اننا نتعامل مع الله واسماءه وصفاته بنفس المقياس والقياس الذي نتعامل به مع بعضنا البعض فعندما نصف بعضنا البعض بصفة الرحمة مثلا فإننا نطلقها من منطلق اعمال ومشاعر لينة رحيمة نقوم بها تجاه بعضنا البعض في وقت اننا نظن ان رحمة الله بنفس الحجم والطول والعرض الذي هو بيننا فلا نطلق عليه رحيم الا عندما ينجو احدهم من كارثة كادت ستفتك به في وقت ان من رحمة الله انه قد يميت او يقتل ابنا لنا او يعيقنا او يفقرنا او أو كما قص الله في قصة موسى والرجل الصالح عندما قتل ذلك الطفل الذي كان لو لم يمت كان سيرهق أبويه المؤمنين كفرا وطغيانا فتصبح نهاية الثلاثة الى نار جهنم في وقت ان النهاية الان للجنة رحمة من الله ومن هنا علينا ان ننظر لكل شيء يأتي من جانب الله بالرحمة مهما كانت مقاييسنا تقيسها بالرحمة او بالألم ، وهكذا ايضا علينا ان ننظر الى ما حصل مع موسى وهارون عندما قيل لهما من الله (لعله يتذكر او يخشى) فهذا توجيه لمخلوقين قاصرين وليس مقياسا لعلم ومعرفة خالق يمتلك مطلق الكمال !!
هذا توجيه من الله لنا بأن نستمر في التعامل باللين واللطف مع الآخرين حتى لو بلغ تكبره وتجبره ما بلغ اليه فرعون الذي وصل الى مستوى ان يقول (أنا ربكم الاعلى ) و (ما علمت لكم من إله غيري) ونترك لله جل وعلى ليحكم حكمه (زمانا ومكانا) متى ما أقتضت حكمته جل وعلا وهذا الأمر يأتي من منطلق مطلق عدالته التي تضع الطغاة في موقف اللاحجة واللاعذر يوم القيامة بحيث لا يتعلل بتنفير الدعاة من الأنبياء والرسل واعلام الهدى لهم بالقول الفض الغليظ وذكر الله للفظه (لعله) هي سلاحا ايجابيا لموسى وهارون لكي يتحركا بدافع (الأمل) ان يهتدي فرعون ويعود للصراط المستقيم ما يعني ان تصبح مصر كلها مؤمنة كما كانت في عهد فرعونها الذي عاصر نبي الله يوسف عليه السلام والذي يتحرك بالأمل هذا يحمل مشاعر ايمانية كبيرة وحافز قوي جدا للوصول الى هذا الهدف عكس ذلك الذي يتحرك وهو لا يمتلك أي أمل حيث تكون نفسيته (صفر) وهذا لا يفيد القضية بأصلها ، لذا جاء الامر والتوجيه الرباني واضحا وقاطعا (فقولا له قولا لينا) .
القول اللين نجده يوميا في خطابات وكلمات ومحاضرات وريث الأنبياء العلم السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي والذي لليوم مازال يدعو ائمة العدوان على اليمن بالعدول عن عدوانهم والعودة الى جادة الحق وتحكيم العقل والأحترام المتبادل (لعلهم يتذكرون أو يخشون) تاركا لله تعالى ليقضي أمرا كان مفعولا متى أراد وكيفما أراد مع ان من موجبات القول اللين هو عدم ترك السلاح وعدم الرد بالمثل فلا ينفي هذا امتلاك قوة الردع والمنع التي نمتلكها اليوم في يمن الايمان بفضل الله وعونه ولطفه.
أنتهى فرعون بتلك المأساة الكبيرة الذاتية له فحاول ان يتشبث بشيء من الأمل لينجو فقال (آمنت أنه لا اله الا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين) سلم لموسى في لحظة الموت وهي اللحظة التي لا تقبل أبدت بعد كل تلك اللحظات التي اعطيت له من الله وانبياءه والسبب يأتي من احاطت خطاياه به وتلك الدماء التي سفكت بغير وجه حق ولأطفال صغار معظمهم لم يبلغ الاسبوع من العمر وهذا حال الطغاة من بعده جيلا بعد جيل حتى يوم القيامة خاصة الذين لم يستغلوا هذه الفرص وهذه الدعوات ويتوبوا الى الله ويستغفروه ومن يعمل ذلك يجد الله غفورا رحيما .
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post