بسم الله الرحمن الرحيم
*لمن كان يرجو لقاء ربه*
✍ عبدالإله عبدالقادر عبدالله الجنيد.
لا يزال الكثير من أبناء أمتنا الإسلامية يعتقدون خطأً أن الأعمال الصالحة هي تلك الأعمال المرتبطة بالصلاة والصوم والحج والعمرة والذكر والانقطاع إلى الله والخلوة ، إضافه إلى الاهتمام بالجوانب الشكلية وحسب ، ولا يحسبون حساباً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يُعدّ من أهم مرتكزات الدين التي تُفعّل جوانب الإحسان إلى عباد الله والإصلاح فيما بينهم ؛ لمنع حصول أي فساد قد يستشري بين أبناء الأمة ، متناسين بذلك أن الله لم يضرب الأمثال في بني إسرائيل ولم يستوجبوا لعنته إلا لأنهم [ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ] كما قال ربنا سبحانه وتعالى . أضف إلى ذلك تركهم أو تناسيهم فضل الجهاد في سبيل الله ، وهو أهم أمر من أمور الدين الذي يبقي راية الدين شامخةً مرتفعة في كل الأحوال ، ناهيك عن الجهل المستشري بين أوساط أبناء الأمة بمعرفة الله -سبحانه وتعالى- وبما جاء به القرآن الكريم من نصوص واضحة وصريحة تدعو المؤمنين إلى التواصي بالحق والعمل الصالح المثمر والمؤثر في أبناء الأمة دون أن ينظر الإنسان إلى المصالح التي يتحصل عليها جرّاء قيامه بأي عمل صالح يبتغي به وجه الله ومرضاته .
ولعلّي أعتقد جازماً أن تهرُّب أبناء المجتمع الإسلامي عن قيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصولاً إلى الجهاد في سبيل الله -سبحانه وتعالى- إنما يُعدُّ في الحقيقة تهرباً منهم عن القيام بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي المنكر والتضحية من أجل ذلك لأجل الله -سبحانه وتعالى- ناهيك عن الجهل المستشري بين أبناء الأمة بتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز بعد أن تركوه مهجوراً ، واكتفوا بقراءته وتلاوته وتجويده دون العمل بتوجيهات الله وأوامره الواضحة والصريحة فيه.
ولا أبالغ إن قلت: إن تمرد الإنسان على الله -سبحانه وتعالى- وتغليب مصالحه الشخصية وأنانيته هو ما جعله لا يأبه لمرضاة الله والعمل لوجهه الكريم ؛ لأن ذلك سيحتم عليه تغليب مصالح الأمه وإرضاء الله -سبحانه وتعالى- على مصالحه الشخصية وأنانيته ، ذلك أن إرضاء الله -سبحانه وتعالى- وخدمة عباده هي أعظم العبادات عند الله ، ولن تتيح له تحقيق مصالحه ومآربه .
أمّا اتجاه الإنسان صوب تحقيق مصالحه وإشباع أنانيته هو ما يجعله يقدم على الفساد ، أو يتمنع عن القيام بواجبه الديني في الإصلاح بين أبناء الأمة والإحسان إليهم والإخلاص في عمله ، مع يقينه أنه سيموت حتماً لا محالة ، وسيلقى الله وهو لا يعلم أنه باتجاهه صوب تحقيق مصالحه وإشباع غرائزه إنما قد ورّث لنفسه ندماً كبيراً حين يُفاجأ أن رصيده من الأعمال الخالصة -التي كان من المفترض به أن يؤديها لوجه الله ويبتغي فيها مرضاته- لا يساوي شيئاً نظير ما قام به من أعمال أفنى فيها عمره وحياته دون أن يحسب من خلالها حساباً لله سبحانه وتعالى .
فأي مسكين هذا الإنسان ؟ وأي خسران هو نفسه من تسبب به لنفسه ؟!
إن الله -سبحانه وتعالى- أراد لعباده أن يستثمروا كل أوقاتهم خدمة له في عبادته ، وفي الإحسان إلى عباده ، وهذا هو الإخلاص لله -سبحانه وتعالى- في الأعمال بحيث تكون خالصة لوجهه الكريم لا يراد من وراء ذلك من المخلوقين جزاءً ولا شكورا ، وأن يكون العمل الصالح كله ابتغاءً لمرضاة الله ، ورجاء الإنسان في ذلك أن يلقى الله -سبحانه وتعالى- وقد استثمر كل وقته وكل نفس يتنفسه خدمة لله دون النظر إلى أيّة مصالح أخرى يتحصل عليها من وراء تلك الأعمال التي يقوم بها .
ولرب إنسان مسلم قام بأعمال طيبة وكريمة وحسنة تجاه الناس لكنه قصد بها رضا الناس ، ولم يقصد بها ابتغاء وجه ربه الأعلى ، فصارت كل أعماله تلك كما تصير إليه أعمال الكافر الذي وصفها الله في محكم كتابه بقوله: [وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَـمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ]، فتلك إذاً خسارة فادحة سيراها يوم أن يلقى الله -سبحانه وتعالى- عندما يقول (أنا عملت كذا وعملت كذا) ، فيجيبه الله (أنت قمت بهذا العمل لأجل فلان ولأجل كذا ولأجل كذا ، فاذهب إليهم ليجزوك جزاء ما قمت به لأجلهم) ، وهنا تكون الفاجعة التي ليس مثلها فاجعة ، أرايت كيف أن الله -سبحانه وتعالى- قد أغدق بالجزاء العظيم والعطاء المنقطع النظير لأولئك الذين وصفهم بقوله:
[ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ♡ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ] ، فاختصهم الله -سبحانه وتعالى- بعظيم جزائه وعطائه وكرمه بقوله تعالى :[ فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ♡ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ] ،
فنالوا بذلك الفضل العظيم والخير العميم والجزاء الأوفى والحسنى وزيادة ، ووقاهم شر ذلك اليوم بما وجدوه نتاجاً لأعمالهم تلك.
فيا من لا يزال يعمل ويجهد نفسه ويتكلف العناء بما يقوم به ، حاول أن تجعل كل ذلك العمل الذي قمت به لوجه الله وابتغاءً لمرضاته ، ولا تشرك بالله أحداً لتنال الفوز العظيم . نعم ، إننا إذا ما أخلصنا لله وقمنا بكل أعمالنا إرضاءً لله وابتغاء مرضاته ولوجهه الكريم ، فسنجد أنفسنا نقوم بكل أعمالنا بإتقان وإخلاص وإبداع حتى ولو كان مثقال ذرة .
ثم كن على يقين أيها الإنسان ، أنك بعملك الخالص لوجهه الكريم ستحظى على تأييد الله -سبحانه وتعالى- والتوفيق والسداد في كل أعمالك ، وستقوم بكل عمل على أكمل وجه ، ثم إنك لن تتجرأ على أن تدّعي مهارتك في عمل ما إلا إذا كنت ماهراً فيه ومتقناً ومنجزاً له بكل إخلاص ؛ لانك بذلك تريد لقاء ربك وتريد الجزاء الأوفى وأن تنال الفوز العظيم بلا شك ، قال سبحانه وتعالى :[ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ] .
هذا هو الخير العظيم والربح الأكيد الذي ستجنيه في الدنيا وفي الآخرة ، ولله عاقبة الأمور ، والحمد لله رب العالمين .
• الله أكبر
• الموت لأمريكا
• الموت لإسرائيل
• اللعنة على اليهود
• النصر للإسلام
Discussion about this post