كتبت/ زينب الشهاري
و بعد أن كانت الصفقات تتم من تحت الطاولات ها هي البجاحة المتجردة تظهر للعلن، و نرى كل ما كان يتم في الخفاء و خلف الكوابيس يتراءى أمامنا جهارا عيانا لنعيش زمن كشف الحقائق و سقوط الأقنعة و نشاهد الخزي و العار يلف العرب و يلطخ وجوههم التي باعت و تستمر في البيع و يستمر ضخ الأموال الى جيوب راعي البقر الأمريكي فيما لا تجني هي سوى الإهانة و الاستهزاء و الاحتقار و الابتزاز الذي تتلقفه بكل طوعية بل و بكل سرور.
النتيجة لكل ما وصلت إليه الأمة تترجمه ورشه المنامة، فهو ثمرة ضياع الأمة في هويتها و انتمائها و إسلامها الا من رحم ربي، و في أوج هذا الانحطاط نرى قوة معاكسة تتنامى و تزداد ألقا و حضورا ليس ذلك إلا لجذورها العميقة في الحق و الممتدة في الأصالة و المتجذرة في الإيمان.
فكان من الضروري لقوى حلف الإجرام العالمي لكي تحقق أحلامها الاستعمارية و مد نفوذها و السيطرة على اقتصاد العالم و تمكين إسرائيل من فلسطين و تمرير صفقة القرن أن توجه حرباً ضد من يشكلون خطرا على مخططاتها الاستعمارية و نزعتها العدوانية و من أجل ذلك جندت خداماً و ربت عملاء لها في كل مكان لكي تسهل تنفيذ ما تربو إليه و من أهم ذلك بناء أنظمة عربية عميلة تقوم على تجنيد شعوبها و ترويضها لتقبل الذل و الهوان و تأله أمريكا و تطمع في رضاها مع إسرائيل بل و تسخر اموال الأمة لهما، و ما الحرب ضد اليمن إلا ثمرة و نتاج لعمل أمريكا التخريبي في المنطقة و دورها الخادم لإسرائيل، فأمريكا – التي قامت على المجازر و حرب الإبادة التي مورست بحق الهنود الحمر من السكان الأصليين و شنت الحرب على افغانستان و فيتنام و العراق و رمت بالقنابل الذرية على اليابان و تقود حالياً حرباً شعواء في اليمن بالوكالة – ترى نفسها أنها الوصية على البشرية و أنها الدولة العظمى التي يجب أن تستعبد و تستعمر و تقتل كيفما تشاء و أن يخضع لها الجميع و يركع لها الجميع.
العالم العربي اليوم يرزح بين مطرقة وطأة حروب مستعرة و تمزيق و نشر لجماعات الموت التكفيرية و نهب الثروات من قبل مدعية السلام ” أمريكا” و بين سندان التمييع و التضليل و الانسلاخ عن قيم الإسلام تحت دعاوى الانفتاح و الحرية في طاعة عمياء و ارتهان وضيع لأمريكا و ربيبتها إسرائيل و ما موجة التطبيع العلني و القبول بالكيان الغاصب و إقامة العلاقات الاقتصادية و غيرها من قبل بعض الدول العربية إلا يبين سعي أمريكا مع الأنظمة العميلة لتمرير صفقة القرن و تصفية القضية الفلسطينية و الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي و نقل عاصمة الولايات المتحدة لدى كيان الاحتلال الى القدس المحتلة و الترويج للتطبيع و معه صفقة ترامب لدى المجتمعات العربية والاسلامية، فسجل أمريكا المليء بالدم و الإجرام يفضح ادعاءاتها و ما تقدمه للعالم من شعارات زائفة بأنها راعية للسلام و كافلة لحقوق الإنسان و هذا ما أكده بالإضافة إلى تاريخها الأسود أربع سنوات و نيف من قتل إنسان اليمن فهي من أعطت الإذن لأدواتها و خدامها من السعودية و دول الخليج بشن الحرب على اليمن و قامت بتزويدهم بالأسلحة و الاستخبارات و الدعم اللوجستي و غيره بعذر أن السعودية و الإمارات تحاربان المد الفارسي في اليمن و هما من تقيمان العلاقات التجارية و الاقتصادية و السياسية مع إيران! لكن العدوان الذي غرضه احتلال سواحل و موانيء اليمن و مضيق باب اليمن لصالح إسرائيل فشل أمام شعب اليمن الصامد الذي هزم أسطورة السلاح الأمريكي الأكثر تطورا في العالم بل و انتقل من مرحلة الدفاع الى الهجوم و امتلك زمام المبادرة بشن الهجمات و تغيير مجريات الحرب لصالحه ليجعل السعودية و الإمارات تصيح و تبكي و تستنجد بمن وضعهم في هذه الورطة، فبدلا من أوهام إنهاء الحرب و الانتصار على من سمتهم بمليشيات الحوثيين المتمردين الإيرانيين في غضون أيام او أشهر أصبحت لا تدري كيف تكف انتصاراتهم و توغلهم في اراضيها عوضاً عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة و استنزاف الأموال في شراء الأسلحة التي يحرقها المقاتل اليمني من أمريكا التي جرتهم إلى هذه الحرب و ابتزتهم و استغلت غباءهم و نهبت أموالهم، ليعيشوا بعد ذلك الصاعقة الأكبر بتهديد ضرب منشآتهم النفطية و الحيوية و العسكرية التي بدأت وتيرتها بالتصاعد و تتم بدقة و فاعلية لتلحق الكارثة و الشلل باقتصادهم الامر الذي يدفع الشركات المستثمرة على الرحيل خوفا من الضربات المسددة للجيش و اللجان الشعبية بالطيران المسير و الصواريخ الباليستية ليعيش أمراء النفط أسوأ كوابيسهم على الإطلاق، و أمريكا هي الأخرى اليوم في موقف يكشف ضعفها و هشاشتها و يعريها فلم تملك الا ان تتقاذف حرب تهديدات الكترونية ضد إيران التي طورت و تسلحت بأحدث التقنيات العسكرية، فإيران الخصم اللدود و العدو الأول لها و لإسرائيل و لحلفائهما في المنطقة و جزء هام من محور المقاومة ضد مشروعها الاستكباري ،فترامب يعلم ان خيار الحرب ليس سهلاً و عدم خوضه هذه الحرب ستؤثر سلباً على الانتخابات المقبلة و خسارة تأييد اللوبي اليهودي له في امريكا ، ليجد ترامب نفسه عاجزاً ضعيفاً لا يجرؤ على المساس بإيران فإذا كانت اليمن الفقيرة التي لاتملك ربع القدرات العسكرية التي مع ايران تصدت و هزمت لعدوان تحالف 17 دولة تدعمه الدول العظمى، قد مرغوا أنف العدوان في التراب و باتت طائراتهم المسيرة وصواريخهم الباليستية التي صنعوها بأيديهم في ظل الحصار تصول و تجول على طول النطاق الجغرافي للسعودية و الامارات، فكيف ان استعرت الحرب بين أمريكا و إيران؟ ليشن ترامب في حرب “التغريدات” و يستمر في حلب ممالك البعران بدعوى حمايتهم.
فرغم محاولة السعودية و إسرائيل جر أمريكا إلى مواجهة و شن حرب عسكرية ضدها و هذا الذي لم تجرؤ عليه أمريكا لكنه الأمر المحتوم الذي سيحصل عاجلا أم آجلا و الذي سيؤدي الى حرب عالمية ثالثة محتملة الوقوع بين محور الاستكبار العالمي و محور المقاومة الإسلامية، إلا أن ترامب يخرج بتصريحات ساذجة كاذبة مدعيا أنه ألغى ضربات أمريكية بعد عشر دقائق من إعلانها على مواقع إيرانية عندما قيل له إن قرابة ال 150 مواطنا إيرانيا قد يسقطون ضحايا لتلك الضربات ليبرر عجزه و كأنه لا يقتل العشرات من الأبرياء يوميا في اليمن و لا يملك تاريخا ملطخا بالدماء؟! و يخرج نتنياهو هو الآخر في مؤتمر صحفي يدافع عن عدوان السعودية بكل وضوح ويعتبر الحرب على اليمن جزءاً من معركته ضد فلسطين و يصف الرد اليماني على العدوان الأمريكي السعودي بأنه تهديد على الكيان الصهيوني الغاصب ليدرك الأعمى أغراض و أهداف هذا العدوان و يعلم يقيناً من هو المخطط و الموجه و القائد لهذه الحرب الوحشية و يعرف من لا يزال يملك عقل يفكر به مخططات أمريكا و إسرائيل في المنطقة و و أنها أضعف من بيت العنكبوت مهما ارتدتا ثوب الأسد.
أجراس الحرب تدق و علامات اشتعالها تزداد استعارا و مهما حاولوا التهدئة فإن المجريات تصب الماء على الزيت المغلي و تقذف بالفحم في فوهة الموقد.
ملتقى الكتاب اليمنيين
Discussion about this post