ألقى سفير الجمهورية اليمنية الدكتور عبد الله صبري كلمة بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة ٢١ سبتمبر المجيدة جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أتقدم إليكم بوافر الشكر والتقدير على هذه الفعالية التضامنية مع الشعب اليمني في هذه المناسبة المباركة، إذ تشاركونا الاحتفال بالعيد التاسع لثورة 21 سبتمبر المجيدة، هذه الثورة التي كانت فلسطين بوصلتها وعنوانها، وستبقى كذلك حتى تحرير كل شبر في فلسطين العربية من البحر إلى النهر وحتى تحرير كل المقدسات فيها، وحتى نصلي سويا في الأقصى إن شاء الله.
إن من ينظر بعين الإنصاف والتجرد يدرك جيدا أن ثورة 21 سبتمبر جاءت بينما اليمن تعيش فراغا كبيرا على مختلف المستويات سياسيا وأمنيا واقتصاديا، فكما تعرفون أن ما يسمى بالربيع العربي قد عملت أدواته الداخلية والخارجية على صناعة الفوضى الهدامة في مختلف الدول العربية ومنها بلادنا اليمن، وبرغم محاولات الحل السياسي من خلال الحوار الوطني إلا أن الأيادي الخارجية ظلت تعبث باتجاه تأزيم الأوضاع في اليمن، وتمكين الإرهاب وتنظيماته القاعدة والداعش نحو تفتيت وتقسيم البلد تحت عناوين سياسية مخادعة ومضللة، ما كان لها أن تمر في وجود الأحرار والثوار الشرفاء الذين اعتصموا بالله وتوكلوا عليه وانخرطوا في حراك شعبي مناهض للوصاية والهيمنة الخارجية، ومتحدين للجماعات والتنظيمات الإرهابية، حتى انتصرت الإرادة الشعبية تحت قيادة شابة حكيمة وشجاعة ممثلة بالسيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، فأشرقت شمس الواحد والعشرين من سبتمبر وأعلنت عن عهد جديد يبشر بالعزة والاستقلال والنهوض والتنمية.
وعلى عكس ما سبقها من ثورات، تميزت هذه الثورة بكونها ثورة بيضاء لم تلجأ إلى العنف والإقصاء، بل مدت يدها للشراكة الوطنية، وأسست لنمط جديد من التفكير السياسي، والتطلع إلى المستقبل الواعد وطي صفحات الماضي وما انطوى عليه من صراع واحتراب ومظالم وفساد وتدهور مستمر في كل مناحي الحياة.
غير أن الأعداء ما كان لهم أن يتركوا اليمن حتى يتنفس ويرنو إلى وضع جديد، فسارعوا مجددا إلى كبح جماح الثورة ومحاصرتها وصولا إلى إعلان الحرب العدوانية على كل الشعب اليمني، هذه الحرب التي شكلت تحديا كبيرا وصعبا أمام الثورة الفتية، إلا أن الثورة كانت بحمد الله في مستوى الرهان، فقد أمكن لشعبنا أن يصنع ملحمة أسطورية من الصمود والثبات، وبات اليوم على مشارف الانتصار وتحقيق السلام المشرف والعادل.
وإنه لمن حسن الطالع أن يتزامن الاحتفال بثورتي 21 و 26 سبتمبر، مع حلول ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام. ولعلكم تتابعون مستوى الإعداد والفرح الكبير الذي يغمر اليمنيين بهذه المناسبة الروحية، وكيف أصبحت اليمن خضراء زاهية في لوحة غير مسبوقة على مستوى العالم الإسلامي، ولا شك أن لهذه الاحتفالية الكبرى رسائل ودلالات عديدة لا تقتصر على تعزيز هوية اليمنيين الإيمانية، بل تتعدى ذلك إلى كون هذه المناسبة جامعة لكل اليمنيين، كما لكل المسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم، فمن غير الرسول يجمع الأمة على رسالة الإسلام التي جاءت ورسولها رحمة للعالمين.
أيها الأخوة أيتها الأخوات
لعلكم تتابعون مجريات التفاوض من أجل السلام في اليمن، وقد عاد مؤخرا وفدنا الوطني المفاوض إلى صنعاء بنتائج إيجابية نتطلع أن تفتح الباب حال تنفيذها على مرحلة جديدة في علاقة اليمن بجيرانه ومحيطه الإقليمي من موقع التكافؤ والندية، وبما يحفظ المصالح المشروعة للجميع، وكما قال سيادة الرئيس مهدي المشاط، فإن صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء، ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وبلدان أمتها.
كما لن تكون صنعاء إلا في صف القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية، وفي القلب من محور مقاومة المشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة، والتصدي لكل سيناريوهات القفز على حقوق أمتنا في فلسطين، وفي كل الأراضي العربية المحتلة، وتطهير المنطقة من القواعد الأمريكية، وتحرير القرار العربي من أسر الهيمنة والوصاية الخارجية.
لقد أصبحت اليمن بفضل ثورة 21 سبتمبر جزءا لا يتجزأ من محور المقاومة، وإضافة نوعية ومهمة في مسار المواجهة مع الكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يخفي انزعاجه الشديد من التطورات التي تأتي من اليمن وخصوصا ما يتعلق بالقوة الصاروخية التي تتنامى قدراتها كل يوم.
وهنا لا بد من الإشادة بمواقف محور المقاومة المتضامنة باستمرار مع الشعب اليمني من طهران في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإلى لبنان وحزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله وإلى غزة والضفة في فلسطين المحتلة، وإلى كل قوى المقاومة في العراق وفي البحرين، وكل المتضامنين الأحرار من مختلف دول العالم.
لقد كانت هذه المواقف الصادقة والعواطف الجياشة عنصرا مهما وحاسما في ثبات شعبنا وفي نقل مظلوميتنا وقضيتنا، التي أرادت لها قوى الاستكبار أن تكون حربا منسية، فخابت وخبت رهاناتهم ونيرانهم، بفضل من الله وبفضل تضحيات الشهداء والدماء الزكية، والأرواح الطاهرة التي ارتقت معراج المجد، بعد أن عمدت تراب الوطن بجينات الحرية والكرامة.
الحضور جميعنا..
ونحن نحتفل اليوم على أرض دمشق الفيحاء، لا يمكن لليمن شعبا وقيادة أن ينسى مواقف الجمهورية العربية السورية ممثلة بالرئيس القائد العربي بشار الأسد، فقد عبرت هذه المواقف عن مدى احترام الحكومة السورية للمبادئ والثوابت، التي تنكرت لها غالبية الأنظمة العربية الرسمية، فكل التحية والتقدير لسورية شعبا وحكومة ورئيسا..
وهي مناسبة لتجديد وتأكيد التضامن مع سورية في مواجهة العدوان الصهيوني والاحتلال الأمريكي، والعقوبات الاقتصادية الغربية، التي تشكل عقابا جماعيا بحق الشعب السوري العظيم، الذي انتصر على الإرهاب وتنظيماته المدعومة دوليا وصنع ملحمة من الصمود والمقاومة على مدى العشرية الماضية.
Discussion about this post