جعجعة بلا طحن واللعب بالنار لن يجدي نفعا، ما لم تكون النوايا صادقة وشفافة بالمطلق ما بين كل الأطراف .. وخاصة مشاركة القوة الوطنية الأكبر والحقيقية في الداخل السوري التي حملت وتحملت الكثير في حماية النسيج السوري والحفاظ عليه متماسكا، محققة معادلة تقول : الوطن يساوي قيادة وشعبا، وهي سياسة واستراتيجية قادت الوطن بشعبه وقيادته للانتصار، فمن المعيب تجاهلها أو تهميشها، وهي كل الوطن اولا وأخيرا..!! ..
سورية في عيون معارضة الخارج وعقل المحتلين ..!!؟، فقد توصلوا اخيرا القناعة تقول : أن المعارضة السورية في الخارج تدعو بعد اجتماعها في جنيف إلى العودة إلى المفاوضات المباشرة مع الحكومة السورية، وهي اليوم تتفهم وفهمت أن التطورات الدولية والإقليمية والسورية الحالية تؤمن ظرفاً مناسباً لاستئناف المفاوضات مع دمشق ..!!؟، فأخيرا قررت معارضة الخارج التّفاوض مع الدولة السوريّة والعودة إلى دِمشق والمُشاركة في الحُكم..!!؟، لكن هل ستتسلّم وزارات ..!!؟ ولكن ما هي أسباب هذا التحوّل اليوم ..!!؟ ..
بعد قرار عودة الجامعة العربيّة إلى سورية”وليس العكس ” لمن لا يريد أن يفهم هذه الكلمات بمضمونها, لانه حينها لا ولم يفهم ماذا كان يجري طوال الأزمة السورية المفتعلة ..،/!!، والمُشاركة الصارخة والمدوية التي نتجت عن المشاركة المباشرة للرئيس بشار الأسد في قمّة جدة، وتأكيد لقاءاتٍ سوريّة أمريكيّة تمت في مسقط برعايةٍ عُمانيّة..!!، لم يبق اليوم أمام ما تبقّى من المُعارضة السوريّة، أيّ خِيارٍ غير الجُلوس المباشر مع دِمشق وتسوية أوضاعهم من خلال مشاركتهم بمنصة دمشق ..، خاصة وقد تخلّى عنهم جميع حُلفائهم دُون، وأهمهم الأتراك والقطريّون، فهم ورقة احترقت وانتهى دورها .
البيان الذي صدر في ختام يومين من مُباحثاتٍ جرت في جنيف وشارك فيها 28 عُضوًا من أصل 36 من أعضاء الهيئة العُليا لهذه المُعارضة، تكشف عن مُؤشّرات حُدوث انقلاب جذري في موقفها السّياسي، أبرزه التّسليم بالأمْر الواقع، والمُتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، وفشل كُلّ الرّهانات على تغيير النّظام في دِمشق، مع التنويه لملاحظة خاصّةً هي الفقرة الأهم للبيان الذي صّدر وتقول فيه “اتّفقت الأطراف المُشكّلة للهيئة العُليا للمُعارضة السوريّة على بيانٍ مُوحّد اعتبرت فيه أن التطوّرات الدوليّة والإقليميّة والسوريّة الحاليّة، والحِراك النّشط الخاص بالمسألة السوريّة تُؤمّن ظرفًا مُناسبًا لاستِئناف المُفاوضات المُباشرة ..!! مع دِمشق ..!! .
لكن ماذا حدث ليعحل بصُدور هذا البيان :
حتما أولها .. فوز الرئيس رجب طيّب أردوغان في الانتخابات الرئاسيّة، واتّخاذ قرارًا بالانفتاح على جميع الخُصوم السّابقين خاصّةً مِصر وسورية ودول الخليج ووضع مُعظهم لبيضه في سلّة التّحالف الروسي الإيراني، أيّ عكس ما كانت تتوقّعه المُعارضة السوريّة والمِصريّة المُتمثّلة في حركة الإخوان .
أما ثانيها .. فهو تسليم قطر ماهر الدغيم المُعارض ورجل الأعمال السوري بعد سحب جنسيّته التركيّة وإبعاده إلى الدوحة، ومن ثم الزامه المُغادرة إلى دِمشق .
الاهم والملفت وهو الثالث .. غسْل القِيادة التركيّة أياديها من المُعارضة الإخوانيّة المِصريّة، ومُطالبتها بمُغادرة تركيا .
هذه التطوّرات الحاصلة إضافة لحظر المنابر الإعلاميّة الإخوانيّة في تركيا قبلها، والملفت الأكثر أهمية هو إعادة “منصّة موسكو” إلى الهيئة العُليا للمُعارضة السوريّة بعد إبعادها عام 2019 بسبب موقفها الدّاعي للحِوار مع السّلطة في دِمشق .
كلّ ذلك يوحي بأنّ الدّولتين الدّاعمتين لهذه المُعارضة، إلى جانب الولايات المتحدة، أو بإيعازٍ منها، حتّمت عليها التّماهي مع المُتغيّرات الدوليّة والإقليميّة التي تحدّثت عنها في بيانها، والتوجّه نحو المُصالحة مع السّلطات السوريّة، في محاولتها لتقليص الخسائر من خِلال التخلّي عن مُعظم المواقف السّابقة، والمحاولات المُباشرة مع دِمشق هي طريق العودة الوحيد لهذه المعارضة التي لطالما تمتعت واحيطت بدَعمٍ من الأمريكيين ودُولٍ عربيّة ضخّت مِئات المِليارات وآلاف المُسلّحين لإيصالها إلى السّلطة، بعد إسقاط نظام الدولة السورية “سِلمًا أو حربًا”, وليس ذلك إلا محاولة لخفظ ماء وجْه الجميع من خِلال اتّفاق “شكلي” يسمح بإشراك بعض الشخصيّات في حُكومةٍ جديدة ..!! .
لقد سبق للدولة السوريّة أن أصدرت عفوًا عامًّا أكثر من مرّةٍ، وقُبول عودة المعاقين من أبنائها بِما في ذلك من حملوا السّلاح .. وحتما رُموز المعارضة تسعى للمشاركة في الحُكم، وربّما يعتقدون بمنحهم بعض الوزارات .. بعيدا عن الوزارات السيادية ..!!، كل ذلك قد يأتي إرضاءً لبعض الدّول التي رفعت الحظر عن عودة سورية إلى الجامعة العربيّة، وأعادت فتْح سفاراتها في دِمشق وستقبلت السبد الرئيس في عواصِمها .
لكن في تركيزنا على المُعارضة السوريّة السياسيّة لا يعني تجاهلنا الأخرى المُسلّحة التي تتمركز حاليًّا في إدلب وريفها، ولا نستبعد أن مصير هذه المُعارضة قد تقرّر في الاجتماعات التي جرت على مُستوى قادة المُخابرات، ووزراء الدّفاع والخارجيّة السوريّة التركيّة، برعايةٍ إيرانيّة روسيّة، وسيتم اعتماده نهائيًّا في القمّة المُنتَظرة والوشيكة بين الرئيس بشار الأسد والتركي رجب طيّب أردوغان في موسكو وإعادة العلاقات كاملةً بين البلدين، والتّنسيق الأمني على أرضيّة اتّفاق “أضنة”، فتركيا اليوم كما يبدو قد انحازت للمُعسكر الروسي الإيراني وحلفاؤهم، وأردوغان أدار ظهره لأمريكا والدّول الأوروبيّة، معزّز بفوزه الأخير على مُعارضةٍ تُركيّةٍ تحشّدت لإسقاطه بدَعمٍ أمريكيّ أوروبيّ .
نعم المُعارضة السياسيّة أقرت التوجه طائعة إلى دِمشق، فأين ستذهب المُعارضة المُسلّحة وعتادها الثّقيل، والآلاف من مُقاتليها وعائلاتهم ..!!, حتما القادم من الايام والتطوّرات المُحتَملة على الأرض ستُجيب عن كل ذلك ..، لكن الأمْر المُؤكّد أن المُعارضة السوريّة التي عرفناها في الأمس بدأت تتغيّر لتُصبح أكثر واقعيّةً بعد أن خذلها حُلفاؤها من العرب والأتراك على وجْه الخُصوص .. .
لذلك نقول : سلاماً على الذين إذا عاهدوا لم يغدروا لأنّهم يعلمون أنّ”العهد كان مسؤولا”، وإذا أعطوا ميثاقاً لم ينقضوا لأنهم يعرفون أنّه”ميثاقاً غليظا”،وإذا أخذوا قلباً لم يعبثوا لأنّهم يعرفون أنّ “الله أمر أن نؤَدّي الأمانات إلى أهلها”سلاماً على أصحاب القلب الواحد والوجه الواحد والموقف الواحد .. .
قرات البيان الختامي لهيئة التفاوض ..!! والسؤال المشروع وطنيا وجماهيرية يقول : اين هي هيئة التفاوض .. بل أين دورهم وتاثيرهم ومكانتهم، وما هو تاريخهم الوطني، بل أين تضحياتهم من اجل الوطن .. .
إنهم حقيقة وواقعا ليسوا سوى اسماء بدون وجود، ونحن نعلم أن ما ينتظرنا في سورية الكثير ليتم تحقيقه مع عودة الأمن والأمان والاستقرار، وطبعا لابد من تعزيز الديمقراطيه السياسيه والاجتماعيه ومحاربه الفساد ومحاسبة المقصرين في سوريه، ولكن هذه الامور لا تحل في جنيف بل في دمشق إنطلاق من منصة دمشق مع جميع القوى الوطنيه الصادقه والتي تحملت الويلات من اجل الوطن، اين كانوا عندما اعلنت الحرب الكونيه المؤامرة على سوريه وادخلوا الالوف من الارهابين، وارتكبوا افظع الجرائم بحق شعبنا وصرفوا المليارات من اجل تدمير سوريه وهم يعلمون ان الشعب السوري من مختلف المكونات السياسيه والقوميه والدينيه يرفضون رفضا قاطعا التدخل في شؤونه الداخليه اوفرض امور من الخارج .
لقد دمروا العراق وليبيا ويريدون انهاء سوريه من الوجود باسم الديمقراطيه وحقوق الانسان وغيره من الشعارات البراقه، كلمة حق يراد بها باطل، بفضل صمود سوريه شعبا وجيشا وقيادة وحلفاؤنا في روسيا والصين وايران وكل الانظمة والقوى الوطنيه والثوريه في العالم .
لقد حققت سوريه انتصارات هامه وعادت الدول العربيه الى سوريه، وسينتصر القطب الصاعد الروسي الصيني الايراني ومعه دول البريكس، وكلنا نشاهد اليوم هذه التغيرات الكبيره في اميركا اللاتينيه وافريقيا .. لقد ولت سياسة القطب الواحد القطب الاميركي الاطلسي ولا عودة للوراء، ونحن اليوم أمام واقع وحقيقة تصاعد انتصارات القطب الروسي الصيني ومعهم سوريه والدول المؤمنة بحتمية التغيير، لقد فات قطار الحريه هؤلاء الذين يريدون اعادة سيطرة قوى الارهاب والظلام والاخوان المسلمين الى سوريه، انه حلم إبليس بالجنة، لاشك سوريه بحاجة الى الكثير والكثير من الاصلاحات، ولكن بالدرجة الاولى يجب طرد قوى الاحتلال الاميركي والتركي والاسرائيلي، وإعادة كافة المنشآت للدولة والحكومة، وإعادة النفط والغاز والقمح الى الشعب السوري الذي لطالما تحمل الكثير الكثير ..، ومن يطالبون بالديمقراطية يتمتعون برفاهية الدولارات وحصانة داعميهم وقد فرطوا بسيادة مناطقهم وتخلوا عنها بالفتات .. .
لذلك السؤال لهؤلاء الذين يدعون الوطنية ويطالبون بالحرية والديمقراطية ..!!؟, لماذا البيان لم يتطرق الى طرد المحتلين وإعادة الخيرات، ولماذا لايستنكرون الجرائم الاميركيه بحق الشعب السوري في نهب خيراته وشعبنا يعاني الامرين، لماذا لايستنكرون الحصار الاميركي وقوانينه الظالمه بحق الشعب السوري، لكنهم يطالبون بانتخابات من اجل انتصار القوى اليمينيه عملاء الاميركان والناتو، نعم نحن مع الديمقراطيه والانتخابات، ولكن هذا قرار وطني لا يقرره سوى الشعب السوري .
القرار للوطن ولكافة القوى الوطنية السورية ومعارضة الداخل الوطني التي تنادي بصوت اعلى من كل مكونات الخارج ..، القوى الوطنية طالبت وتطالب حتى اليوم بمرسوم عفو يتضمن الإجراءات التنفيذية بعيدا عن التدخل والاجتهاد الذي يتم من الجهات المعنية ويعطل تنفيذ المرسوم ..، خاصة ونحن مقبلون على الانتخابات مجلس الشعب عام ٢٠٢٤ لمجلس الشعب في شهر نيسان وأيار مفصل في تاريخ سورية وعنوان بداية التحولات إن تمت .. .
لذلك نتطلع لأهمية الأخذ بوثيقة عمان كمحور عمل أساسي ..، وننادي بالحل السياسي المخرج الوحيد من الأزمة الوطنية من خلال منصة دمشق الوطنية الجامعة لكل المكونات الوطنية وهو البداية ..، خاصة ونحن أمام مواجهة استراتيجية الخطوة مقابل الخطوة في الاستراتيجية السياسية القادمة لتكون في مصلحة سورية ..، فنحن مع تنفيذ القرار الأممي ٢٢٥٤ بشرط أن لا يمس بمصالح الوطن وشعبه ..، مؤكدين أن اللجنة الدستورية حق مشروع في عملها لتكون بوصلتها الوطن اولا ..، فإلى أين وصلت معارضة الخارج والوطن، واين القوى الوطنية في الداخل السوري واين دورها وهي تجمعات وطنية حقيقة عمادها ورأس حربتها الأحزاب المرخصة حديثا، وهي المهمشة حتى اليوم ..!! .
لذلك نجد أن المنطقة على شفى انفجار كبير بسبب ما قد استجد بدءأ من التقارب العربي – العربي بدون رضا الامريكي ..، والتقارب العربي – الايراني الصادم ..، إضافة إلى انحياز الدول العربية الاساسية ان لم يكن كل الدول العربية باستثناء المغرب وقطر الى جانب المحور المشرقي الصاعد ..، مع الأخذ بالاعتبار ازمة الكيان الصهيوني الداخلية، واتساع مساحة المقاومة الفلسطينية في الداخل مدعومة بمحور المقاومة .. .
متغيرات اليوم تعددت ومنها التاثير القوي لبيع النفط العربي بعملات غير الدولار، وانضمام او طلب انضمام السعودية ومصر والامارات وغيرهم الى منظومة البريكس ..
هذه كلها مؤشرات خطيرة على بداية ضعف القبضة الامريكية على منطقتنا، وتراكمها سيؤدي الى اضعاف النفوذ الامريكي، لصالح روسيا والصين ..!!,
لذلك تبدو احتمالات التصعيد وخلط الاوراق كبيرة في ظل هذه الظروف والصراع العالمي على تحقيق تواجد الأقطاب وإنهاء ما كان يسمى حقيقة القطب الواحد المنظومة المسيطرة والمهيمنة على كل منظومات العالم ..!!,، واعادة الترتيب حسب رؤية المنتصر هي المنتظرة اليوم .
د. سليم الخراط
دمشق اليوم الثلاثاء ٦ حزيران ٢٠٢٣.
Discussion about this post