*فكرة موجعة… وآهات مؤلمة ….تمثل صرخة شبابنا العاقل…*
يقول الإمام علي بن أبي طالب (سلام المولى تعالى عليه)، مقولة في غاية الكاشفية والدلالة « ما ترك لي الحقّ من صديق »، وعملا بهذه المقولة، سوف نُوغِل في الكلام حتى نصل لمرحلة معايشة الوحدة التّامة، أو يأخذ الله أمانته ويريحنا من ذاك البلاء المرهق والمنهك، والذي هو بلاء الإحساس بالمسؤولية اتجاه واقع الأمة، الذي لا يدرك مخلَّفاته إلاَّ مَن عايشه، وهي الأوجاع والألام التي معها يفقد الفرد كل أنواع الفرح أو الاستئناس بشيء من الدنيا، حتى لو كان ممّا يجوز ويستحب لنا الفرح والأستئناس به .
وهنا نشير لكون كلامنا ليس نقدًا كما يمكن للبعض أن يتوهمه، وإن كان ظاهره كذالك، بل في واقعه هو رأي أبى إلاّ أن يخرج مع صرخة الوجع والألم، اللذين عشناهما في داخلنا نتيجة مواجهة سؤال: « هل عقول أبناء أمتنا أصابها العقم، حتى أضحت أغلب مشاريعنا الثقافية والفكرية والإجتماعية، عبارة عن استنساخ لما عند الجَمَعَات التي تكن لنا العداء، وتعمل على ضربنا واسقاطنا في مستنقع التبعية المقيتة » ؟؟؟ .
نعم، قد لا يوافقني الجميع في ما أقول، بل قد يرى تشخيصي فيه مِنَ التَحامل الكثير، وذالك نتيجة الحالة النفسية التي أعيشها، والتي تكشفها السطور السابقة .
ولكن الحقيقة المرَّة هو أنّني أتمنى أن أكون واهما في ما أقول وأكتب، وإلاَّ كيف تفسرون حالة أنّنا اليوم نعمل على مواجهة العدو ثقافيا وفكريا، لا في ساحاته وفي مواقعه، بل اليوم نرى أنّنا نواجهه في ساحاتنا نحن، وفي مواقعنا نحن، بل وفي بيوتاتينا وعوائلنا، وكذالك لا ننهض لمعالجة الشيء، إلاَّ بعد أن نكتشف أنّه أضحى ظاهرة اجتماعية في داخل واقعنا، ولن أُعدِّد مصاديق ما نتكلم عليه، بل سأترك تحديد المصاديق للقاريء .
بل الأَمَرّ من كل هذا، هو أنّنا عندما ننهض لبناء المشروع الذي به ومن خلاله سنواجه ما خلفه أعداء الله وأعداء الإنسان في واقعنا، نجد أنّنا لا نعتمد على فكرنا وعقلنا لنولد أو ننشيء الوسائل والأدوات الخاصة بنا والمتناسبة مع علاج المشكل، بل نجد أنفسنا نبحث ونستقراء الوسائل والأدوات التي من خلالها نعالج المشكل، والتي أوجدها الطرف الآخر.
وهنا يأتي السؤال المهم، والذي أنا أؤمن به: متى ستحين اللحظة، التي نصير في مرحلة الهجوم والعطاء الثقافي والفكري، بدل أن نتخذ موقع الدفاع والعلاج ؟؟؟؟ .
فأتصور بل أقطع واثقا، أنّنا الأمّة التي تملك بين يديها المحتوى الأسمى من النُّظم الفكرية القادرة على البلوغ بالإنسان للكمال النوعي، والتي يمكنها أن تبلسم جراح الإنسانية جميعا، فماذا سنقول لخالقنا حول تكليفنا اتجاه ايصال المعارف الإلهية لباقي الإنسانية، أم أنّه تعالى لن يسألنا عن هذا ؟؟؟؟!!!! .
وختاما نقول: إنني لم أكتب لأجل النّقد، فالظاهر أنّنا أمّة أتخمنا بالنقد، فصار صغيرنا ينتقد قبل كبيرنا، بل كتبت هذه الإثارات لأُحفّز بعض العقول نحو التدبّر في جملة من النقاط التي نحن في أَمَسِّ الحاجة للتأمّل فيها، وذالك لما يترتب عليها من نتائج تساعد على بناء حضاري .
فاعطوا الفرصة للشباب الصاعد ليفجر طاقاته…. نعم ، كونوا مشرفين عليه، ووجهوه بالشكل الذي يحافظ به على طاقته…..ولكن حاذروا أن تحطموا أو تكسّروا اندفاعه، وبالتالي تساعدوا في خمود وموت طاقته …..فمفاصل التغيّرات الإيجابية التي تحصل في الأمة اليوم، صنعها ويصنعها الشباب …..
كُتبت هذه الكلمات، بعدما أثار في داخلي أحد الإخوة الأعزّة جملة من الأوجاع التي أريد وأعمل على اخماد نارها .
السيد أبو جواد التونسي
حبيب مقدم
Discussion about this post