كَتَبَ إسماعيل النجار
لا أمل بغيثٍ يهطل من السماء لطالما أن أهل الأرض قد كفروا، بعد عشرون عامٍ على تحرك لبنان الرسمي من أجل الترسيم البحري بين لبنان وفلسطين من جهة، وبين لبنان وقبرص من جهة أخرىَ، النتيجة كانت التنازل عن الخط ٢٩ وبكل بساطة لصالح الكيان الصهيوني الغاصب،
بينما جولات تفاوضية عديدة سبقها محاولة لبنانية عام ٢٠٠٢ للترسيم من طرف واحد عبر مركز “ساوثمسون”لعلوم المحيطات بالتعاون مع المكتب الهيدروغرافي البريطاني لمعرفة حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة بهدف القيام بمسح جيولوجي لمعرفة ماذا تحوي بواطن المنطقة البحرية من خيرات،
وقَّعَ لبنان إتفاقاً مع قبرص في العام ٢٠٠٧ خلال ترؤس فؤاد السنيورة للحكومة اللبنانية آنذاك بشخص مدير عام ومساعد له مقابل فريق عمل قبرصي خبير ورفيع المستوى مؤلف من ١٢ شخصاً، خسِرَ بموجبها لبنان ما مساحته ٨٦٠ كلم° من المياه الإقتصادية اللبنانية الخالصة والتي تحتوي على ثروة نفطية وغازية هائلة تقدَر بمئات المليارات من الدولارات،
لبنان الهزيل على المستوى السياسي الرسمي، حرَصَ السير دائماً بين قضبان السكَة لكي لا ينهرهُ سيدهُ الأميركي أو الفرنسي،
أمَّا الموظفون المكلفون بإدارة الحكم والسلطة في لبنان كان حرصهم على عدم إغضاب أسيادهم والحفاظ على مناصبهم أكبر من حرصهم وحفاظهم على حقوق وطنهم وسيادتهِ وثرواته،
عام ٢٠١١ لبنان وعبر فريق عسكري من قيادة الجيش كُلِّفَ بالترسيم وقَّعَ إتفاقية مع الكيان الصهيوني من أجل تحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة بين فلسطين ولبنان،
والفريق العسكري المكلف إعترضَ على الإتفاق الذي وقعته حكومة فؤاد السنيورة مع قبرص وأدى إلى خسارة لبنان مساحة أل ٨٦٠ كلم°، والحكومة القبرصية تجاهلت حينذاك إعتراض الفريق العسكري البحري المكلف على الإتفاق المجحف بحق لبنان وأغتصاب جزءً يسيراً من مياهه الإقليمية،
الولايات المتحدة الأميركية حشرت أنفها بالترسيم بين لبنان وفلسطين وكلفت “فريدريك هوف” تقديم اقتراح لحل النزاع بين لبنان والكيان الغاصب يقضي بتقاسم الثروة النفطية في المنطقة المتنازع عليها والتي تبلغ ٨٦٠ كلم أيضاً يُعطَى منها للبنان ٥٠٠ كلم والباقي من حصة الكيان الصهيوني المؤقت،
رفض لبنان الإقتراح الأميركي وقام عام ٢٠١٨ بتوقيع عقود مع شركات أجنبية من بينها توتال الفرنسية وإيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية للتنقيب عن النفط،
فثارت ثائرة أميركا وأوفدت ديڨيد ساترفيلد إلى المنطقة، وأستمرَت المماطلة الأميركية حتى تكليف الصهيوني “آموس هوكشتاين” بملف الترسيم بين لبنان وفلسطين،
هنا بدءَ الجَد لأن الحرب الروسية الأوكرانية وضعت حداً لتدفق الغاز الروسي إلى أوروبا التي بدأت بالسعي الدؤوب مع واشنطن لإيجاد البديل قبل حلول الشتاء القادم لعام ٢٠٢٣،
حيث أصبحَ غاز لبنان وفلسطين بعين العاصفة وهو الهدف والحل الأوحد المتبقي بعدما أُقفِلَت كل آفاق الدنيا بوجه أميركا والقارة العجوز،
أولى زيارات هوكشتاين إلى لبنان كانت هديته فبها التنازل عن الخط ٢٩ كاملاً ليصبح من حصة الكيان الصهيوني بشرط إعطاء لبنان كامل حقل قانا الواقع على الخط ٢٣،
وكانت الفكرة من بنات أفكار شياطين السلطة اللبنانية الحاكمة المهددة بالعقوبات الأميركية،
ماطلَت واشنطن بما يكفي منح إسرائيل الوقت الكافي لإنهاء الحفر والتنقيب، وإسرائيل أنهَت عملها واستقدمت سفُن الشفط واستخراج الغاز إلى حقل كاريش الذي أنهت الحفر بهِ خلال فترة المفاوضات ضاربةً بعرض الحائط اعتراض لبنان الإعلامي المُزيف ولإطمئنانها بأن الإعتراض لا يتعدى البروباغندا الإعلامية الكاذبة،
هنا دُقَّ ناقوس الخطر،
فخرجَ إليهم رجلٌ أمين على لبنان صادق الوعد كرار كجدِّه علي بن أبي طالب(السيد حسن نصرالله) حفظه الله،
وحذرَ إسرائيل ومن خلفها أمريكا منومغبة الإعتداء على حقوق لبنان، وأرسلَ لهم أبابيل عادت منهم واحدة سالمة كرسالة صارمة للعدو لكي يفهم ويُفَرمِل أقدامه في البحر،
وصلت الرسالة وأنهالت اتصالات السفراء الغربيين لمعرفة جديَة حزب الله من خلال إعلانه النفير العام والتهديد بالحرب،
فكان جواب سماحته واضح وجَلي لن تستخرجوا نقطة غاز واحدة إذا لم يستخرج لبنان نفطه وغازه، والأمر يشمل كاريش وما بعدَ بعدَ كاريش،
إنقلبت الدنيا رأساً على عقب وقُرعت طبول الحرب وأصفرَ وجه أميركا وارتعبت أوروبا وتأمل اللبنانيون خيراً،
هوكشتاين الصهيوني اليوم في بيروت لمناقشة الخلافات حول الحدود البحرية والمسؤولين اللبنانيون سيبتسمون له ويرحبون به وسيجلسون أمامه كالأطفال ولن يتجرئوا على مجابهته،
بالأمس سمعنا كلاماً من مسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى “قوس قُزَح” بأنهم لن يتخلوا عن حق لبنان في المياه والغاز!
الأمر أخافني كمراقب لأن من يعرف هؤلاء المسؤولين ويراجع تاريخهم يرتعد ويرتعب من هول ما يكذبون ومن هول التنازلات التي سيقدمونها للعدو، وما يؤكد ذلك تجربتنا السابقة معهم عندما كانوا يشيخون ويهددون ويعدون اللبنانيون بالمَن والسلوىَ ويطمئنوننا بأن إقتصادنا وليرتنا بألف خير،
وهآ أنتم تعيشون اليوم ما وصلنا إليه بسببهم وتلتمسون نفاقهم ووقاحتهم واستخفافهم بالشعب اللبناني،
لذلك ارتعبت عندما سمعت انهم لن يتنازلوا للعدو عن شبر واحد من حقوق لبنان، دعونا ننتظر ونراقب ونتابع لنرى كيف سيختمون حياتهم السياسية بأي جريمة جديدة بحق الشعب النائم العاجز التابع المُخَورَف،
بنهاية مقالنا هذا نناشد المقاومة وسيدها أن تبقى أيديهم على الزناد وأن يمنعوا أيٍ من التفريط أو التنازل بحقوق لبنان،
والشعب الذي يؤمن بهذه المقاومة وسيدها ولم يخذلها، كله إيمان بأنها ستتصدى للمتنازلين كما الأعداء ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا بالله العلي العظيم.
بيروت في….
31/7/2022
Discussion about this post