د.سليم الخراط
فقد رحلت بكتابتي مستقرءا مابين كاتيين وباحثين عالمين الميداني و الحبش، اللذين كتبا معالم تستطلع وتسبر ماضي أمتنا و علمائها و فقائها وابمائها ومعالم تراثها، وجميل الكلام حين يقال : وبلسان أهل الشام أحكي قصّتي وعلى خدود الدهر أذرِفُ دمعتي، ولمجدها الأُمَويِّ أرحلُ باحثاً عن وجه جَدّي في مرايا جدّتي، هي قصّةٌ سرق الزمان حروفها، فسرَقْتُها وكتَبْتُها في مقلتي، وغداً سأكتب عن دمشق وأهلها ولسوف يُقرأُ ما كتبتُ بنَعْوَتي ..!!
من بيتنا لَمْلَمْتُ سرَّ مدينةٍ كانت ترشُّ العطرَ فوق مخدّتي، كبُرَتْ معي ..!! فرِحتْ معي ..!! حزِنتْ معي ..!! قاسمْتُها ما كان فيها قِسْمَتي !! وبها زرعتُ الياسمين فعرَّشَتْ أزهاره وتساقطتْ في مهجتي ..!!
كان اسْمُها الشامُ الأبيّةُ … عندما كنا معاً في عمْرِنا الغضّ الفتيْ، كنا إذا مرّ الصباح بدُورِنا نلقى الصباح على بساط البهجةِ، وإذا سقانا اليومُ كأسَ همومه نهديه عند الليل كأسَ الفرحةِ ..!!
كنا نلوّحُ للحياةِ بعزّةٍ ونرى دمشقَ منارةً للعزّةِ، كنّا وكانت أمنياتٌ وارتمَتْ بين الركام على دماء أحِبّتي، أحببتها .. لكنني ودّعتها وعلمتُ أني بعدها كالميّتِ ..!!
فلتعْذريني يادمشق لأنني لم أنتظرْ … ولتعْذروني إخوتي، قررتُ أن أمشي بليلٍ مظلمٍ وحدي أسيرُ ولست أعرف وجهتي، عيني على المجهول ترجو عنده ما خلَّفَتْهُ جوارحي في جنّتي، وعلى ربى الآهاتِ أوقفني غدٌ، متسائلاً فأجبته : واخجلتي ..!!
هل تعرفُ الأيام من أين ابتدى، درب الضياع وكيف ضاعت أمّتي ..؟!، بالله يا شام اخرُجي من مقلتي، لو لحظةً أغفو بها في غربتي ..!!! ..
وهنا الكلام الاكثر عمقا حين نستطيع ان نفرق ما بين الفقيه وبين رجل الدين ..؟
حيث رجل الدين (الواعظ) هو الشخص المطلع على الكتاب والسنة وهو (راوي) وهو مؤهل بذلك أن يفتي في العبادات، لأن مدارها على الكتاب والسنة ..!!؟..
أما الفقيه فهو شيء آخر ..!!؟. فهو الرجل أو المرأة ممن اطلع بعمق على الشريعة، ثم درس القانون الفرنسي والانكليزي والالماني، ودرس القانون الدولي، ووعى الاستحسان والاستصلاح والعرف الدولي (الإجماع) وحقوق الإنسان، وشهدت له جامعات الحقوق بالعلم والتخصص، وقام بإعداد القوانين (في غير العبادات) استناداً إلى هذه المصادر الشرعية والدولية ..!!؟.
هذا هو بالضبط أبو حنيفة وأبو يوسف والشاطبي والقرطبي في زمانهم، وفي زماننا هم الفقهاء الحقوقيون الذين كتبوا الدساتير والقوانين المدنية في الدول الإسلامية، ولا يزالون يكتبون في كل يوم قوانين جديدة للحياة ..!!؟.
رحم الله عبد الرزاق السنهوري ومصطفى الزرقا وفارس الخوري ومعروف الدواليبي ونظراءهم من الفقهاء الرائعين ..!!.. .
فنحن من كنا امة ترعى الغنم، فجاء الاسلام، فجعلنا امة ترعى الامم وعندما ابتعدنا عن الإسلام صرنا اغناما ترعانا الامم، اللهم ردنا إليك ردا جميل، وخذ بيدنا، لكي نؤمن بك حق الايمان فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونصبح من جديد خير امة اخرجت للناس ..!!.. .
لذلك كان الجميل ان يكون الكلام جميلا، والجميل ان نستطلع و نسبر مفاهيم واقعنا و اسقاطات الماضي عليه، فمن هنا نستطيع ان نقرا جميل الكلام من اهل الكلام، ونستطيع ان نفهم ماضي أمتنا و رجالاتها وزمن مضى وكانوا هم المنارات التي لا تتوقف عن انارة الحياة واستطلاعها و سبر أغوارها، فمن هنا البداية، ومن هنا نصنع النهاية، و ختام الحتوته يقول : امة ووطن وانتماء وهوية، ونحن اليوم اكثر ما نكون بحاجة لبيان هويتنا وبيان مكاننا في هذا الزمان ..!! .
لذلك القادم هو التحدي او الخنوع، حيث تبنى الحضارات بإرادة ابنائها، و تسحق وتدمر، وادوات سحقها وتدميرها أبناؤها، فهم سلاح مباشر يتم اعتماده من قبل القوى المدمرة للشعوب في العالم، و التي مركزها و نواتها حكومة الظل و استراتيجياتها لحساب تحقيق مصالحها وحمايتها بتقاسم العالم و تجزاته، والتي تختفي تحت مظلتها تلك الدول بانظمتها الحاكمةالممعنة في ممارسة أدوارها على شعوبها، و الحارس لمصالح هذه الأقطاب، فهي من قبلت الاستمرار في حكمها لشعوبها لحساب وصاية مخفية هي تحقيق مصالح حكومة الظل، وتنفيذ تعليماتها لاستمرار الأنظمة الحاكمة وبقائها واستمرار سياساتها
د.سليم الخراط
دمشق اليوم الثلاثاء ٢٢ شباط ٢٠٢٢.
.
Discussion about this post