في حفل تكليف زهرات المبرات في قاعة الزهراء(ع)
رعى العلامة السيد علي فضل الله الاحتفال الذي أقامته جمعية المبرات الخيرية في قاعة الزهراء(ع) في مجمع الحسنيين(ع) في حارة حريك لأكثر من أربعمئة فتاة لبلوغهن سن التكليف الشرعي في حضور عدد من الفاعليات الدينية والثقافية والاجتماعية وأهالي المكلفات.
بدأ الحفل بآيات من القرآن الكريم، فالنشيد الوطني اللبناني، ثم قدمت فتيات المبرات باقة من الأناشيد ومسرحية من وحي المناسبة، ثم القى العلامة فضل الله كلمة جاء فيها: يسعدني اليوم أن أكون بينكم لنحتضن معا فتيات بلغن سن التكليف وقررن بإرادتهن وباختيارهن ومن دون إكراه واجبار ان يدخلن الحياة من الباب الذي رسمه الله لهن في هذه الحياة… والذي جاء بناء على فطرتهن السليمة وعلى تربية سليمة حظين بها.. جعلتهن يملكن الوعي بان الطريق من باب الله هو الطريق الأسلم لحياتهن ولمستقبلهن في هذه الدنيا وعندما يقفن بين يدي الله لان الله لا يريد لهن إلا خيرا عندما أمرهن ونهاهن …
من هذا الباب نرى أنهن لبسنَّ الحجاب لكونه مظهرا وتعبيرا عن هذه الطاعة وهن على ثقة بأن الله لم يأمرهن به حتى يقيدهن بل ليكون عنوانا لإنسانيتهن وليظهرن في المجتمع بهذه الإنسانية لا بأنوثتهن التي تبقى في اطارها الذي حدده الله لها فلا الحي ولا المدرسة ولا الجامعة ولا المكتب ولا أي موقع من مواقع العلم والعمل هو ساحة لإبرازها فهذه المواقع هي التي تؤكد فيها موقعها الفاعل من خلال دورها في مختلف المجالات…
ونحن عندما نتحدث عن الحجاب فإننا لا نعني بذلك الشكل فحسب بقدر ما نعني المضمون فالحجاب كما هو حجاب للجسد هو حجاب للعقل عن كل فكر ينحرف عن الحق والصواب وللسان عن كل كلام يسيء إلى الاخرين وللحياة وللقلب عن كل حقد وبغضاء.
ومن هذا الباب ستدخلن إلى الحياة لتكن وفق ما أراد الله لكن اعزاء بان تكن خلفاءه على الأرض وان تكن الأحسن علما وعملا وخلقا وحضورا في ساحة الحياة التي لا بد من أن يكون لكنَّ فيها دور فاعل في كل ميادين الثقافة والاجتماع والسياسة والاقتصاد وفي بناء الوطن ونهوضه.
لقد بلغت فتياتنا ما بلغن من الشعور بالمسؤولية من خلال وعي امتلكهن لكن ذلك ما كان ليحصل لولا جهود أهاليهم الذين حرصوا على أداء دورهم اتجاه بناتهن عندما زرعوا فيهن حب الله والشعور بالمسؤولية اتجاهه والطاعة له ولم يتركوا بناتهن تتلاعب بهن مواقع الاعلام والتواصل وكل من يريد الإساءة إلى فكرهن وقلوبهن وحياتهن.
فهنيئا لكم أيها الأهل على هذه التربية ولكم كل الشكر والتقدير لما بذلتموه من جهد وتعب حتى اوصلتهن إلى الطريق المستقيم والذي تجاوز العمل لتأمين الطعام والشراب وغير ذلك من متطلبات الحياة وركزوا على التربية والتوجيه رغم الصعوبات والتحديات في هذا العصر وهنيئا لكم لما ستنالونه من ثواب عند الله، وهو ما أشار إليه رسول الله(ص) عندما قال:” من كانت له ابنة فأدبها وأحسن أدبها وعلمها فأحسن تعليمها فأوسع عليها من نعم الله التي أسبغ عليه كانت له منعةً وستراً من النار”
وبالطبع لا ننسى الدور الكبير للمؤسسات التعليمية التي أخذت على عاتقها دور التربية والتنشئة والتوجيه إلى جانب دور المؤسسات العلمية والمعرفية والتي تبني العقول فشكرا من كل القلب لمدارئنا ومعلمينا ومربينا على ما بذلوا وما قدموا حتى أينع هذا الحصاد الذي زرعوه فأثمر وعيا ونضوجا وتحملا للمسؤولية.
لكن كل هذه المسؤولية لن تنتهي بوصول فتياتنا الأعزاء إلى ما وصلن إليه بل ستكون هي بداية الطريق فمن اليوم سيواجهن تحديات وصعوبات كبيرة حيث ستطرح امامهن تساؤلات كثيرة عن الحجاب وهل هو واجب ولماذا في هذا السن لاسيما ونحن نعيش في مجتمع ظالم حيث هناك مدارس أو جامعات أو مواقع عمل لا تقبل الحجاب في داخلها.
من هنا ندعو فتياتنا إلى امتلاك الوعي الذي يجعلهن قادرات على الإجابة والتصدي لكل هذه التساؤلات والعمل على زرع الثقة بان الله سيجعل لهن فرجا ومخرجا وسيكنَّ بعين الله وحفظه وهو الذي قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}}ومن يتقي الله يجعل له مخرجا{وان تتأكدن بان الصعوبات التي واجهت الفتيات قبلكن استطعن تجاوزها بإيمانهن ووعيهن وانتن سوف تتجاوزن كل هذه التحديات بكل ثقة .
وفي الوقت نفسه ندعو الاهل إل مواكبتهن بالإجابة عن تساؤلاتهن وان يحصن عقولهن بالفكرة التي تناسب اعمارهن وبالدليل الذي يساندها وان يلينوا قلوبهن بالعظة التي تعزز لديهن محبة الله والخوف من عقابه والعمل على تقوية مناعتهن الروحية والأخلاقية ليكن قادرات على مواجهة هذه التحديات وان يمتلكن الحجة في مواجهة الحجة وبالبصيرة في مواجهة الخدع والاغراءات والدعايات التي تحمل السم في الدسم والصبر في مواجهة الضغوط…
وأهم المطلوب من الأهل أن يزرعن الوعي لديهن بان جمالهن لا يقف كما تسعى إلى تكريسه وسائل الاعلام والشركات والأجهزة والاحتكارات عند جمال الجسد بل الجمال الحقيقي والقيمة الحقيقة والحرية الحقيقة تتجلى في اخلاق الفتاة وفي عقلها ووعيها وامتلاكها لقرارها وفي سلوكها وتحررها من الشهوات والاستهلاك وفي حضورها ودورها الاجتماعي والسياسي والثقافي.
إننا نراهن على هؤلاء الفتيات الذي بهن يبنى المجتمع وبهن نستطيع تغيير واقعنا إلى الأفضل على مختلف الصعد
إننا نعتز بكنّ أيتها الفتاة الكريمات…… نعتز بهذه الطهارة وهذا النقاء… وبهذا الولاء لله تعالى… إننا نريدكن أن تكن صورة مشرقة في هذا الوطن الذي نعاني فيه على مختلف الصعد عندما تتسلحن بالوعي والعلم والمعرفة… وعندما تكن من المتفوقات في المدرسة… ونحن نريد منكنَّ أن تنطلقن إلى أن تحصلن على أرفع الشهادات وأهم الاختصاصات… وأن تتمسكن بهذا الدين وتعاليمه…
ليكن القرآن الكريم، كتاب الله، هداكم وقدوتكم رسول الله(ص) وأهل البيت(ع)لاسيما الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(ع)التي نريد منكن أن تستلهمن من حياتها مواقفها وتطلعاتها والتي هي خير معين لنا لتجاوز هذه الأزمة ولصناعة المستقبل الأفضل…
Discussion about this post