بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad2012@hotmail.com
(عدالة الله في أن يعذب بن سلمان وأصغر مرتزق يمني يقاتل تحت إدارته وإرادته بنفس العذاب يوم القيامة رغم ان بن سلمان يسعى للإبقاء على تسلطه على ثروات الارض ويعيش في حماية مطلقة ورفاهية لا محدودة بيد ان المرتزق مهان ذليل حقير لا يمتلك الا ما يسد به جوعه وحتى لو انتصر فسيرمى في الهامش ليبقى بنفس الحال) ، فكيف يمكن الربط بين الأمرين عندما نتكلم عن عدالة الله.
فرعون لم يقتل بيديه أي طفل من اطفال بني اسرائيل ومع ذلك وصفه الله بأنه هو القاتل الأول والأكبر (يقتل ابناءهم)
فرعون لم ينزل بنفسه الى بيوت بني اسرائيل ليستحيي نساءهم ومع ذلك وصفه الله بذلك (ويستحيي نساءهم)
فرعون لم يمتلك قوة جسدية ذاتية خارقة يستطيع ان يستعلي بها على بقية الناس بل ان هناك من هو أقوى منه ولكن الله وصفه بأنه مستعلي على الناس (إن فرعون علا في الأرض )
فرعون يدرك انه مخلوق من نفس الشيء الذي خلق به بقية الناس وخالقهم واحد وحياتهم ومتطلباتها واحدة (اكل شرب نوم …الخ) وشكله وصورة خلقه نفسها للآخرين ومع ذلك جعل نفسه انه هو الإله (ما علمت لكم من إله غيري) و هو الرب (أنا ربكم الأعلى)
هذه جميعا لو وقفنا عندها قليلا سنجد أن فرعون شخصا عاديا مثله مثلك ومثل اي انسان اخر مخلوقا يحتاج لمقومات الحياة الطبيعية وحياته محدودة الزمن وغير ذلك من الامور غير ان هناك من يستخدمهم بعد ان أستغفلهم واستضعفهم وهيئاهم كيفما يريد ليقوموا بما يريد ، فالذي قتل اطفال بني اسرائيل هم جنود ضعفاء فقراء بالكاد يمتلكون قوت يومهم استطاع فرعون ان ينتزع منه الفطرة السوية السليمة حتى اصبح عنده سفك الدم اعتياديا ، والذي عبد فرعون وآمن به إلها وربا ايضا هم انفسهم الذين أنتزعت منهم فطرتهم السوية وسقطوا في سعي فرعون للبقاء والأستحواذ والسيطرة .
هؤلاء كثر جدا مقارنة بفرعون وحاشيته التي تخطط بل ربما لا يصل نسبة فرعون وحاشيته التي تخطط الى0.01% من سكان الأرض التي كان يحكمها ومع ذلك أستحق هؤلاء الذي يبلغ نسبتهم 99.99% نفس العذاب الجهنمي الذي سيناله ال0.01% رغم فارق الممتلكات المادية والمعنوية والروحانية التي أمتلكها فرعون بدرجة اولى وحاشيته بدرجة ثانية وبقية الشعب بدرجة ثالثة ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) وهنا تظهر إحدى تجليات العدالة الإلهية لله سبحانه وتعالى ، نعم هذه تجلية من تجليات عدالة الله المطلقة فهؤلاء الجنود والتابعين له الذين كانوا ينفذون اوامره هم من كانوا يضعون انفسهم يدا فرعون التي تبطش وتقتل وتظلم ، وكانوا هم من يضعون أنفسهم أرجله التي تتحرك للظلم وللطغيان وهم ايضا كانوا يضعون انفسهم عقلا له ليفكر ، ولم يكن فرعون يمثل من فرعون الا (لسانه التي تنطق) ولأن الله سيعذب الانسان كاملا بكل جسده فبطبيعة الحال ستكون يداه وقدماه معذبتان مثل بقية اعضاء الجسد فهو بكامله في اطار تعذيبي واحد .
عندما تخضع لإنسان مثلك في كل التكوينات النفسية والجسدية والفطرية فيقودك الى ان تؤلهه او تظلم تحت ادارته وتسهل له امور سيطرته وتجذر جبروته فثق انك ستكون في منزلته حتى لو لم تحصل على أي مقابل مادي لذلك فالمقاييس ليست مادية اطلاقا بل هي أعمال ونتائج اعمال .
لولا الجنود والحاشية لم يكن فرعون ومحمد بن سلمان وترامب وبقية الجبابرة في الأرض جبابرة اصلا ، والا فالمقدرة والقدرة التي يمتلكونها لا تستطيع ان تقف امام 3 رجال فمن الكارثة ان يحركون ملايين منهم ليؤمنوا سبل راحتهم الشخصية ويغذوا غرور نفوسهم الشيطانية ، وهذا يعني ان القاتل الجبار لم يكن ليقتل او ليتجبر لولا هؤلاء التابعين له ، لذا تنتفي عند أي من هؤلاء الضعفاء التابعين اي اعذار يمكن ان يقدموها لله يوم القيامة ، فالأستضعاف العقلي والتوجيهي والفكري والمنهجي الذي جعلهم هكذا قد انزل الله كتب ودساتير سماوية تحمي العقول وتوجه الاعمال ، والأستضعاف الجسدي والترهيبي والدموي قد وضع الله له مقابل عدم الرضوخ له رؤى وموجهات جهادية وجزاء أخروي ، ولم يبق لأي واحد عذر امام الله تعالى فيما قام به ليجعل بن سلمان وفرعون وترامب ونتنياهو وغيرهم جبابرة وهم اضعف من فيروس كورونا.
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post