☆ كلمة الشيخ د. مفيد عبده محمد الحالمي وكيل وزارة المياه والبيئة أثناء لقاء مشائخ محافظة إب بالسيد عبدالملك الحوثي حفظه الله وابقاه بمناسبة إختتام الدورة الثقافية (دفعة البنيان المرصوص) الخاصة بمشائخ محافظة إب والمنعقدة خلال الفترة من3 إلى2020/2/11م:
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
– اللهم إنا نحمدك ونشكرك ونستعينك ونستغفرك ونستهديك، ونعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ولن تجد له وليا مرشدا . أما بعد:
– في ختام هذه الدورة التي أقل ما يمكن أن تنعت به هو أنها كانت (باذخة الروعة) .. وكيف لا تكون كذلك وقد ضمت باقة من صفوة رجالات الدولة والمجتمع الذين ينطبق عليهم قول الشاعر:
– “إن لله رجالا
إن أرادوا أراد”
في ختامها نؤكد أنها ما هي إلا أيام معدودات تعلمنا خلالها مالم نتعلمه في سنون غير محدودات.
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
– تعلمنا أهمية إدراك واحدية المصير .. تماما كما هو الرب واحد.
من ثم أهمية القيادة الواحدة .. وأهمية التسليم لها.
لنخلص إلى قيمتين عظيمتين.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}.
– تعلمنا أن تعدد المساجد في المكان الواحد ليس عمل خير بقدر ما هو عمل شر.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
– تعلمنا أن ثمة مشروع عدائي للقيم يمثل مشروع الشر .. وهو ما يقتضي أن يقابل بمشروع مناهض يمثل مشروع الخير.
– تعلمنا أن مشروع الشر قد شغلنا عن العدو الحقيقي باختلاق صراعات داخلية وصناعة أعداء داخليين.
أعداء لا يفترض أنهم أعداء .. ولا أعداء يفترض أنهم أعداء.
– وكامتداد لذلك .. تعلمنا أن العدو الحقيقي قد حرص غاية الحرص على استغلال ورقة الطائفية لتغذية الصراع فيما بيننا البين.
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}.
– تعلمنا أن السيد عبدالملك عزز الله وثبته لا يتحدث بلغة اليمن فحسب بل يتحدث بلغة الأمة الإسلامية جمعاء.
لا يتحدث بلغة محدودة بحدود جغرافية محددة .. بل بلغة تتجاوز الجغرافيا الوطنية إلى الجغرافيا العالمية.
– تعلمنا وهو أهم ما يجب أن نتعلم .. أن العدو الحقيقي من خلال مشروعه الخبيث والمنظم قد عني، مع سبق الإصرار والترصد، بخلق وغرس تباين بين مليار ومائتي مليون مسلم هم قوام الأمة الإسلامية .. و هو ما نجحوا به وقطعوا شوطا كبيرا في ترسيخه من خلال بعض المسوغات التي تبدو منطقية للعقل في تعاطيه السطحي مع الأشياء، والتي عمدوا إلى ترويجها بيننا وتسريبها من حيث لا ندري ولا ننتبه .. حتى باتت تبدو كما لو أنها مسلمات وبدهيات!!.
فعملوا على خلق التباين بيننا كهدف رئيس لهم من خلال مسميات الديمقراطية والتعددية السياسية وتنوع المذاهب وووو وما إلى ذلك من مبررات ومفاهيم ما هي في حقيقتها إلا ثغرات قاتلة المراد منها إصابة الأمة في مقتل بمزيد من التشظي وتقطيع الأوصال.
وهو ما يعني أننا كنا عرضة وضحية لمشروع خطير من المرجح أن تستمر خطورته وتتفاقم إذا استمر سباتنا العميق .. أي إذا لم نستيقظ.
{إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.
– تعلمنا أن ثمة من يوظف الخطاب الديني لصالح مشروع العدو .. و هذه إحدى أخطر صور ومنتجات الغزو الفكري الذي تعرضنا له دون أن نشعر.
– تعلمنا أن (أطفال الحافلة) ليسوا أطفال أسر معينة هي أسرهم المكلومة فحسب .. بل أطفالنا جميعا .. أطفال الشعب اليمني برمته من حوف إلى حرض.
– تعلمنا قيمة الصبر .. الصبر هي القيمة الأعلى في الحياة .. الصبر هو أكثر شيء وردت فيه الآيات الكريمة في القرآن الكريم.
– تعلمنا أن الاريحية هي عدوة النجاح.
– تعلمنا أن نمط الحياة لا ينبغي أن يكون فريسة سهلة لرغباتنا العبثية .. بل محكوم بنمط حدد ملامحه ومعالمه المولى عز وجل.
– تعلمنا كيف تكسر نمطيتك لاسيما حينما يتعلق الأمر بالتفرغ لله جل وعلا.
– تعلمنا أن حياتنا محكومة بالنظام وليس النظام محكوم بحياتنا.
– تعلمنا التأقلم مع الظروف والتكيف مع المتغيرات.
– تعلمنا، بقدر كبير من الدهشة، بل اكتشفنا أننا لن نفارق الحياة إذا فارقنا بعض الوسائل التي كانت تتحكم بجزء كبير من حياتنا اليومية حد اعتقادنا أنه ليس بمقدورنا العيش بدونها.. ونعني تحديدا تلك الوسائل التي سميت وسائل اتصال فيما هي في الواقع وسائل انفصال.
تعلمنا أن الإتصال بهذه الوسائل و التي تسمى وسائل اتصال .. تعني الانفصال عما يجب الإتصال به.
وبالمقابل الانفصال عنها يعني الإتصال بما يستحق الإتصال به.
إذن:
فلننفصل لكي نتصل .. خير من أن نتصل لكي ننفصل.
وهكذا ستكتشف أنها بمثابة ولادة جديدة وأنك اخيرا التقيت بنفسك بعد فراق لأمد غير قريب.
تعلمنا كيف ننفصل عن الدنيا .. لنتصل بخالق الدنيا.
كيف ننفصل عن الناس .. لنتصل برب الناس.
كيف ننفصل عن المخلوق .. لنتصل بالخالق.
– تعلمنا أن النظافة مسؤولية فردية وجماعية في آن.
تعلمنا أن النظافة تبدأ من الداخل .. من داخل النفس، ثم من داخل المنزل .. ثم تمتد إلى الشارع العام.
– تعلمنا أن وراء كل رجال عظماء أمثال (أبو حسين وأبو عماد وأبو يوسف وحسن ومحسن وغيرهم ممن تحملوا عبء خدمتنا .. تقف نساء عظيمات من وراء حجاب يضربن أروع الأمثلة في تجسيد أهمية وعظمة دور المرأة في الجبهة الداخلية التي لا تقل أهمية عن دور الرجل في الجبهة الخارجية.
فما من شك أنهن تجشمن جهدا جهيدا للقيام بواجب الضيافة ليس لشخص أو لشخصين أو حتى لعشرة أشخاص كعادة الضيافة في المنازل بل لعشرات الأشخاص بشكل باعث على الدهشة.
إذ كيف لنساء منزل واحد أن يقمن بواجب الضيافة لما ينيف على مائة شخص دونما كلل أو ملل.
لذا .. فإننا، ببالغ الحياء، إذ نقدم الاعتذار لهن .. لا ننسى أن نحمل أبو حسين والمحارم أمانة نقل جزيل شكرنا وموفور ثنائنا لهؤلاء النسوة الجليلات اللاتي يذكرن بقول الشاعر:
– “ولو أن النساء كمن عرفنا
لفضلت النساء على الرجال”
– تعلمنا كيف نعبد الله كما يشاء،
ووقتما يشاء،
وبالكيفية التي يشاء ..
لا أن نعبده كما نشاء،
ووقتما نشاء،
وكيفما نشاء.
– تعلمنا أن التركيز تسعة اعشار العمل.
فلا يمكن الإنجاز .. إلا بالتركيز
ولا يمكن الاستيعاب .. إلا بالتركيز
ولا يمكن التقدم قيد أنملة .. إلا بالتركيز.
ولقد ضرب القرآن الكريم لنا مثلا أنه حتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يسلم من هذه المعضلة .. قال جل من قائل:
{وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ}.
– تعلمنا أن نعظم الله في أنفسنا حتى يصغر كل ما سواه في أعيننا.
– تعلمنا أن الاخلاص سمة هامة إذا اتسم بها المرء أصبح مخلصا في تنفيذ العمل سواء أكان أمام الناس أو ليس قبالتهم.
– وأن الاخلاص شرط رئيس لقبول العمل .. بالتالي لا تتوجه بأعمالك إلى الناس لتقديرها بل إلى الله جل وعلا .. وهذا ما سيرتقي بك إلى مرتبة الاخلاص.
– تعلمنا أن (الجنة هي المأوى).
– تعلمنا أن قوة الله فوق أي قوة أو جبروت.
“أين الملوك، أين الجبابرة الأولى
كنزوا الكنوز فما بقين وما بقوا”
– تعلمنا أن صلاح حياتنا في صلاح صلاتنا .. فلو أننا نصلي كما ينبغي لما بقيت أي مشكلة في حياتنا.
تعلمنا أنه لا يوجد تنظيم في العالم بمقدوره أن يجمع أصحابه خمس مرات في اليوم بل كل يوم .. إلا تنظيم الله (الصلاة).
– تعلمنا أن الصرخة ليست مجرد شعار حماسي بل عبارات لها دلالات جامعة مانعة.
– تعلمنا كيف نستبدل الأثرة بالإيثار.
والقلة بالإكثار.
والقضاء على كل عوامل الاندثار.
– تعلمنا أن الغاية من الدورات الثقافية هي سماع هدى الله .. ثم بعد ذلك {مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}.
– تعلمنا أن مفتاح الاهتداء بهدى الله يكمن في تعظيمه وتقديسه.
– تعلمنا أن القليل مع الجماعة كثير ..
وأن العسير مع الجماعة يسير ..
وأن الصغير مع الجماعة كبير.
ولأن الله مع الجماعة .. من كانوا مع الجماعة فما ظلوا
وما زلوا
وما قلوا
– تعلمنا أن تأثيرك وأداؤك العملي سيكون بقدر إيمانك.
– تعلمنا أنه ليس ثمة آلية مبرمجة للهداية .. بل لابد من الرجوع إلى الله والدعاء.
– تعلمنا أن الإنسان إذا تمحور حول ذاتيته انحط .. وأن الدنيا ليست صراع على مقامات ومناصب.
– تعلمنا أن الجهاد مكسب لا خسارة.
– تعلمنا أن بعض النصائح ليست سوى قبائح.
وأن إبليس ليس بالضرورة أن يأتيك بهيئة رأس له قرون شيطانية .. بل قد يأتيك بصورة صديق أو شخص يحاول تثبيطك بإسم النصح.
فليس كل من ينصحك .. ينصحك.
ثمة من ينصحك لكي ينقلك من دائرة الباطل إلى دائرة الحق .. وثمة من ينصحك لكي يبقيك تراوح محلك في ظلالة الباطل.
– تعلمنا أن الفلاح مرهون باليقظة .. والفشل مرهون غالبا بالنوم.
ذلك أن (الثعلب النائم لا يصطاد شيئا).
– تعلمنا السبحلة،
والحمدله،
والحوقلة ..
والاستغفار في الثلث الأخير من الليل.
– تعلمنا من الوهلة الأولى أنه مهما كانت الظروف غير ملائمة على الصعيد الوطني أو على الصعيد الشخصي، ومهما يكن من أمر .. إلا أن اجتماعنا هذا الجمع غير المتوقع هو أكبر مكسب لنا وللمحافظة وللوطن.
والفضل في ذلك يعزو إلى الله وحده جل جلاله ثم إلى السيد / يحيى القاسمي الذي تعلمنا من تعامله معنا أنه ليس بوسع القوة أن تجمع الناس بشكل لا إرادي .. بيد أن الأخلاق بوسعها أن تفعل ذلك.
وبشكل ارادي.
هذا وآخر الكلام السلام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Discussion about this post