حسن زيد
وزير الشباب اليمني
الإمامة في الاصطلاح الشرعي عند الزيدية: رئاسة عامة لشخص واحد في أمور مخصوصة، على وجه لا يكون فوق يده يد أخرى.
والمعروف عند الزيدية أن الإمام مجرد ناقل للشرع ومطبق لأحكامه وفق علمه واجتهاده، وليس مشرعاً، ولا معصوما عن الخطأ، بل لا تجب طاعته في غير ما تتوقف عليه صحة إمامته، كتنفيذ الأحكام وتعيين الولاة وتسيير الجيوش ونحو ذلك)
والمشهور من مذهب الزيدية أنهم يرون أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان الأولى والأحق بالخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا تعصباً لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لأهليته وكفاءته، وتعاملوا مع ما جرى في التاريخ برويَّة وحكمة، كما صنع الإمام علي نفسه.
وفي أيام الدولة الأموية برزت معالم الصراع على الخلافة، وأصر الأمويون على أن خلافتهم امتداد للخلافة الراشدة، وبالتالي استحضرت الخلافة الراشدة في فكر الصراع، وأقيمت الخلافات السياسية ـ عند ذلك ـ على أساس ديني، ومن ثم نشأت الفرق والجماعات وتبنت الخلاف السياسي كجزء من مقومات فكرها ومساحة حضورها.
وكان الإمام زيد بن علي عليه السلام (75 ـ 122 هـ) ممن عاش حياته في ظل الحكم الأموي حيث شهد صوراً متعددة لممارسات الحكام، ففي صباه شهد حكم الوليد بن عبد الملك وأخيه سليمان، فأحس بلفحات الجور وشعر بألم الاستبداد، وحين كان شاباً شهد حكماً عادلا رشيداً مثَّله عمر بن عبد العزيز ولكنه لم يدم طويلاً، فخلفه يزيد بن عبد الملك فكان مشغولاً باللهو والترف ولم تطل مدته ، ومن بعده جاء هشام بن عبد الملك فأعلن منذ توليه الخلافة أنه لا يقول له أحد: اتق الله، إلا ضرب عنقه[xlii]
. فوجد الإمام زيد نفسه مضطرا لمواجهة الاستبداد والبطش، فذهب إلى الشام لمقابلة هشام ونصحه، وبمجرد أن قال له: “اتق اللّه يا هشام” استشاط غضباً وقال: “ومثلك يأمر مثلي بتقوى اللّه”؟! فقال له زيد : “يا هشام إن اللّه لم يرفع أحداً فوق أن يُؤْمَر بتقوى اللّه، ولم يضع أحداً دون أن يَأمُر بتقوى اللّه”!!
واستمرت المواجهة وأصر الإمام على تغيير الوضع القائم، فبدأ بمحاولة الإصلاح السلمي حين دعا علماء الدين إلى القيام بواجبهم في توعية الجماهير، ووجه إليهم رسالته العظيمة التي جاء فيها: “والذي نفس زيد بن علي بيده لو بَيَّنتم للناس ما تعلمون، ودعوتموهم إلى الحق الذي تعرفون، لتضعضع بُنْيَان الجبَّارين، ولتهدم أساس الظالمين”. وقال مخاطبا علماء السلاطين: “أمكنتم الظلمة من الظلم، وزينتم لهم الجور، وشددتم لهم ملكهم بالمعاونة والمقاربة، فهذا حالكم. فيا علماء السوء، محوتم كتاب اللّه محواً، وضربتم وجه الدين ضرباً، فَنَدَّ واللـه نَدِيْدَ البعير الشَّارِد، هربا منكم، فبسوء صنيعكم سُفِكت دماء القائمين بدعوة الحق من ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ورُفِعَت رؤوسهم فوق الأسِنَّة، وصُفِّدوا في الحديد، وخَلص إليهم الذل، واستشعروا الكرب، وتسربلوا الأحزان، يتنفسون الصعداء ويتشاكون الجهد” [xliii].
وحينما لم يُجْدِ الكلام نفعاً رفع وتيرة المواجهة وأصر على التغيير ولو كلف ذلك غالياً؛ رغم أن جراحات كربلاء لا تزال تنزف وعويل الثكالى لا يزال يدوي ويهز القلوب والمشاعر.. وانطلقت ثورة الإمام زيد في ظل أهداف معلنة، جاء فيها: ” يا معاشر الفقهاء، ويا أهل الحجى، أنا حجة اللّه عليكم، هذه يدي مع أيديكم، على أن نقيم حدود اللّه، ونعمل بكتاب اللّه، ونَقْسِم بينكم فَيْئَكم بالسوية[xliv] ]
.. فوالذي بإذنه دَعَوْتُكم، وبأمره نصحتُ لكم، ما ألتمس أَثَرَةً على مؤمن، ولا ظلماً لِمُعَاهِد، ولوددت أني قد حميتكم مَرَاتع الهَلَكَة، وهديتكم من الضلالة، ولو كنت أوْقِدُ ناراً فأقذفُ بنفسي فيها، لا يقربني ذلك من سخط اللّه، زهداً في هذه الحياة الدنيا، ورغبة مني في نجاتكم وخلاصكم، فإن أجبتمونا إلى دعوتنا كنتم السعداء والمَوْفُوْرين حظاً ونصيباً”[xlv] ومضى في هذا النهج حتى استشهد في سبيل إصلاح الأمة وصيانتها، وعُرِف الثائرون على نهجه من بعده بالزيدية، فلم يمت حين قتل؛ لأن الشعلة التي أو قدها ظلت مسرجة بدمه ودم الشهداء من بعده تضيء للأجيال دروب الحرية والكفاح.
وبعد شهادة الإمام زيد عام (122هـ) لم تدم الدولة الأموية بعده طويلاً، فقد انهارت عام ( هـ).وعلى أنقاضها قامت الدولة العباسية وفيها عاش الصدر الأول من أئمة الزيدية كعيسى، والحسين، ومحمد أبناء زيد بن علي، وكذلك عبد الله بن الحسن المثنى، وإخوته: الحسن، وإبراهيم، وجعفر، وأبنائه: الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية، وإبراهيم، ويحيى، وإدريس. وكذلك الإمام الحسين بن علي الفخي، وغيرهم وخاضوا ثورات متعددة على نهج الإمام زيد في طلب الإصلاح والنصح للأمة، ولم نجد في دعواتهم ما تجاوز ذلك.
وفي العصر العباسي تبلورت معظم نظريات الإمامة عند مختلف التيارات وتشكلت معالمها، ودرست موافقاتها ومفارقاتها، وكان علماء الزيدية ممن خاضوا غمار تلك النظريات فظهرت معالم أفكارهم متفقة في الكليات ومختلفة في بعض الجزئيات، فذكر عن أبي الجارود زياد بن المنذر الخارفي (150 هـ) ـ وكان إمامي التوجه ثم لحق بالإمام زيد وصار من أصحابه ـ أنه اعتبر مسألة الإمامة قطعية، وأنها في الإمام علي بالنص الجلي(كما نسب إليه أيضاً القول بأنها في الإمام علي عليه السلام بالنص الخفي، و أنها لا تجوز في غير أبناء الحسنين، ووافقه على ذلك الزيدية
و على عكسه روي عن الحسن بن صالح بن حي (168 هـ) التسامح في المسألة فرأى أن الإمامة خاضعة لأنظار العارفين، وأنها تجوز في سائر الناس وإن كانت في أهل البيت أولى إذا توفرت سائر شروطها، وأن علياً كان الأحق بالخلافة بالنص الخفي،ووافقه على ذلك بعض الزيدية فصاروا يعرفون (بالصالحية)، وقد استقرت الزيدية على القول بأن الإمام علياً عليه السلام هو خليفة رسول الله بلا فصل إلا أنها أثبتت خلافته بالنص الخفي،ولذلك عذر من تقدمه ومن بايعهم
وهنا يجب التأكيد على أن ما يعرف بـ(الجارودية والصالحية) ليست فرقاً بالمعنى الدارج، فليس هنالك جارودي أو صالحي في العقائد أو الفقه، ولكنهم مجرد فرقا في جملة من مسائل الإمامة، أبرزها :كيفية النص على الإمام علي والحكم على متقدميه،
فالزيدية يشترطون أن يكون الإمام:(ذكراً،حراً علوياً،فاطمياً،سليم الحواس والأطراف،مجتهداً عدلاً،سخياً يضع الحقوق في مواضعها،مدبراً،أكثر رأيه الإصابة مقداماً حيث يجوز السلامة،لم يتقدمه مجاب وطرقها الدعوة لا التوريث)[xlvi] و(ان يكون له ورع يحجزه عن الوقوع في المحرمات،ويمنعه من الإخلال بشيء من الواجبات)[xlvii] (و أنه يجب شرعاً على أهل الحل والعق والنظر من المسلمين المجتهدين أن يفزعوا إلى البحث والنظر والتفكير فيمن يصلح للرعاية العامة وهي الإمامة إذ لابد للمجتمع الإسلامي من راع يجمع شمل المسلمين لإقامة الشرع الحنيف،وردع القوي عن الضعيف،وإنصاف المظلوم من الظالمين،وإقامة شعائر الدين،وحماية الإسلام ودفع المعتدين،ثم بعد شوراهم عليه يسألونه الدعوة والقيام بأعبائها،دستوره كتاب الله وسنتة
فالزيديةيشترطون أن يكون الإمام:(ذكراً،حراً علوياً،فاطمياً،سليم الحواس والأطراف،مجتهداً عدلاً،سخياً يضع الحقوق في مواضعها،مدبراً،أكثر رأيه الإصابة مقداماً حيث يجوز السلامة،لم يتقدمه مجاب وطرقها الدعوة لا التوريث)[xlvi] و(ان يكون له ورع يحجزه عن الوقوع في المحرمات،ويمنعه من الإخلال بشيء من الواجبات)[xlvii] (و أنه يجب شرعاً على أهل الحل والعق والنظر من المسلمين المجتهدين أن يفزعوا إلى البحث والنظر والتفكير فيمن يصلح للرعاية العامة وهي الإمامة إذ لابد للمجتمع الإسلامي من راع يجمع شمل المسلمين لإقامة الشرع الحنيف،وردع القوي عن الضعيف،وإنصاف المظلوم من الظالمين،وإقامة شعائر الدين،وحماية الإسلام ودفع المعتدين،ثم بعد شوراهم عليه يسألونه الدعوة والقيام بأعبائها،دستوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين الهادين من قبله.
والإمامة رئاسة عامة لشخص مخصوص بحكم الشرع ليس فوق يده يد إلا يد الله تعالى،والسلطان الذي يؤتاه صاحب الإمامة هو من الأمة لاسلطان له عليها إلا منها.
وطريقها الدعوة فيجب عليه القيام والإجابة إلى ذلك عيناً حيث لم يصلح غيره أو قد عينه أهل النظر،وكفاية في غير ذلك،ثم إذا قام ودعا وتهيأ لها وجب على المسلمين إجابة دعوته مع كمال شروطها،لما أخرجه أحمد والترمذي من حديث الحارث الأشعري بلفظ”من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية”رواه الحاكم من حديث ابن عسر ومن حديث معاوية ورواه البزار من حديث ابن عباس.
واعلم أنه لا يصير إماماً بعد الدعوة إلا من جمع أربعة عشر شرطاً.وهي نوعان:سبعة منها خَلْقٍية أي طبيعية،وسبع اكتسابية:
الأول والثاني- أن يكون مكلفاً،ويتضمن هذا الشرط البلوغ والعقل فلا تصح إمامة الصبي والمجنون.فإن جن ثم أفاق لم يفتقر إلى تجديد دعوة مالم ييأس من عود عقله فإنه يحتاج إلى تجديد دعوة إن عوفي بعد الإياس.
الثالث-ذكراً فلا تصح إمامة المرأة
الرابع-حراً
والشرط الخامس من شروط صحة الإمامة عند الزيدية وقوع الدعوة من علوي فاطمي أي سبطي من ذرية أحد السبطين إما الحسن أو الحسن.وقالت المعتزلة وغيرهم إن الإمامة تختص بقريش فكل بطون قريش على سواء في صحتها فيهم وقال آخرون الإمامة جائزة في المسلمين كلهم ماصلحوا في أنفسهم وكانوا عالمين بكتاب الله وسنة رسوله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم،وخير القول بين القولين:أن نقول لو أن الذي أشترطوا القرشية في الخلافة واستدركوا الأمر بقولهم إنه إذا تساوى القرشي وغير القرشي في الاشتمال على شروط الإمامة فالقرشي أولى من غيره لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم”الأئمة من قريش” وغير ذلك من الأحاديث ولمكانه من قرابته ورئاسته القديمة لكان أقرب إلى الصواب إذ المراد من الخلافة أن يكون نائباً عن الله سبحانه وتعالى في القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالحهم ويردهم عن مضارهم وهو مخاطب بذلك ولا يخاطب بالأمر إلا من له القدرة عليه….
والشرط السادس وقوع الدعوة من سليم الحواس
والسابع من شروط صحة الإمامة أن تكون الدعوة من سليم الأطراف
الثامن وقوع الدعوة من مجتهد،قال الإمام يحي بن حمزة في الانتصار:(فإن لم يوجد مجتهد في الزمان ففي جواز إمامة المقلد تردد،اختار جوازها جماعة من شيعة أهل البيت واشترطوا أن يكون مجتهداً في أبواب السياسة)…. وأهم الشرائط الورع والقوة على القيام بأمر الأمة نعم وقد أجاب السيد عبد الله بن يحيي أبو العطايا على قول الإمام عليه السلام في البحر(فيجب أن يكون مجتهداً إجماعاً ليتمكن من إجراء الشريعة على قواننيها)….قلت بل المراد من شرط الاجتهاد ليكون منصفاً غير متعصب لمذهب من المذاهب ولا نحلة من النحل ولا يكون كذلك إلا المجتهد فمن كان كذلك فهو القائم في مقام النبوة مترجم عنها حاكم بإحكامها)[xlviii]
التاسع عدلاً
العاشر سخياً يضع الحقوق في مواضعها
الحادي عشر مدبراً،أكثر رأيه الإصابة
الثاني عشر مقداماً حيث يجوز السلامة،
الثالث عشر لم يتقدمه مجاب
الرابع عشر أن يدعو إلى نفسه لأن طريقها الدعوة لا التوريث
من بحث
نصوص إسلامية
Discussion about this post