الشهيد حسن زيد ضحية تميزه …
✒️سكينة حسن زيد
كاتبة سياسية يمنية
صرت ارى انه كان من الطبيعي ان يتعرض والدي لما تعرض له في مسيرته السياسية؛اغلب من مارسو السياسة من جيل الستينات وما قبلها كانو اما ثوار وعسكريين شاركو في حروب ودماء ،او ضباط أمن سياسي تورطو في مراقبة الناس وتعذيبهم، او اعضاء في جماعات سرية فقدو حريتهم،او فقراء وكادحين وعندهم احقاد طبقية وعنصرية وانتجهو السياسة لتغيير مسار حياتهم ومكانتهم،او عقائديين اعتبرو انفسهم أدوات واضاحي في مشروع كبير ،او عملاء لدول خارجية او مشايخ ورثو المكانة والدور عن ابائهم وتدعمهم قبيلة ورجال ….بينما والدي كان من قلة مارسو السياسة من باب الواجب الوطني ولانه رأى انه يملك وجهة نظر ورؤية عميقة وفهم كبير للواقع وشخصية قوية وثقافة ولا ينقصه شئ كي يمارسها،لكنه كان وحيداً لا قبيلة ولا عائلة سياسية كبيرة تدعمه ولا دولة خارجية …
وكان والدي بالرغم من عصبيته وحدته لكن يتميز بطهارة قلبه وخلوه من الاحقاد والنفاق وثقته الكبيرة في نفسه وشجاعته في قول الصدق حتى على نفسه ومحبته الكبيرة للناس وحبه للتواصل معهم…
جدي يعتبر من أغنياء اليمن (اباً عن جد)وكان والدي مثلا من اوائل الشباب الذين امتلكو سيارة مرسيدس بداية شبابة وكان وسيم ومميز ومثقف وأنيق(قالت عمتي انه كان دودة قراءة في طفولته)لا يكاد يترك الكتاب حتى وهو يأكل تميز في دراسته الجامعية ونجح في عمله وواصل دراسته في بريطانيا وامريكا…
كان والده ووالدته يحبانه كثيراً ويحترمانه ويجلانه كثيراً مع انه لم يكن الابن الاكبر لكن لتفرد وقوة شخصيته وصدقه ومحبته وعدم أنانيته وربما كانت محبة من الله!
اعتدت منذ طفولتي ان اسمع والدي وهو ينفعل بشدة ع بعض اصدقائه في مقيله ويصارح بعضهم بالقول:ولا تنسى ما تقل هذا لما تكتب التقرير(ع اساس انه يعرف انهم أمن سياسي)…
ولا يجرؤ احدهم ع الرد 😄
ويعود هذا الصديق في اليوم التالي يدوام عند والدي في مقيله كي يرفع تقريره ويستقبله والدي عادي جداً…
كنت اسمع والدي يقول احياناً عن هولاء الاصدقاء وهو يضحك:مسكين أكل عيشه يا رحمتاه، وقدو بيتهزأ مني 😄
كان والدي مهتم بعمله من باب النجاح لكنه ايضاً كان حريص ان لا يتنازل عن كرامته من اجل نجاح ما!كما ان ثراء والده كان يشعره بالاطمئنان المادي…
اتذكر اني كنت اسمعه مثلا يردد احياناً منتقداً البعض: فلان جبان خايف ع مرتبه ووظيفته انا لن اكون هكذا!! طز في الوظيفة والمرتب ان كانت ستذلني !!
وكان فعلا بالاضافة لكونه من اسرة غنية -مع انه تعرضت بعض تركة جدي من كل السلطات للنهب والتضييق-الا انه كان ايضاً فيلسوفاً ويؤمن ان غنى الانسان في قدرته ع الاستغناء لا بقدر ما يملكه…
وكان يقاوم حتى شعوره بالضعف والتعلق تجاه التدخين او كباية البن الصباح!
كل ما تعلق بشئ بقوة قرر ان يتحدى نفسه ويتركه فجأة ليختبر قوة ارادته …
كان لا يحترم ابداً من يضعف امام رغباته او مخاوفه …
و لا يؤمن بالعمل السري او المخالف للقانون او بالعنف …
او بالانتماء والولاء لغير الوطن ….او بالصمت عن قول الحق حتى ع نفسه…
الخلاصة ان شخص مثله كان اما لا يفهمه الناس ويشكون به لانهم يقارنونه بأنفسهم واطماعهم وضعفهم،ولا يتمكنون من مجاراة بساطته وتواضعه وتعامله مع الجميع بصدق وحسن نية،وحرصه على قول الحق و إنصاف الجميع حتى اعدائه …
او انه يستفز البعض الاخر و يثير الاحقاد والضغائن والحسد لديهم …ويحرك شعور النقص لدى الكثيرين ويشعر البعض الآخر بضآلتهم وحقارتهم تجاهه …ويشعر البعض بالذنب بسبب طهارة قلبه…
او يخيفهم ويقلقهم لانه يبدو قوياً بلا سبب واضح ولا نقط ضعف بارزة يمكن ان يضغطو عليه من خلالها ….
ولهذا كان من الطبيعي ان يتعرض لكل التشوية والاقصاء ومحاولات الانتقاص والاشاعات وسوء الفهم والاتهام بالتناقض او غيرها من التهم …
عاش والدي مختلفاً عن الجميع ،من جانب عاش كفيلسوف متمرد زاهد عابر في الحياة غير مرتبط بها فلم يبني حجراً ع حجر مع انه كان يستطيع ومن حقه وكان هذا هو الطبيعي لكنه لم يفعل ،و من ناحية اخرى عاش محباً للحياة والأناقة والناس …
اساء الكثيرون الظن به لانه استشكل عليهم فهمه،لم يكن والدي ملاكاً بالتأكيد(لا وجود للملائكة ع الارض)ولم يكن كاملا فالكمال لله وحده،ولم يكن الافضل في كل شئ واخطئ كما أصاب لكنه كان من أنبل الناس وكان عكس ما صوره اعدائه وافضل من ما تصوره اصدقائه بكثير …
فالحمدلله الذي ينصف عباده فهو العدل العليم الخبير 💚
سكينة حسن زيد
Discussion about this post