( متى يوم القيامة )
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com
قال الله عز وجل قبل حوالي ٣ الف وخمسمائة عام لنبيه موسى عليه السلام ( إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) في تحديده ل (متى يوم القيامة) مستخدما (آتية) و (أكاد أخفيها) في ذلك ، ثم بعد هذا التوصيف بحوالي ٢٣٠٠ عام قال لنبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ) مستخدما كلمة (اقترب) التي هي تدل على زمن اقرب من كلمة (آتية) ، واليوم بعد حوالي ١٤٠٠ عام منذ ان قال تعالى لنبيه محمد (اقتربت) و٣٧٠٠عام منذ ان قال لنبيه موسى (آتية) علينا ان نعي وندرك انها اكثر قربا ولكن مازالت بعيده وفقا لمقاييسنا الزمنية البشرية التي تعتمد على متوسط حياة الانسان الذي لا يتجاوز ال١٠٠ عام ، فماذا يعني ذلك ؟
الهدف من هذه المقدمة التبيينيه المرتكزة على الزمن ان سعي الكثير للبحث خلف مسألة متى ستقوم القيامة وتنتهي الحياة هذه هي مسألة مشتتة ومضللة ولا فائدة منها للبشر على الإطلاق لأن حديث الله عنها بهذا الوضع ثم توضيحه في آية أخرى عن مدة اليوم عنده مقارنة بمدته عندنا ( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) اي ان اليوم الواحد يتجاوز حياة ثلاثون جيلا بمتوسط (٣٠ سنة للجيل) ولا مقياس زمني محدد ليوم القيامة يجب ان نرتكز عليه حتى لو استند البعض على هرطقات معينة لا اساس لها كظهور ياجوج وماجوج وطلوع شمس من مغربها واعور دجال وغيرها من اطروحات صدقت كانت او لم تصدق فإنه حتى لو مثلا ظهر هذا او ذاك فإن بعد ظهورها لن تقوم القيامة الا بعد مئات أو ٱلاف السنين من ذلك وهذا يعني عشرات الاجيال سوف تمر حتى يأذن الله ليوم القيامة ان يحدث مع اننا نقرأ في القران الكريم ان اشراط الساعة كاملة قد ظهرت ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُم) ولم يتبق الا حلول ذلك اليوم الذي سيأتي دون انذار او علامات لا حقيقة لها مما ذكروها وسردوها بلا حق ولا حقيقة لان الله سرد اكثر من عشر آيات في القران يصف ان الساعة لن تأتي الا بغتة كما في الآية السابقة وايضا في قوله تعالى ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُون) وعليها يجب علينا ان نفهم ونعي ونهتم بما يلي :-
– ترك موضوع متى الساعة فلا حاجة لنا في ذكر هذه القضية ولن تفيدنا (يسئلونك عن الساعة أيان مرساها فيم انت من ذكراها) والإهتمام بقضية المسئولية في الحياة وواجباتنا ودورنا في كل مجالاتها لان الخوض في ذلك خاصة وهناك اكاذيب مضللة ستؤدي بنا الى التقاعس الكامل عن المسئولية والخوض في نقاش طويل عريض عن العلامات التي لا قيمة لها ولا فائدة
– بناء الارض كاساس هام من اسس الإستخلاف البشري فيها دون حضوع للباطل ليتحكم بنا مستخدما في تحركه ما يسمى (علامات كبرى وصغرى ) ومقارعته حتى اذا قامت القيامة في اي لحظة وفي يد احدنا فسيلة فليغرسها اي ليستمر في العمل التنموي حتى اخر انفاسه.
– ان نعي ونفهم ان يوم القيامة لكل انسان معروف وهو لحظة وفاته وموته لان الزمن بين موته وبعثه في ذلك اليوم لا يتجاوز ساعات معدودة في حسابه كما حصل لاصحاب الكهف الذين ناموا ثلاث مائة عام ووفقا لحساباتهم لم تكن الا يوما او بضع يوم لذا علينا ان ننظر الى يوم القيامة بانه قد يكون بعد ساعة او يوم او سنة او عشرين سنة اي ما تبقى لنا من حياة في هذه الارض ونعمل وفقا لهذه المقاييس الحقيقية التي هي اصدق وأبين وأوضح من مقاييس غير سليمة تسمى يأجوج والاعور والشمس من المغرب وغيرها .
وفي الاخير علينا ان نعي ونفهم ان الله لم يخلقنا في الحياة الدنيا لنحسب لمتى ستنتهي وتبدأ الحياة الاخرة ولكن لنعمل فيها لنسعد ونستقر في الاخرة في اطار مسئوليتتا التي نحملها على عاتقنا والتي لا يمكن لاحد ان يتجاوزها الى سعادة الاخرة الا بإتمامها كما يريد الله وبهذه النظرة علينا ان نتعامل في اجابتنا على اي سؤال مضمونة (متى يوم القيامة).
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post