بسم الله الرحمن الرحيم.
*في المكنون – حديث العاشقين*
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
✍️عبدالإله عبدالقادر عبدالله الجنيد.
في نيسان من كل ربيع تتفتح الأشجار ببراعمها وتجود بأزهارها وتفوح بعطرها في كل مكان ، ومثل ما هي في ربيع نيسان هي كذلك في الربيع المحمدي مبتدأ كل عامٍ محمديٍ أحمديٍ نبويٍ شريف ، إذ تتفتح وتظهر فيها براعم أغصان قلوب المحبين العاشقين الوالهين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وتزهر أفئدتهم ونفوسهم وتفوح أنفاسهم بروائح العطر وروائح الزهور المتفتحة في نفوس أحباب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
إنهم أولئك العاشقون الوارثون المحبون الذين هاموا حباً ووجداناً وعشقاً ومحبةً لسيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين ، فيجود الله -سبحانه وتعالى- بسقيا الغيث الكريم الذي يغيث به قلوب المحبين ، فتتحوّل القلوب والأفئدة والمشاعر والوجدان والعقول لبساتين خضراء تبدأ بحمل ثمارها لتجود بها في منتهى كل عام محمدي بعطاء منقطع النظير من الجهاد والإنفاق والجود بالنفس والمال والولد ، هكذا هو مسار النبوة وطريق أعلام الهدى.
وفي يوم مقدمه إلى الدنيا يوم مولد سيد الكونين في ربيعه المحمدي ، ونحن نرى مخلوقات الله في سماواته السبع والأرضين يتهيؤون بسعادةٍ غامرة ، وفرحةٍ كاملة ، وبهجةٍ شاملة وعظيمة ، واستعدادٍ بشوقٍ ليس له حدود ، لإقامة احتفالاتهم لإحياء هذه المناسبة العظيمة بما يليق بسيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين ..
فلم نجد أنفسنا أشد توقاً واشتياقاً لهذه المناسبة فحسب ، بل نحن معنيون وأولى المخلوقين بالتهيؤ والاستعداد لإحيائها بقلوبٍ تغمرها فرحةٌ وسعادةٌ من شأنهما إزهاق الأحزان والآلام المترسبة فيها ، إحياءً يليق بالحبيب المصطفى سيد ولد عدنان ، المُسمّى أحمدَ في الملأ الأعلى ، ومحمداً في الأرض الأولى ، و (طه ، وياسين ، وطاسين ، وحاميم ، ونون) عند العوالم الأخرى ؛ ذلك أنه حاضر فينا ، شاهد لنا وعلينا ، رؤوف ورحيم بنا ، لقول ربنا العظيم: [وَاعْلَـمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ ] .
فهاهي الأنفس مخضرّة كما هي مخضرّةٌ قلوبُ وأفئدةُ وعقولُ ووجدانُ كل المؤمنين الصادقين السائرين على درب الهدى والنور المحمدي وأعلام الهدى من بعده .
وبينما يحلُّ الربيع المحمدي ترى أولئك الذين بتلك المناسبة تتحرك أقلامهم فيكتبون ، وألسنتهم فيتحدثون ، وعقولهم فينثرون ، ووجدانهم فينْظِمون ، ويبقى هذا العبد العاجز العاثر الكليل الأعمى عاجزاً عن القول أو الحديث أو الكتابة أو النظم ؛ لأنه يرى -من وجهة نظره- أنه لا يجوز أن يتحدث أو يكتب أو ينثر أو ينظم إلا بما يليق بسيد الأولين والآخرين ورحمة الله للعالمين ، فقابل ذلك العجز بعَبَراتٍ لا تكاد تنقطع ، متوجهاً إلى الله العلي العظيم بقلبٍ خاشع أن يكرمه بقولٍ سديدٍ يليق بمقام خاتم النبيين وحبيب رب العالمين ، فتذكر قول الله سبحانه وتعالى:[ وَاعْلَـمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ ] ، فارتعدت فرائصه ، وانحنى إجلالاً وإكباراً وشكراً لله سبحانه وتعالى ، ساجداً مسبحاً مولاه على عظيم فضله وجوده وكرمه ، فأيقن يقيناً قاطعاً أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حاضرٌ فينا ، ظاهرٌ في قلوبنا ، باطنٌ في وجداننا ، تترجمه مشاعرنا ، وتُعبّر عنه ألسنتنا وأفئدتنا بكل صدقٍ وصراحة ، فصاح صيحةً مُحبٍ والهٍ عاشقٍ لحبيبه متيمٍ بمولاه ، مترنماً بقول الإمام أحمد بن علوان -قدّس الله سره- الذي ترجم لنا هذا الحضور بقوله : يـا نـور برهاني
يـا سـر إِنـسـاني
يـا عـين أَجفاني
الحــي أَحــيـانـي
يـا مـنتهى قصدي
يـا مـشتهى وجدي
رمــيـتـنـي وحـدي
مـن بـين أَقراني
أَمــا تَــرى أَنّــي
أَصـبـحـت لا مـني
فــعـنـك لا عـنـي
أَخـبـرت إِخـوانـي
يـا سـاكني قَلبي
يـا مـن لهم حبي
إِحـسـانـكـم حسبي
إِن قَـلَّ إِحـسـانـي
قَـلبـي مـعـنّـاكـم
فـي كـف يـمـناكم
مـعـنـاه مـعناكم
كالهائم العاني
لا تضمروا قتلي
وخَــفـِّفـُوا ثـقـلي
فَـمـا عـلَى حِـملي
تــطـيـق أَركـانـي
فــأدمـعـي تـجـري
إِذا جــرى فـكـري
كـــأَنَّهـــا تَــدري
بــســر أَشــجـانـي
بـاللَه يـا ريحي
صـفـي تـبـاريـحـي
لمــن لهـم روحـي
مــعـاً وَريـحـانـي
مـا كـل من يهوى
مـن مـائكم يُروى
إِلَيـكـم الشـكـوى
مــن كـل عـطـشـانِ
أَرجـو تـلاقـيـكم
أو نـفـث راقيكم
أَو خـمـر ساقيكم
فـالكـل أَعـيـاني
ثم تمثّل بقول حبيب رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عبدالهادي السودي -قدس الله سره- بقوله :
لولاك يا زينة الوجودِ
ما طاب عيشي ولا وجودي
ولا ترنمتُ في صلاتي
ولا ركوعي ولا سجودي
أنا الذي همتُ في هواكم
وليلة الوصل منك عيدي
بالله صلني فدتك روحي
يكفي من الهجر والصدودِ
ما أصعب الهجر من حبيبٍ
لا سيما للشيّجي العميدِ
ويا ليالي الرضا علينا
عودي ليخضّر منك عودي
عودي علينا بكل خيرٍ بالمصطفى طيب الجدودي
وصلِّ الله على نبينا
محمدٍ وافي العهودِ
وآله الطهر خير آلٍ
صلاة عشقٍ بلا حدودِ
ورب سائلٍ يسأل: أفينا حاضرٌ مولاي وسيدي وقرة عيني وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟!
فأجيبه : بلى والذي نفسُ محمدٍ بيده إنه لحاضرٌ بمساره القائم الثابت الذي أودعه الله -سبحانه وتعالى- فينا ، وما علينا إلا أن نُفعِّل ذلك المسار المحمدي فينا ؛ ليكون لنا قدوةً وأسوة ، فنتبعه كما أراد الله ، ونقتدي بهديه لكي يحبنا الله ويقربنا إليه. واليوم وقد علمت وعرفت أن فينا رسول الله تيقنت وتأكد لي لماذا علينا أن نحتفي ونحتفل بيوم مولده الشريف ؟!
علينا ذلك لأنه في حقيقة الأمر إنما يولد في أنفسنا لنحياه ؛ لأنه الذي جاءنا ليحيينا من بعد موتنا ، فلهذا وجب علينا أن نحيي ذكرى ميلاده الشريف ..
نعم سنحيي ذكرى ميلادك يا سيدي يا رسول الله يا حبيبي ويا قرة عيني ويا أعظم وأشرف خلق الله في هذا الوجود ، سنحيي ذكرى ميلادك الشريف على الرغم من كل الآلام التي تحيط بنا ، والحصار المفروض علينا ، وقطع أرزاقنا وأقواتنا ، على الرغم من كل معاناتنا وأمراضنا وآلامنا إلا أننا سنحيي يوم مولدك بثباتٍ وصمودٍ وعزةٍ وكرامةٍ وحريةٍ بلا تراجع ، فلن يخيفونا ولن يرهبونا ، فأنت بمحبتك وبقربك وبمودتك وبعشقك أنت مجدنا ، أنت نصرنا ، أنت أملنا ، أنت ملاذنا ، أنت ملجأنا ، أنت يرزقنا الله بمحبتك ، ويحنو علينا بالقرب منك ، ويقبلنا ويرضى علينا بمودتك ، وبالولاء لك يؤيدنا الله بالنصر والعزة والقوة والتمكين والغلبة ، وبموالاة أوليائك أعلام الهدى من ذريتك ننال كل شيء ، ويهون في أعيننا كل شيء. يوم يأتي ربيعك يا سيدي وحبيبي ومولاي ، نولد نحن من جديد ، ونحيا من جديد ، ونعود من جديد ، لا معنى للكرامة إلا بمحبتك ، ولا معنى للعزة إلا بعشقك وبموالاتك وبالقرب منك. بإحياء يوم مولدك الشريف نتقرب إلى الله بذلك ، أما أولئك الذين صاروا إلى الباطل أقرب ، وعن الحق أبعد، واقتربوا من الشيطان وأوليائه ، فلا حظّ ولا نصيب لهم بك ؛ لأنهم صاروا خانعين خاضعين أذلةً لأوليائهم الشياطين يتحكمون بهم كيفما شاؤوا ، ولا تكون العزة إلا لله ولرسوله وللمؤمنين.
مولاي يا رسول الله ، أنت النور الذي أستمد منه مدد أنواري، أنت سراج الألباب، أنت حبيب الأحباب، وطب القلوب وبلسمها الشافي ، أنت عافية الأبدان وشفاؤها ، أنت نور الأبصار وضياؤها ، أنت قوت الأرواح وغذاؤها ، أنت الذي تنحل بك العُقد ، وتنفرج بك الكُرب ، وتقضى بك الحوائج ، وتنال بك الرغائب ، ويستسقى الغمائم بوجهك الكريم ، أنت الفاتح لما انغلق ، وأنت الخاتم لما سبق ، أنت ناصر الحق بالحق ، وأنت الهادي إلى صراط الله المستقيم ، بك أستطيع وأستنير وأهتدي إلى دروب الحق والنور ، وبك أجدني شجرةً مثمرةً بأنواع الثمار الطيبة التي تفوح بالروائح الزكية الممتدة منك يا سيدي ويا مولاي ، أنا بك صرت أنا ، وبدونك كنت فناء ولا شيء يذكر ، منك ألتمس النور والهدى والعرفان والحب والود ،
ومحبتك يا سيدي ، هي سر تزكيتنا منك ، بل هي دينٌ أدين بها لله ، وإن القرب منك هو أمر لابد منه ، وشرف لا يساويه شرف ، ولا يرقى إليه مجد، أود بذلك أن يرضى الله عني وأن ترضى عني أنت وتقبلني في أحبائك ، وتجود علي من بستان عطائك ، لبيك وسعديك يا سيدي ويا حبيبي يا رسول الله نفسي وروحي لك الفداء يا مولاي يارسول الله.
والحمد لله رب العالمين.
*الله أكبر*
*الموت لأمريكا*
*الموت لإسرائيل*
*اللعنة على اليهود* *النصر للإسلام*
*لبيك يا رسول الله*
*لبيك يا رسول الله*
*لبيك يا رسول الله*
Discussion about this post