*رسالة من تحت خط الفقر*
*✍️ هيام وهبي*
إلى زعماء فينيقيا … إلى أصحاب الرسالة الإنسانية ذات الاهداف النبيلة ، التجويع والترويع والتركيع وفي قلوبهم حُلم ( التطبيع ) … إلى عشاق المناضل هوكشتاين والجميلة دوروثي (وسيئة الذكر ) كونداليسا … إلى أصحاب المشروع القومي المجيد بالإنفتاح الواسع للوطن الفينيقي على كيان العدو الغاصب …لكم أقول أنتم يا عشاق الحياة …بوركتم … وبوركت جهودكم … في بلد ٍ أنعدمت فيه البركة وغدت حياتنا متعلقة بأيدي طغمة فاسدة لا ترى بؤس الناس وإقترابهم من الموت جوعاً وبرداً وإحباطاً ويأساً، إن سلّمنا بنظرية المؤامرة وأن كل ما يصيبنا ليس ما كتب الله لنا بل خطّة جهنمية لتطويعنا وتجويعنا وتركيعنا وبالتالي تطبيعنا ، فالخطة قد نجحت بإمتياز فنحن تطبعنا ( ومشي الحال ) ولكن ليس مع العدو ( الشرير ) بل مع بائع الخضار وصاحب السوبر ماركت والخباز وصاحب محطة المحروقات ومع المنعم علينا صاحب المولّد الكهربائي الذي يتحفنا بالقليل من الضوء مقابل الكثير من الدولارات… نعم نحن تطبعناً مع التحليق الصاروخي للدولار وانهيار ليرتنا المسكينة ، تطبعنا مع سعر كيلو البصل الذي اصبح ينافس وبكل فخر وزهو سعر المانغا والكيوي والأناناس ،ولن أقترب من سعر اللحوم المخيف لأنني والحمدلله لا أعاني من هذه الأزمة فأنا لا أستسيغ اللحوم ولا أحِبٌها فقد أنعم الله عليّ بهذه النعمة فهو العارف بما سنلقاه في هذا الوطن من محَن ( شكراً يا رب) ولكن قلبي مع أخواني (اللحميين )الذين أعتادوا إفتراس اللحم يومياً ووجعهم وعجزهم عن شرائه فلقد أصبح اللحم لمن أستطاع اليه سبيلا… إستسلمنا كلياً لفكرة البلد الذي يسير بقدرة الله بلا رئيس وبلا قوانين تحمي الشعب وبلا أي مقومات لمفهوم الوطن …البلد المزرعة بكل ما في هذه الفكرة من فلسفة ،فالبقاء للأقوى ولمن يستطيع أن يحصل على رغيفه ليحفظ حياته ، نعم وطن النجوم أنا هنا … حدّق أتعرف من أنا ، هذا هو وطن النجوم الذي أريقت على جوانبه القصائد الحماسية والأغاني الوطنية والملاحم الشعرية والأساطير المقدّسة … ها نحن قد رفعنا الراية البيضاء وأقتنعنا بأن هذا قدرنا وبأن هذه العصابة الحاكمة أدرى منّا بمصلحتنا وبأنها تسرقنا وتنهبنا وتستحّل تعب عمرنا وبأنها سلّمت رقابنا كالنِعاج لسكين أصحاب المصارف وكبير ( الشطّار) رياض ( عليه السلام ) هذه العصابة تعمل من أجلنا ولكي نتعرّف على طقوس الزهد والتنسٌك والتقشٌف ، أي الإماتة للميول الدنيوية وكي نهرول الى السماء وندخل الجنّة بلا ذنوب فقد تعذبنا بما فيه الكفاية على ايدي حكّام الأرض … هذه السلالات الشريفة الطاهرة التي خصخصت البلد وخصخصتنا وسلطّت ورثتها علينا فلكل زعيم وريث وكل وريث له الحق في إسترقاقنا وبيعنا في سوق النخاسة… العصابة التي باعتنا وأكلت لحمنا وتركتنا هياكل عظمية وهم اليوم يتنافسون فيما بينهم من يحكم هذه الهياكل العظمية ومن يتولّى دفنها !!!
أعزّائي هؤلاء القتلة المحليين طبٌعونا بفسادهم وتركونا ضعفاء أمام المؤامرة الخارجية لتطويعنا والتي مازلنا نقاومها بما تبقّى لدينا من قوّة… وسنظّل نقاومها رغم فسادهم… وسنبقى نردد مع الشاعر الراحل أمل دنقل قصيدته الخالدة ( لا تصالح ) ولن نصالح …
عذراً منكم لهذه الرسالة اليائسة ولكنها مهرجانات الحزن والألم والسخرية السوداء من حال أصبح فوق الإحتمال …مبارك هذا الوطن مباركة عبوديتنا وسكوتنا وصمتنا عن فسادهم وإفقارنا وظلمنا !!!
هنيئاً لنا ( مرقد العنزة ) الذي نحتضر فيه ببطء…هنيئاً لنا بكم …
Discussion about this post