بقلم /غيداء الخاشب
وكأن الضمير الإنساني أصبح جسدًا بلا روح، واقع مؤلم ،عندما يأتي الطيران المحمل بالحقد الخبيث ويقوم متغطرسًا بقصف أطفال اليمن في بيوتهم ومدارسهم ، ماذنبهم إن ارادوا السلام والتعلم، هولاء لم يحملوا على أكفهم اية فندقية لاتزال أرواحهم البريئة طاهرة ، نقية ، ليست ملوثة كباقي البشر.
هولاء الأطفال لايعرفون شيء عن السياسة ، هم ارواح لاتعرف الحرب والدمار ، لكن العدوان الجائر لم يرحمهم ولم يراعي فيهم الطفولة والمشاعر الإنسانية داهمهم بصواريخهِ الفتاكة إما في عقر دارهم أو في منشآتهم الحيوية. مشاهد موجعة ، وأشلاء متفحمة ، من كافة فئات أبناء المجتمع كبيرًا وصغيرًا ، طفلًا وشابًا ، امرأةً وشيخًا ،و البيوت تشتعل في منتصف الليل ، والأشلاء متناثرة ،مع صياح وبكاء ممزوجا بألم ، تنتظر إخراجها من وسط الركام المظلم.
والألم الأكبر عندما ترى الأم المكلومة فلذة كبدها أعضاءهُ متناثرة، البعض منها متفحم والبعض امتزج بالتراب والركام ،والدموع تملأ مقلتيها، محاولةً أن تُلملم الأعضاء وهي في حيرة من أمرها وليس بيدها سوى أن ترفع أكفها للسماء ،وتشكو للرب الجبار المنتقم.
والبعض من أفراد الأسرة يبقى على قيد الحياة في حين قصف العدوان منزلهم وصعدت جميع الأرواح لربها، ويبقى ذلك الفرد وحيدًا ، ينتظر أجلهُ من عند الله.
ومن جرائم العدوان في حق شعبنا المظلوم، وبحق أطفاله الأبرياء هي كثيرة ولكن نستذكر بعضًا منها :
هُنا بثينة ،و يسرى وأخريات كُثر فقدن جميع أسرتهن وبقين هن في رعاية الله وحفظه، طفلتان بعمر الزهور سلبوا منهن أحلامهن المستقبلية.
وهُنا أطفال ضحيان (صعدة) خرجوا في طريق رحلتهم آملين العودة ، نعم عادوا لكن بأجساد دون أرواح لان أرواحهم اشتمت رائحة الشهادة واستجابت فأعتلت أرواحهم لربها.
وهُنا طلاب وطالبات مدرسة الراعي وغيرها من المدارس ، ذهبوا لطلب العلم ، وتخرجوا وحصلوا على الشهادة ليست الشهادة التي يرجونها في مدارسهم إنما الانتقال من حياة إلى حياة أخرى ابدية. كانت الأمهات في حزن وإسترجاع ذكرياتهن مع أطفالهن ، تلك تذكر بأن ابنتها نست سندويشها وتلك تذكرت بأن ابنتها (ملاك) كانت تتمنى أن تكون طيارة وطارت روحها محلقةً في السماء.
هُنا سامح الطفل الصغير الذي حضن والده وهو مسلوب الروح ويحضنه بقوة بيدين باردتين مرتجفتين يحاول إيقاظه ومتشبث بوالده الشهيد ويصيح مناديًا (أباه) ويحركه لكن دون جدوى.
هُنا إشراق طالبة العلم في طريقها المعتاد لمدرستها الجميلة التي تنهل منها كل يومٍ درسًا جديد، ولم تعد إلى منزلها إلا جثة هامدة.
وهُنا سعيدة الجريحة، التي تألمت من جراحها البليغة ،ولم تتحمل وجعها ففارقت الحياة.
وكم من قصصٍ ومآسي تدمع لها العين، وتفطر القلوب ،و يبقى الألم والوجع في قلوب من رآها أو سمِع بها.
هُنا أطفال قصصهم مختلفة ، جريمتهم مروعة ، إما الموت بالجوع بسبب الحصار المطبق على بلدنا كالطفلة (أمل) التي ذهبت للقاء ربها جوعًا، فأستضافها ربها في جنات الفردوس التي لايجوع فيها أحد، أو بالموت بسبب أمراض خطرة وكانت بحاجة ملحة للسفر إلى الخارج ، والعدوان كان لهُ يدًا في ذلك بسبب الحصار الموحش على المطار الدولي .
ناهيك عن البيوت التي قُصفت ، والمدارس التي أُحرقت ، والجرحى المصابين أثر القصف العشوائي ، والدماء التي سالت ظلمًا وعدوانا ، في كل محافظات الجمهورية اليمنية ليست هنالك منطقة إلا هُدمت ،حتى الجسور والقبور لم تسلم من حقدهم، وليس هنالك بيتًا إلا تكبد الجراح وعانى الويلات وفقد الأحبة ، فأنتشر الألم في أرجاء الوطن.
ماذكرناه آنفاً هو مجرد نقطةً من بحر جرائم العدوان الكثيرة بحق الأطفال الأبرياء ،الذين لم يتطلعوا للحياة بعد لازالوا ورودً تتفتح ، ولكن العدوان جعل تلك الورود تذبُل بل وتفقدُ الحياة .
يا أرض السعيدة يا يمن الإباء والصمود، الله يقول في كتابهِ (إن بعد العسر يُسرا) فتيقني أن كل قطرة دمٍ سالت من جسدكِ لن تذهب سُدا ، وإن ضحيتي وواجهتِ الصعاب فأعلمي أن بعد ذلك فرحًا ونصرًا من عند الله ، وعندها ستستعيدني روحكِ، وتغرسي أشجار النصر في أرضكِ الطاهرة التي ارتوت بدماء الشهداء، وستعود على شفتيكِ الابتسامة.
وغدًا قصة الطفولة المذبوحة فيكِ يايمن ستنتهي ،ويعود الأمل لأطفالكِ ،ويُزهر المستقبل المشرق في أرجائكِ.
#الحملة _الدولية _لفك_حصار _مطار صنعاء
Discussion about this post