جهادُ انتساب
صفاء فايع
شرع الله الجهاد لإحقاق الحق وإعلاء كلمة الله ،ولم يكن الجهاد كغيره من العبادات الأخرى التي لاتأخذ من الإنسان إلا قليلا من الوقت و الجهد لأدائها كالصلاة والصيام والحج والزكاة بل إنه يحتاج إلى كل العبادات لتُكمله ويُقدم في سياق صحيح على أرقى مستوى ، فالمحرك الأول والأساسي للجهاد ليس إلا النفس الزاكية والروح الذائبة في حب الله ، وطالما قرأنا في كتاب الله ارتباطه الوثيق بالإبتلاءات كنقص الأموال والأنفس فهو أيضا يحتاج لقوة إيمان وصبر وجلد ، لكننا في الوقت الحالي رأينا شكلا آخر للجهاد نستطيع تسميته بـ(جهاد الإنتساب)…
جهاد الانتساب هو واقع مؤلم يتجسد، ولا أحد يستطيع انكاره ولم يكن يتوجب أن يصبح الوضع بهذا الشكل المخزي ،لولا الفهم الخاطئ والوعي القاصر ،فمن لايريد أن يُقدم في سبيل الله لاماله ولانفسه ولاجهده ولا علمه ولا أي شيء، من العار عليه أن يُقدم نفسه للآخرين تحت عنوان مجاهد ؟! لكننا نرى الكثير أصبحوا يفعلون ذلك
وأجزم أن الأغلب لم يسل له عرق في ساحات الوغى فمابالنا بالدماء!
وللأسف أصبح الجهاد كأنما هو بطاقة عبور لأغراض الدنيا وليس لنعيم الدنيا والآخرة !
في الحقيقة أن مصطلح (مجاهد) في بلدنا أصبح في كثير من الأحيان وسيلة (للمتهبشين) للوصول إلى غايات لايمكنهم الوصول إليها إلا من خلاله ، فالبعض قد لايقوم بأداء العبادات الواجبة عليه كمسلم قبل أن يكون مجاهدا ،لكنه يحرص على أن لايذهب إلى أي مكان إلا وهو يرتدي السلاح ويلبس البذلة العسكرية ،ليُشار له بالبنان ويُقال بأنه (رجَّال) فبعد العدوان حقيقة لم يعُد أحد يحظَ بالاحترام كما المجاهدين الذين أرخصوا الأرواح للدفاع عن الدين والوطن.
أمور كثيرة تنطوي تحت لقب مجاهد ،فمن ارتدى ثوب الجهاد فكأنما ارتدى ثوبًا ناصع البياض ،وأبسط الأوساخ ستظهر عليه للآخرين جليةً كماشروق الشمس ،كيف لا والمُفترض أن زكاء نفس هذا الشخص وإيمانه قد ارتقيا به للوصول إلى هذا اللقب ،والجهاد كما نعلم هو بذل الجهد في جميع المجالات لإعلاء كلمة الله ،فكيف بمن يلقب نفسه مجاهدا وهو عاق لوالديه !وكيف ذلك لمن لا يغضُ بصره ! وكيف ذلك لمن لا يسلم الناس شر لسانه! وكيف بمن لايتورع عن أخذ حقوق الآخرين بدون وجه حق ! وكيف بمن لازالت شهوات الدنيا تستهويه وتجذبه ولا يجد حرجا بفعلها ولو احتراما للقبٍ لقب نفسه به ! كيف بمن لايتق الله في ارحامه !كيف بمن لايخاف الله بالأفتراء والكذب على الآخرين من أجل تحقيق مصلحه دنيوية! كيف بمن لايتق الله في معاملته لأسرته وزوجته وأولاده المعاملة الحسنة!
لم يقتصر الموضوع على الرجال فحسب فـ للنساء نصيب وافر من هذا العجب العُجاب وإلا فكيف بمن لاترتدي ثوب الحشمة لا في ملبسها ولا تعاملاتها مع الرجال تسمي نفسها مجاهدة وفاطمة الزهراء قدوتها ! كيف بمن تدفِن في حفل زفافها كل قيم ومبادئ المجاهدات السائرات على نهج فاطمة وزينب! كيف بمن لاتلبس ثوب الحياء الذي هو زينة المرأة ناهيك عن المجاهدة مازالت تتبختر بهذا اللقب ! إن الجهاد هو درجة عالية من التقوى ومن الواضح أن الجميع أصبحوا يعرفون ويفخرون به كوسام شرف وعزة لكن إذا كان الدين معاملة فماهو الجهاد الذي يحمل هؤلاء بل إلى أي دين وجهاد ينتسبون؟
#اتحاد_كاتبات_اليمن
Discussion about this post