وصلت “أنرجين باوَر” إلى القرب من كاريش واستقَرت صامتة على سطح مياهٍ هادئة ودافئة، تُحيطُ بها السُفُن الحربية ومن تحتها الغوَّاصات التي تحملُ صواريخَ قُبَّةٍ حديدية بحرية بهدف حمايتها، لا يُعَكِرُ صفو هدوئها سِوَىَ جعجعات الصحافة من هنا وهناك.
لبنان المَعني الأوَّل برُسُو (إنرجين باوَر) يعيشُ لحظاتٍ صعبة على وَقع الواقعة التي لَم يتوقعوها؟ فالواقع الذي فرضَ نفسه على اللبنانيين تموضَعَ على رأس الأولويات السياسية لكنه لم يؤثر على تشكيل اللجان وإنتخاب أعضائها المذهبيين، ولكن لَم يُقدِم أي أحد على إطلاق تصريح واحد يتعلق بموقفه من محاولات الإستيلاء الصهيونية على حقوق لبنان الغازية في حقل كاريش المتنازع عليه،
رئيس الجمهورية اللبنانية يحتجز المرسوم (٦٤٣٣) في أدراج مكتبه ولم يُوَقِعَهُ رغم تصريحاته النارية ضد العدو الصهيوني فيما يخص التنقيب عن النفط والغاز،
والحكومة لَم تتخذ موقفاً جامعاً من خلال إجتماع لمجلس الوزراء بإستثناء ما صَرَّحَ بهِ تملُقاً رئيسها نجيب ميقاتي، وأيضاً مجلس النواب المُظَفَّر لم تتقدم منه أي كتلة بقانون معجل يؤيد تصدي لبنان للخطوات الصهيونية،
وحزب الله المُطَوَّق بألسُن الأفاعي السامَّة، أصبح الآن في موقع المُحاصِر لهؤلاء بعدما أعلنَ نائب أمينه العام بأن ما يحصل هو شأن الحكومة اللبنانية وقال أنهم يقفون خلفها في أي قرار تتخذهُ؟
كما أولَى الأمر أهمية قصوىَ وتم تعيين السيد نواف الموسوي مسؤولاً متابعاً للملف،
لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه وسط التخبط السياسي اللبناني الكبير وإبتلاع الأكثرية من المسؤولين ألسنتهم، بإستثناء قِلَّة تُحاضر بالعفاف ولم تأتي بجديد،
هل تأكدتُم أن المقاومة حاجة مُلِحَة للبنان أم لا؟ وهل مَن يُطالبون بسحب هذا السلاح ويطلبون اليوم منها التصدي للسرقة الإسرائيلية الموصوفه،
سيعترفون بإن هذه المقاومة وسلاحها ضمانة لبنان المتبقيَة للحفاظ على ثروتهِ النفطية والغازيةأم لا؟
إذاً ألقى حزب الله الكرة في ملعب السياديين القدامىَ والجُدُد وهو ينتظر ماذا سيصدر عنهم ويدهُ على الزناد،
والسيد نصراً أكد جاهزية الحزب لمنع الكيان الصهيوني من السطو على حقوق لبنان، وهوَ يعرف تماماً ماذا يريد أن يفعل وماذا يريد أؤلَئِكَ المتشدقون،
بعض حلفاء أميركا لا بُد أنهم تلقوا التعليمات من عوكر بخصوص الملف والحُجَة التي تدور على ألسنتهم همساً أن لبنان لا يحتمل إصدار قانون من مجلس النواب بالإجماع، لأن الأمر دونه وفتح النار الإسرائيلية على الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها مما ينقُل لبنان بأكمله إلى داخل دائرة الإستهداف الإسرائيلية، (حُجَة واهية).
ويفضلون التصويت بالنصف + واحد ليكون حزب الله وحيداً في المواجهة دون إجماع وطني وتحميله مسؤولية ما قد يترتب من نتائج على القضية،
بدوره حزب الله يرفض أن يتخلى عن حقوق وطنهِ وكما في السابق سيفعل مجدداً لم يطلب الإذن بالدفاع عن أرضهِ ولم يطلب حماية أحد،
اليوم سيطل الأمين العام السيد حسن نصرالله ليعيد التأكيد على ثوابت المقاومة لجهة حقوق لبنان وحماية ثرواته وسيتوجه للبنانيين بنداء ليكونوا صفاً واحداً نُصرَةً لمستقبل أبناؤهم ووطنهم المنهار، وسيضع الجميع أمام مسؤولياته، لأن المعركة لأجل الغاز هي دولية بإمتياز وليست لبنانية إسرائيلية فالأمر أبعد من ذلك بكثير، لأن أميركا تحاول تجفيف مصادر تمويل الدولة الروسية من الغاز المسال الذي تحتاجه اوروبا، والغاز اللبناني الفلسطيني خير بديل ومخرج أخير فإن إستطاعوا نقل ملكية كاريش لصالح الكيان الصهيوني يكون البديل قد تأمن،
إذاً المعركة دولية بإمتياز وثروات اللبنانيين ضحية،
في الوقت عينه لن تسمح واشنطن للبنان من الإستفادة من نقطة غاز واحدة مهما كلف الأمر فهي دولة ماسونية لئيمة لا ترغب بقيامته لطالما أن إلى خاصرة الكيان الشمالية يوجد مقاومة ويوجد سلاح يهدد أصل وجود هذا الكيان الغاصب،
مخرج تحييد الدولة اللبنانية والجيش سهل جداً وبسيط شرط أن يكون في رُكَب المسؤولين اللبنانيين الكبار زيت، وفي رؤوسهم ضمائر، أو يمتلكون وطنية بكل ما للكلمة من معنى.
بإنتظار ما سينطق به سيد الوعد الصادق مساء اليوم، سننتظر معاً ونبني على الشيء مقتضاه.
بيروت في…
10/6/2022
Discussion about this post