حديث الإثنين :
اليمن وفلسطين تجمعهما العقيدة والإيمان
احمد ناصر الشريف
صحيفة 26سبتمبر العدد 2333
6 تشرين2/نوفمبر 2023م
لأن العِرق يحن كما يُقال أو كما جاء في الحديث الشريف: إن العرق دساس، فما يقوم به الكيان الصهيوني في قطاع غزة من ارتكاب مجازر وعقاب جماعي للسكان لا يختلف كثيراً عما قامت وتقوم به السعودية وتحالف عدوانها في اليمن فالكيان الصهيوني يجمع بينه وبين أسرتها الحاكمة الأصل والفصل من ارتكاب مجازر جماعية لم يسلم منها حتى الأجنة في بطون أمهاتهم فقد كانت صالات العزاء والأفراح والمدارس والمساجد والأسواق وباصات الطلاب أهم أهدافها بالإضافة إلى تدمير كل ما هو قائم وفرض الحصار الجائر على الشعب اليمني براً وبحراً وجواً وحجتها في كل ما كانت تقوم به من فعل شنيع لم يشهد له التاريخ مثيلا ولا يقره شرع ولا عرف ولا تقاليد متجاوزة في ذلك كل الأعراف والأخلاق الإنسانية وادعائها بأنها لن تسمح بوجود حزب الله آخر في اليمن على حدودها وكانت تقصد بهذا الزعم مكون أنصار الله الذي تم تأسيسه في محافظة صعدة، وتشاء الأقدار بعد تسعة أعوام من العدوان الظالم على اليمن برعاية أمريكا وبريطانيا وإسرائيل أن يتحول اليمن إلى قوة إقليمية عظيمة يحسب لها ألف حساب وأن يتصدر مكون أنصار الله القوى الوطنية للدفاع عن اليمن وسيادته وحريته واستقلاله وتحريره من الوصاية الخارجية وخاصة السعودية بل وجعلت من اليمن كله حزب الله، وهذه التسمية ليست جديدة على اليمن فقد قام الشهيد محمد محمود الزبيري رحمه الله بتأسيس مكون سياسي عام 1965م أطلق عليه تسمية: حزب الله قبل أن يوجد مكون سياسي في أي دولة عربية أطلقت عليه هذه التسمية وكان هدفه تحرير اليمن من التدخل الخارجي وبناء دولة يمنية حديثة وقوية تمتلك سيادة قرارها، لكن مع الأسف الشديد تآمر عليه التدخل الخارجي والعملاء والمرتزقة فأجهضوا مشروعه الوطني وقتلوه وعليه فما يحدث اليوم في اليمن ليس إلا استكمالا للمشروع التحرري الذي أسس خطواته الأولى المناضلون من الآباء والأجداد وما يقوم به أحفادهم هو السير على هداهم لاستنهاض ألأمة وإيقاظها من سباتها العميق ليس على مستوى الوطن اليمني فحسب وإنما على مستوى الوطن العربي الكبير بكل شعوبه ودوله ليتحرر من تسلط الحُكام الذين أوصلتهم الدول الاستعمارية إلى كراسي الحكم لتنفيذ أجنداتها المتحكمة في مصائر الشعوب المستضعفة وأكبر برهان على هذا الوضع العربي المخزي والمخجل مما يجري في فلسطين مُنذ شهر وتحديداً ما تتعرض له غزة هاشم من قتل وتدمير على أيدي من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة اليهود بدعم أمريكي وأوروبي ولم يجرأ أي حاكم عربي على التدخل أو حتى الإدلاء بتصريح يستنكر فيه ما تتعرض له غزة من مظلومية لم يسبق لشعب من الشعوب أن تعرض لمثلها مع أن اليمن ممثلا في قيادته الثورية والسياسية والعسكرية وشعبه الغيور على قضايا أمته قد كسر حاجز الخوف أمام الأنظمة العربية من خلال دخوله في الحرب ضد الكيان الصهيوني بشكل رسمي بحكم ما يجمع بين اليمن وفلسطين من عقيدة وإيمان عبر التاريخ وأعلن عبر ناطق قواته المسلحة عن إطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ البالستية والمجنحة والطيران المسير عدة مرات على مواقع مختلفة داخل كيان العدو الصهيوني وهذا في حد ذاته يعتبر حافزا للحكام العرب للوقوف إلى جانب المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها التي تقف لوحدها في ميدان النزال وهي تواجه بندية الجيش الصهيوني الذي سبق له أن هزم ثلاثة جيوش عربية عام 1967م في عدة ساعات واستولى خلال ستة أيام على كل فلسطين وعلى شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية وأراض أردنية ولبنانية وما تزال تلك الأراضي في تلك الدول محتلة حتى اللحظةَ ولم يتم تحريرها بعد رغم مرور خمسين عاماً على احتلالها بما فيها شبه جزيرة سيناء المصرية التي تحررت شكليا عبر المفاوضات ولكنها ما تزال تخضع مضموناً لسيطرة الكيان الصهيوني حيث لا يسمح لمصر بإدخال قوات عسكرية محدودة لحفظ الأمن فيها إلا بإذن من الكيان المحتل الذي حاول مؤخرا أن يهجر سكان قطاع غزة إليها لولا أن الفلسطينيين تمسكوا بأرضهم رغم ما يواجهونه من قتل جماعي وتهجير قسري إلى جنوب وشرقي غزة وإلا لنجحت خطته حتى لو رفضت مصر، وقد فضح نتنياهو الحكام العرب في مؤتمر صحفي على الهواء حيث أكد أن حلفاءه العرب يشاطرونه الرغبة في القضاء على حركة حماس أما وزير دفاعه غالينت فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله أن كيانه يزود السلطة الفلسطينية بالأموال لأنها تمنع الإرهاب حسب زعمه وتمنع الأحداث الجماهيرية في الضفة الغربية.
ومن المفارقات العجيبة إن حجة الكيان الصهيوني في تدمير غزة وقتل أبنائها تتمثل في زعمه القضاء على حركة حماس ولم يستفد من تجربة السعودية في اليمن حيث ستكون نتيجة حربه القذرة على غزة مهما حصد من ضحايا وأحدث من تدمير هي تحويل الشعب الفلسطيني بأكمله إلى حركة حماس لتصبح قوة عظيمة تمكنها مستقبلا من تحرير كل الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليها والقضاء على هذا الكيان الغاصب الذي بدأ يتآكل من داخله ويهجره سكانه إلى الدول التي أتوا منها وهذا ما يزعج أمريكا والدول الأوروبية التي تخشى من عودة اليهود إليها ليحيكوا لها المؤامرات ويفتعلوا لها المشاكل مثلما كانوا يفعلون قبل أن يتم تهجيرهم إلى فلسطين للتخلص منهم وجمعهم في كيان مغتصب ولهذا سارع زعماء أمريكا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وغيرهم للذهاب إلى تل أبيب عارضين عليهم المساعدات العسكرية والمادية خوفا عليهم من انهيار كيانهم الورقي على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية لاسيما أن هناك نبوءة تشير إلى أن هذا الكيان سينتهي قبل اكتمال عقده الثامن والذي لم يتبق له سوى أربعة أعوام واليهود أنفسهم يؤمنون بهذه النبوءة التي وردت في التوراة وفي تلمودهم الكتاب المقدس بالنسبة لهم، ولذلك فهم يعتبرون انتصار المقاومة الفلسطينية عليهم يوم سبعة أكتوبر المنصرم بداية للعد التنازل لانهيار كيانهم وما يقومون به من انتقام لخسارتهم العسكرية والاستخباراتية ليس إلا محاولة يائسة منهم لإعادة الثقة في أنفسهم ومغالطة لنسيان ما يؤمنون به من أنهم على وشك الزوال والرحيل وإعادة أرض فلسطين لأهلها الحقيقيين وإن كان هذا هو المصير المحتوم الذي ينتظره المفسدون في الأرض وليس هناك في العالم كله أعظم من فساد اليهود بشهادة ما أورده الله سبحانه وتعالى عنهم في القرآن الكريم.
Discussion about this post