بسم الله الرحمن الرحيم.
*النور القادم من السماء*
✍️ عبدالإله عبدالقادر عبدالله الجنيد
في زمن الجاهلية الأولى كانت العرب تعيش حالةً من البؤس والشقاء والظلام الدامس الذي حلّ بها ؛ نتيجة ظلالها وجهلها وابتعادها عن دين الله الذي جاء به سيدنا إبراهيم عليه وآله الصلاة والسلام ، ولم يتبقَ من أحياء العرب على دين التوحيد إلا ثلةٌ قليلة منهم بنو هاشم ، أما الكثرة الكاثرة من قبائل عرب الجاهلية فقد كان معظمهم يعيشون في أجواء يسودها سفهٌ وطيشٌ وجاهلية ، وشتاتٌ وفرقة وظلم ، ووأد للبنات ، وسيطرات الطغاة على المستضعفين ، وقد كانت عبادة الأصنام والأوثان من دون الله -سبحانه وتعالى- سمتهم السائدة التي ظلوا عاكفين عليها ردحاً من الزمن .
وبالمقابل كانت هناك أممٌ أخرى مثل أمة بني إسرائيل الذين جاءتهم رسلهم بالبينات فكفروا بها ، وحرَّفوا كتب الله سبحانه وتعالى ، وخالفوا أنبياءهم، وغرَّتهم الحياة الدنيا ، وغرَّهم بالله الغرور . فنشأت على إثر ذلك ممالك وطواغيت الأرض التي تمثلت في معسكرين هما : معسكر الروم ، ومعسكر الفرس ، الذين هيمنوا وسيطروا على العالم العربي ، الأمر الذي أدى بدوره إلى انقسام العرب إلى قسمين : قسم يتولى الفرس ، وآخر يتولى الروم ، بَيْدَ أن تلك الموالاة لم تشفع للعرب ، ولم تكن لتحميهم من الاكتواء بجذوات نيران الصراع الرومي الفارسي فأضحوا محرقةً لذلك الصراع وضحيةً من ضحاياه في ذلك الوقت .
حينذاك أراد الله -سبحانه وتعالى- أن يصطفي العرب من سائر الأمم ، وأن يبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة بعد أن كانوا قابعين في ضلال مبين ، فبعث الله إليهم رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، فمثَّل هذا المبعث المؤيد بالقرآن الكريم ذكراً وشرفاً عظيماً لأمة العرب ولكل المسلمين على سائر الأمم .
وبهذا الفضل العظيم والاصطفاء الكريم الذي منَّ الله -سبحانه وتعالى- به على أمتنا العربية وعلى سائر المسلمين ، كان حقاً علينا أن نقابل ذلك المنّ الإلهي ، والنعمة العظيمة ، والرحمة المهداة التي رحم الله بها أمتنا ، والنور القادم منه -سبحانه وتعالى- بأن نحتفي ونفرح ونستبشر ونعتز ونفخر بين سائر الأمم بهذا النبي الخاتم العظيم في يوم مولده الشريف ، فنقيم الاحتفالات ، ونزيِّن المساكن والأحياء والطرقات ، ونعد المآدب الزاخرة بشتى أصناف الأطعمة لإطعام البؤساء والفقراء ، ونستظيف بحفاوةٍ وكرمٍ كل زائر وكل وافد للاحتفال بيوم مولده العظيم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين .
ولعلّ شعبنا اليمني شعب يمن الإيمان والحكمة على الرغم من أن أبناءه أُوذوا في الله وحُوربوا وحُوصروا من قبل طواغيت الأرض أعداء الله وأعوانه، إلا أنّ هذا الشعب الذي كان ولا يزال ديدنه استقبال هذه المناسبة العظيمة في كل عام بحبٍ وشغفٍ عظيمين وإحيائها والاحتفاء بها ما أنفك أبناؤه بصمودٍ وثباتٍ راسخين مصرين على إقامة هذه الاحتفالات في عامنا هذا وكل الأعوام المقبلة إن شاء الله تعالى.. ولو أن فريقاً من أبناء الأمة يقفون في وجهنا لمنعنا والحيلولة دون إقامة احتفالاتنا ، لكنهم بجهلهم وبتبعيتهم لأعداء الأمة الذين لا يعجبهم أن نفرح ونحتفل بمولد سيد الكونين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله ، ومع عنادهم هذا واستكبارهم وجحودهم ومكرهم إلا أننا نمد لهم أيدي المحبة والسلام ، ودعوتهم لأن يكونوا معنا صفاً واحداً في احتفالنا بالمولد في ذلك اليوم المهيب ، وينبغي عليهم ألَّا يفوتوا هذه الفرصة العظيمة ، وأن يكونوا في صف رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مع سائر المؤمنين في كل الساحات محتفلين فرحين مهللين مكبرين ، وبالصلاة والسلام على سيد المرسلين هاتفين ، وإلى الله بذلك متقربين ، وفي مواجهة الأعداء ثابتين وصامدين غير عابئين بهم ولا منهم خائفين ، ويجدر بهم أن يكونوا إلى جانبنا في هذا الاحتفال الذي يعدّ شرفاً عظيماً لنا بما شرفنا الله -سبحانه وتعالى- به من حمل هذه الرسالة العظيمة التي هي رحمة لكل المخلوقين ، وفضل الله على الناس أجمعين .
إننا ندعوهم ونؤكد لهم أنهم بذلك يستنقذون أنفسهم من غضب الله ، وعليهم أن يستشعروا أننا وإياهم سنُقدّم يوم الجمع المعلوم إلى الله -سبحانه وتعالى- إما أن نكون خصماً لرسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين- يوم تُرفع علينا أو على الأمة شكوى بين يدي الله بتهمة أننا جعلنا هذا القرآن الذي جاء به مهجوراً ولم نعمل به ، أو أن نأتي في ذلك اليوم قادمين في موكب سيد المرسلين -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين- فنفوز فوزاً عظيماً.
وعليهم أن يكونوا أكثر إدراكاً ووعياً بمسؤوليتهم الملقاة على عواتقهم ، وأن يخرجوا في سبيل الله ، وأن يشرفوا أنفسهم فيكونوا في مقدمة الصفوف لا أن يكونوا أعداءً لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومن ثم أعداء لله -سبحانه وتعالى- وللمؤمنين ، ثم ما بالكم
لا تعظمون شعائر الله باحتفالكم بيوم ميلاد سيد الكونين -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- وأنتم تعلمون أنه الحق من ربكم ، وأن الاحتفال بيوم مولده هو الحق عينه ؛ لأنكم بذلك مأمورون بقوله تعالى:[ قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ] ، فضلاً عن كون رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أعظم المخلوقين وأشرفهم وأكرمهم عند الله منذ خلق الله آدم إلى يوم الدين.
ولأنه رحمة الله للعالمين ، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ولأنه حريص علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم ، ولأنه الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير ، ناهيكم عن أن الله أرسله ليعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبلُ لفي ضلال مبين ، وليخرجنا من الظلمات إلى النور ، فهو البشير النذير ، ولأنه حينما يصلي علينا فإن صلاته علينا سكن لنا وأمان ، ولأن الله -سبحانه وتعالى- هو وملائكته يصلون عليه فقد أمرنا بالصلاة عليه وعلى آله ، والتسليم له لدوام الوصل والاتصال ، ولأننا إن أطعناه اهتدينا، وإن اتبعناه أحبنا الله سبحانه وتعالى ، ولكونه أسوتنا وقدوتنا فنحن مأمورون من الله -سبحانه وتعالى- بتعزيره وتوقيره .
فكيف لا نقابل كل ذلك بإجلاله وإكرامه وتعزيره وتوقير؟! ..
وكيف يكون الإجلال والإكرام والتعزير والتوقير إن لم نحتفل ونفرح ونسعد ونستبشر بيوم مولده الشريف صلوات الله وسلامه عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين؟! ..
فهل بعد وعيكم لكل تلكم الأسباب التي تستوجب علينا الاحتفال بمولده الشريف لا تزال أنفسكم لاهيةً وقلوبكم قاسيةً تأبى أن تُفرح وتُسعد احتفاءً بيوم مولد سيد الكونين وحبيب رب العالمين؟! ..
لا أظن ذلك العداء والجحود والإنكار إلا نتيجة ولائكم المنحرف الذي وجهتموه صوب اليهود والنصارى فحق عليكم قول الله -سبحانه وتعالى- [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ] فصرتم منهم وورثتم عنهم ذلك البغض والحقد والعداء لرسول الله؛ لأن اليهود والنصارى هم الوحيدون الذين يكنون العداء والبغضاء لله ولرسوله وللمؤمنين !!
ألم يئن لكم أن تستفيقوا من غفلتكم ، وتوقظوا ضمائركم ، وتستعيدوا أنفسكم وإسلامكم ودينكم وإيمانكم ، وتصححوا مسار ولائكم ؛ لتهتدوا إلى صراط الله المستقيم ؟!
فيا[حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ] ..
وما أظن تعللكم وتحججكم بالرواتب إلا غطاءً لإخفاء هذا الولاء المنحرف بكل تأكيد .
فإن الذين لم يحركوا ساكناً جرَّاء قيام الغرب الكافر بالإساءة إلى رسول الله وإلى القرآن الكريم ، لا يمكن لهم أن يحتفلوا بيوم مولد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ، إنه الولاء الذي يجب أن يُصحح لا محالة .
وحسبنا اللهُ ونعم الوكيل.
*الله أكبر*
*الموت لأمريكا*
*الموت لإسرائيل*
*اللعنة على اليهود* *النصر للإسلام*
Discussion about this post